توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحاجة الماسة للخيال الأدبى

  مصر اليوم -

الحاجة الماسة للخيال الأدبى

بقلم - بهاء جاهين

 الكتابات الفانتازية واقعية؛ من حيث أنها تعكس الحاجة الماسة للخيال, الجامح, لمواجهة ثقل الحقائق اليومية ورسوخها على القلب, وأسرها للعقل فى عقال التكرار والسأم, والبياض الإسمنتى الكالح للجدران. وإن كانت الفانتازيا, أو الكتابة المغرقة فى الخيال, هى عكس الواقعية كأسلوب, فإن اللجوء إليها تعبير عن احتياج إنسانى موجود منذ القدم: فى الحكايات والأساطير وحواديت الجدات وقصص الحيوان وغير ذلك من أعمال أدبية أو فلكلورية هدفها فهم الواقع أو تفسيره, أو التكيف معه عن طريق التخفف من ثقله والهروب المؤقت من وطأته. دارت فى ذهنى هذه الأفكار وغيرها, وأنا أقرأ آخر نموذج وقع فى يدى من أعمال الفانتازيا, أو قصص الخيال الجامح الموغل فى الإغراب والعجائبية, بينما تشعر طوال الوقت وأنت تقرؤه بما يجثم فى لبه من نواة ثقيلة للواقع اليومىّ, الذى تضرب أجنحة الخيال المحلق بقوة للإفلات من أسره. هذا النموذج الذى قرأته أخيراً, باستمتاع وببعض الوجع, هو رواية «الوصفة رقم 7» للأديب والكاتب الصحفى الشاب أحمد مجدى همّام, الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية.قبل أن أنتقل إلى تفاصيل العمل, أود أن ألفت القارئ الكريم إلى أن وظيفة الفانتازيا, مهما بلغت من شطط وشطح, هى فى جوهرها وظيفة الفن كله مهما انغمست نماذجه فى دقائق الواقع وبدت مستغرقة فيه. فالفن كله تحليق فى الجمال. وكثير من الأعمال الواقعية حين تغوص بك فى المعروف المألوف فإنها تحررك من ربقته بالنقد والتهكم والتندر والدعابة, أو بكشف ما يكنزه فى باطنه من جمال لا تنتبه إليه إلا عين الأديب الفنان. وفى نفس الوقت, فإن أدب الخيال الجامح وحكاياته اللامعقولة تعكس, بمجرد اللجوء لها, الوطأة الثقيلة للواقع اليومىّ؛ وحين نتأمل عجائبها وغرائبها نجدها تنطوى فى باطنها على نفس الثنائيات الأبدية فى واقع الإنسان: من حب وكره, وقسوة ورقة, وإيثار وأنانية، وعنف وحنين للسلام والأمان.. بهذا المعنى, فإن الفانتازيا مهما شطت وشطحت, هى فى جوهرها واقعية؛ ورواية «رحلات جاليفر» لجوناثان سويفت, على سبيل المثال, لا تختلف كثيراً من حيث الجوهر والمحتوى الإنسانىّ عن رواية «الحرب والسلام» لتولستوى. أما «الوصفة رقم 7» لأحمد مجدى همام فهى, كجاليفر, رحلة فانتازية, لكنها, ككل أدب إنسانىّ, سجل ساخر ومأساوى معاً للحرب والسلام فى الدنيا وفى قلب الإنسان. تبدأ الرواية بتقرير حالة عن بلد تمكن من التخلص من كل أنواع المخدرات ومن القضاء الكامل على تجارتها, وهى تقص حكاية أحد مدمنى هذا البلد, واسمه مليجى الصغير, درس الفن التشكيلى وتخرج من كليته بطلوع الروح, أما هوايته فهى إجراء التجارب العلمية فى مجال الكيمياء. وحين لا يجد ما اعتاد تعاطيه يَسخّر حياته كلها لاختراع عقار يمنحه الراحة مما يعانيه. وبالصدفة ينجح فى استزراع نبتة ذات وردات سبع يتداوى بمسحوق إحداها فيدخل فى عالم عجيب. ورغم هذا المدخل, فإن موضوع الرواية الحقيقى ليس المخدرات؛ وإنما هو نعمة الخيال وما يمنحه للإنسان من أجنحة يستطيع بها التحليق والإفلات من براثن الرتابة والهمود والملل, وما يفتحه من عوالم تثير الدهشة. وإن كانت نهاية الرحلة هى مبدؤها, والعودة إلى نقطة الصفر, وموقع البدء حيث البيت وأريكة النائم الحالم, فإن العبرة فى الرحلة نفسها, ونشوة الطيران فى العوالم التى يمنحها خيال الكاتب. نعم, تتكشف «أرض اللابوريا» التى يسافر فيها مليجى الصغير بخياله عن نفس حقائق الأرض التى نعيش فيها وطالما أراد هو الغياب عنها, إلا أن النشوة التى يمنحها الفن والخيال الأدبى المتفنن فى إبداع تفاصيل لا تشبه المألوف وعوالم لم يرتدها أحد من قبل هى الغاية والوسيلة معاً؛الرحلة والجدوى من الرحلة. من هنا تأتى الحاجة الماسة للخيال الأدبى, خاصة أدب الفانتازيا.

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة الماسة للخيال الأدبى الحاجة الماسة للخيال الأدبى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon