توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على الدرب..

  مصر اليوم -

على الدرب

بقلم - ماجدة الجندي

للحنين مأوى.. لما يأخذك دون هوادة وتروح تفتش، باحثاً عما يرطب.. ولو بضع قطرات من ندى.. هكذا أخذنى المسار إلى «ربع السلحدار»، على مقربة من المسجد الحسينى.. يغنيك «أحباؤك» ضمن فيضهم السخى، بطرق ودروب، فإن شبه لك أن حلقاتها «استحكمت»، تطلع إلى المنافذ وإن توارت، فهى ما زالت قادرة على ضخ رفات البِشر، بكسر الباء.. لم ألتفت إلى أكثر من أربعة عقود تفصلنى عن المرة الأولى التى كان فيها مسعاى إلى منطقة الجمالية.. لم ألتفت إلى بطء خطوى وتلاحق أنفاسى.. حتى هبات القيظ لم تقوض شلالات الحنين الغامر، الذى أججته تلافيف روائح المكان.. تستوطن الروح أمكنة وأزمنة.. ولا تستثنى الروائح والمذاقات.. غيرت السنون بعض الظاهر.. ربض كمين شرطى عند مدخل ساحة الحسين، وحال نصف سور حديدى دون المرور بغير تفتيش، هو مجرد نظرة مارقة إلى محتويات حقيبتى.. حقيبتى التى لم تعد تحوى الكثير.. لا كتباً ولا أوراقاً ولا أقلاماً ولا جهاز التسجيل ذا الشرائط.. «عدة الشغل» التى أثقلت حقيبة فوق الكتف لعقود، ما عادت اليد ولا الكتف يقوى.

قبل ما يقرب من أربعة عقود ونصف، حين «انتظرنى» هناك، فى منتصف الساحة ليأخذ بيدى فيما جهلته، وغاب عنى، ولجأت «إليه» فيه، ساعية، علَّ النور يدلنى.. وهذا ما كان.. لم يكن فندق المشهد الحسينى وقتها قد غطى سطحه بالأسقف الخشبية، ولا كانت «فرشات» البائعين، قد تجاورت فيها قطع نحاس فاقدة الروح، بميكنة فى الأقاصى، وثياب ترتر وطرابيش وسبح.. أيامها كان الوصل ما زال قائماً، ما بين الأنامل والأرواح.. بين الأصابع التى تدق النحاس أو التى تخرط الخشب وترصع الأصداف وبين مكنون الصدور.. تعلق قلبى «باللحظة».. لحظة كانت أشبه بغيمة أو بخيمة، نسجها المكان وروائحه، ضوؤه المقطر، وسكينته المتسربة، دون إعلان.. سرنا متجاورين وأصابع يده لا تكف عن الإشارة.. إلى مئذنة هنا وبيت هناك.. لناصية وباب موارب، وبين طرفة عين وأخرى أسترق نظرة «إليك».. شاخصاً إلى ما لا أعيه.. نفس النظرة التى ظلت «مكمناً» لواحات صمت «يبوح».. قرأت فى سرى فاتحة الكتاب: للونسة والألفة والود وحفظ العهود والصفح الجميل.. للإنسانية والتوق دوماً لعالم مزدان بعدل وحرية ورحمة.. لطهارة اللقمة والنوايا والكد.. لمواطن الجمال، لما تصير «قبلة الروح».. «للكتف»، الذى له استندت وأستند، ولمن أزاح ظلمة الروح، وعمر القلب.. مسحت وجهى الغارق فيما بين حبات عرق وعبرات مكتومة، و«ظمأ»، لم تروه زجاجة ماء أحملها.. توقف خطوى هفوت إلى «طعم».. مذاق.. لراحة «بل الريق».. رضا «الارتواء».. كيف يتوحش الظمأ، إلى مدى لا يرويه ماء ولو كان زلالاً.. توازى سيرى باتجاه الدرب، واصطفاف يجاور الأزهر، سيارات شرطة ورجال يتلمسون مساحة ظل.. هجير «الشمس»، مهما قسا، يخف بظل جدار وسقف.. لكن «للروح» هجيرها، الذى لا يرطبه جدار ولا سقف.. ربما يخفف من وطأته، سعى باتجاه «ربع السلحدار».. الذى كان «فاتحة كتاب عيشنا».. أول خطوى على دربك، كان باتجاه «ربع السلحدار» فى خان الخليلى».. أهديتنى إياه حياً.. مُعاشاً (بضم الميم).. كنت «أنت» من فك شفرة أبجدية مصريتى.. عمدت انتمائى.. علمتنى «أن أعرف»، «فأدرك»، «فأحب».. أعرف وأدرك قيمة ما ومن أحب.

بتاريخ موجز لربع السلحدار، لاح دربى.. قبل أن نصعد درجاته المتآكلة لتعرفنى بالحاج «صالح» رحمه الله.. بعض من سلسال الأنامل الذهبية.. حدثتنى عن أنه حوى أنفاس الأفغانى والنديم وسعد زغلول وكيف من قبلهم، آوى إليه شهبندر التجارة.. سوق جهاكس الخليلى، الذى لم أسمع به إلا منك.. هل كان «جهاكس الخليلى» قبل أكثر من أربعمائة عام، يدرك أن «سوقه»، والدرب إليه، سوف يكون بعضاً من السلوى؟.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على الدرب على الدرب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon