توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنهم فتية غرتهم الشهادات!

  مصر اليوم -

إنهم فتية غرتهم الشهادات

بقلم - محمد الرميحى

على الرغم من المشكلات الضخمة التى تواجه الأمة العربية، من شرقها الى غربها، وتفرض عليها تحديات غير مسبوقة، منها الاقتصاى والاجتماعى والسياسى، بل حتى العسكرى، فإن قضية لها علاقة مباشرة بما نحن فيه، وهى حمى السباق للحصول على شهادة عليا حتى بالتزوير لدى كثيرين، وعندى ان مهنة جيدة فى اليد او حرفة فنية مضمونة الدخل، خير من ألف شهادة على الرف، إلا اننا دخلنا فى مرحلة ثقافية يمكن تشبيهها بأنها (زمن الشهادات) زمن المظاهر التى حرفت الأهداف العظيمة للعلم من مقاصدها، هذا التكالب على الحصول على شهادة (دكتوراه إن امكن) ،او بحدها الادنى (ماجستير) تستر بها جهل فاضح للبعض ومختبئ خلف ادعاء المظاهر الكاذبة هو آخر الآمال؟.

قضية الشهادات المزورة انفتح منذ أشهر وعلى الواسع ملفها فى الكويت وبعض دول الخليج، ولكنه لم يصل الى ما يجب ان يصل اليه، وهو اغلاق الملف قانونيا واخلاقيا بنجاح، لانه تبين ان الموضوع كبير، وقد اخترق بعض حاملى الشهادات المزورة مؤسسات التعليم، ومؤسسات الدولة، الى حد ان فتح الملف على مصراعيه وتنظيف هذا الجرح مرة واحدة، والى الابد، سوف يفتح جروحا اكبر واعمق؟ لانه تحول من ملف اخلاقى، الى ملف سياسى بامتياز.

ومع فتح الملف من بعض المخلصين، تبين ان هناك شبه عصابات منظمة فى بعض مؤسساتنا وفى الخارج عملها الرئيسى للحصول على دخل مجز، هو تزوير الشهادات، تلبية لرغبة مريضة من البعض لاكمال (الوجاهة الاجتماعية) وتقريبا كل يوم يظهر فى الصحف العربية ان طبيبا يمارس مهنة الطب منذ سنوات، تبين ان شهادته مزورة، أو مهندسا عمل فى تشييد المبانى كان مزورا، او استاذا فى الجامعة درس لأجيال من الشباب، او مسئولا كبير فى الدولة، حتى تعدت الظاهرة ان تكون محصورة، بل هى اصبحت ظاهرة مرضية منتشرة فى معظم إن لم يكن كل المجتماعات العربية! السؤال الذى يتبادر الى الذهن، ألا يوجد تزوير فى الشهادات العليا والجامعية فى مجتمعات اخرى؟ الاجابة بالتأكيد نعم، ولكن الظاهرة هناك محدودة، وعندما تكتشف بعض حالاتها، يتخذ بشأن فاعلها او فاعليها اشد العقاب، ويتم فضحهم ومن تعاون معهم على الملأ وعلى نطاق واسع، فهى اذا لا تشكل ظاهرة عندهم، كما هى بالفعل فى المجتمعات العربية، لان المجتمع هناك لديه آليات الكشف المبكر عن مثل تلك الحماقات، لقد دخل على ملف الشهادات المزورة وسائل الاعلام الحديثة، فقد انتشر فى بعض بلداننا اعلانات على تلك الوسائل تدعى بانها مستعدة (للمعاونة فى الحصول على شهادة عليا) طبعا لمن يدفع، كما انتشرت فى المقابل مواقع إلكترونية هدفها الرئيسى (التبليغ عن الشهادات المزورة) وهكذا يعمل الإعلام الجديد بشكل سلبى مرة و اخرى ايجابى فى هذا الملف الخطير. من التسرع لوم صاحب الشهادة المزورة لوحده على فعله، فهناك من يساعده، على ارتكاب تلك الحماقة، مع الاسف حتى فى مؤسساتنا التعليمية، يساعد البعض على انتشار وتوسع الظاهرة. هذه الظاهرة، تزوير الشهادات العليا بأشكالها المختلفة،إما بالتزوير المباشر او مساعدة البعض للحصول على شهادة فُكر فيها وكتبت من آخرين، او فتح دكاكين لتوزيع مثل تلك الالقاب، لمن يدفع الثمن المعلوم، كلها تصب فى مصب واحد، هو مخادعة المجتمع، والحط من مكانة العلم الرفيعة، واخذ الناس لاشخاص على غير حقيقتهم، بل والحصول على احترام (مزور) من المجتمع وربما دخل ايضا. اما الجانب الثقافى فهو تلك المكانة شبه القدسية التى يضعها المجتمع على اللقب العلمى، على الرغم انه فى تاريخنا العربى القريب والبعيد، كان هناك من الرجال والنساء الافذاذ الذين أسهموا فى رقى مجتمعاتهم، دون التشدق بعنوان لشهادة علمية، وان اردنا عدهم ربما لا نستطيع احصاءهم، ولكن ذلك كان فى زمن غير زماننا.

أرى ان اهمال مثل هذه المظاهر والاهم السكوت عن مناقشتها بشكل اوسع، هو دليل على مرض يصيب المجتمعات، وينقل المستوى الثقافى والاخلاقى الى اسفل الدرجات، وهو من اخطر الامراض الاجتماعية والثقافية التى يمكن ان تصيب المجتمعات، لأن تأثيرها السلبى يتجاوز الاشخاص الى الخطط التنموية فى المجتمع. لن نتخلص من هذه الظاهرة المرضية إلا من خلال طرحها للنقاش واعتبارها قضية راى عام، وانها تعطل التنمية المرجوة، بل تدفع المجتمعات العربية الى الخلف، فى الوقت الذى اصبح العلم بأشكاله المختلفة هو الرافعة الحقيقية للمجتمعات، فسباق العالم المحموم اليوم طريقه وسلاحه العلم، اما اذا احيط المجتمع من جهة بافكار غيبية فى تفسير الظواهر المختلفة، ومن جهة اخرى بشهادات مزورة تزيد الجهل جهلا، فإن هذا النوع من المجتمعات لا يرجى له الافاقة من الغيبوبة فى القريب، بل يبقى فى آخر صف التطور الانسانى.

نقلا عن الاهرام القاهريه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنهم فتية غرتهم الشهادات إنهم فتية غرتهم الشهادات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon