توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كوابيس «أوسلو» من الأيام الأولى

  مصر اليوم -

كوابيس «أوسلو» من الأيام الأولى

بقلم - نبيل عمرو

الرئيس محمود عباس الذي سمي منذ خمس وعشرين سنة بمهندس «أوسلو»، كان أميناً في تنبيه الفلسطينيين إلى إمكانية تحول الاختراق التاريخي إلى كارثة، إذ قال بالحرف الواحد: «هذا الذي توصلنا إليه (وقصد إعلان المبادئ والاعتراف المتبادل) إما أن يؤدي إلى دولة مستقلة وإما أن يكرس الاحتلال».

وشرح فكرته التي ملخصها أن «الأمر كله يتوقف على أدائنا».

الذين قرأوا نصوص «أوسلو» جيداً قليلون، ممن هم وجوه وسدنة الطبقة السياسية الفلسطينية، الذين انقسموا منذ المصافحة التاريخية بين رابين وعرفات، تحت رعاية الرئيس الأميركي إلى قسمين؛ قسم مؤيد متحمس لما حدث، وتردد آنذاك مصطلح تحويل الضفة وغزة المكتظتين بمخيمات البؤس والشقاء، والممتلئة بيوتها بالحزن على آلاف المعتقلين والشهداء والجرحى، إلى سنغافورة أو هونغ كونغ على أقل تقدير.

وقسم آخر اتخذ موقفاً عدائياً من الفكرة والمبدأ.
كان الرئيس الراحل حافظ الأسد من الذين قرأوا السطور وما بينها في إعلان المبادئ ووثيقة الاعتراف المتبادل، وقال قولته الشهيرة بأن كل سطر مما أعلن يحتاج إلى مجلدات لتفسيره، أي أن ما تم التوصل إليه هو مجرد عناوين عامة تنطوي تحتها ملايين التفاصيل، التي تركت كي تحل في سياق التطبيق والتفاهمات التي سترتجل لاحقاً.
قليلون يعرفون أن الرئيس الراحل ياسر عرفات فكر أكثر من مرة في مغادرة التجربة حتى منذ بداياتها المبكرة والواعدة، إلا أنه لم يفعل لأنه دقق في المعادلة الجديدة التي ميزت علاقاته وخصوصاً مع الجوار العربي، ومفادها أن ما كان متاحاً في زمن ما قبل «أوسلو» لم يعد متاحاً بعد أن وطأت قدماه أرض الوطن.

ومع المعاناة اليومية التي رافقت عرفات منذ عودته إلى الوطن حتى دفنه تحت ترابه، كانت هنالك عوامل قوية ومنطقية تدفعه إلى التحمل، أهمها أن الشعب الفلسطيني الذي قاده عرفات من المنفى، يريده أن يواصل المسيرة رغم كل صعوباتها، فحصل في الاستفتاء الذي تم على «أوسلو» تحت عنوان الانتخابات الرئاسية والتشريعية، على 88 في المائة من أصوات الناخبين الفلسطينيين، يقابلها 100 في المائة من دول العالم تسابقت في إظهار دعمها للعملية السياسية التاريخية؛ بل وتبنيها لها؛ بحيث لم يبق زعيم ذو وزن إلا وزار أرض التجربة، ودشن الوضع الجديد الذي وجد عرفات نفسه فيه. غير أن الأمر فيما يتصل بالدعم الكاسح للفلسطينيين وللعالم، كان بحاجة إلى تدقيق أكثر لفهم المغزى الحقيقي لما حدث. الفلسطينيون صوتوا بما هو قريب من الإجماع، ليس على نصوص «أوسلو» والتزاماتها التي لم يقرأوها أصلاً، وإنما صوتوا على ثقتهم بالزعيم التاريخي الذي انطبع في ذاكرتهم على أنه بطلهم القومي، وكذلك على وعود «أوسلو»، وكانت مغدقة فيما يتوق الفلسطينيون إليه، وهو التخلص وإنْ تدريجياً من الاحتلال وويلاته، والتنعم بوضع جديد يجسدون فيه حلمهم المُلح وهو إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، مع انبثاق فرصة معقولة لحل قضية اللاجئين.

كانت السنوات الأولى لتطبيقات أوسلو حاضنة لتناقض بين الآمال والواقع، وكل يوم جديد في التجربة أفرز على عكس المتوقع وحتى المقرر زيادة متنامية في المتشككين في نجاح التجربة، وتناقصاً ملحوظاً ومتسارعاً في المؤيدين، ولا أعني هنا مجرد الطبقة السياسية الرسمية؛ بل الشعب.

وفي حالة من هذا النوع لا بد أن يأتي حدث يرجح بصورة نهائية السلب على الإيجاب، الحدث هو اغتيال رابين الذي قاد إلى سقوط سدنة التجربة من الجانب الإسرائيلي، ليحل محلهم خصوم هذه التجربة الذين لم يخفوا تطلعهم لإجهاضها، ولو اضطرارياً من داخلها، فوجد الفلسطينيون أنفسهم يتعاملون مع من هم أكثر شراسة في إبعاد أي إمكانية لتقدم سياسي لمصلحة الحقوق الفلسطينية. ولكي تكتمل معادلة الضد سقط فلسطينيو «أوسلو» في انتخابات عامة، فاز فيها من أعلنوا أنهم ما دخلوا الانتخابات إلا لتدمير «أوسلو» من داخلها، ومنذ ذلك الوقت وحتى قبله بكثير، دخلت آمال السلام التي نثرت في بدايات «أوسلو» نفقاً مظلماً لا يرى الفلسطينيون منه ولو مقدار بوصة واحدة مما سيحل بهم.

بعد خمس وعشرين سنة، بقيت «أوسلو» وتلاشت وعودها، بقيت الالتزامات التي قيدت الفلسطينيين، وانتهت الالتزامات التي قطعها الإسرائيليون في البدايات، وكل يوم تبتعد فيه إمكانيات السلام الموعود يتذكر الفلسطينيون ما قاله رئيسهم الحالي محمود عباس، في مرافعته التاريخية حول «أوسلو» وما ستفضي إليه.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوابيس «أوسلو» من الأيام الأولى كوابيس «أوسلو» من الأيام الأولى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon