توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تعرفون المصريين الأرمن؟

  مصر اليوم -

هل تعرفون المصريين الأرمن

بقلم - فاطمة ناعوت

هل تذكرون «ألكسندر صاروخان» مبتكر شخصيات من الكاريكاتور السياسى عاشت معنا واحتلّت عقولنا وثقافتنا مثل: «المصرى أفندى»، «مخضوض باشا الفزعنجى»، «إشاعة هانم»، وغيرها، وصاحب كتاب النقد السياسى «هذه الحرب»؟ فنان كاريكاتور عظيم، أرمنى مصرى من أصول روسية، يُعدُّ من أقوى ١٠٠ رسام كاريكاتير فى العالم، وفق تصنيف مجلة ستوديو الإيطالية، وهو الشرارةُ الأولى لفن الكاريكاتير فى مصر والعالم العربى. ولد صاروخان عام ١٨٩٨ فى القوقاز، ثم هاجر إلى مصر فى شبابه، واستقر بها ومنحه الرئيسُ جمال عبدالناصر الجنسية المصرية، إلى أن رحل عنّا يناير ١٩٧٧، بعدما أثرى الوعى العام بآلاف القطع النفيسة من فن الكاريكاتور التى انتقد فيها، بريشة لاذعة، متناقضات السياسة والمجتمع فى مصر والعالم.

كانت لوحاتُه تُزيّن مجلات وجرائد مصرية وأرمينية وفرنسية وازنة مثل «روزاليوسف، أخبار اليوم، المستقبل، لابورس إيجيبسين، إيماج، كاردوش»، وغيرها. وفى الصالون الذى أقيم على شرفى الشهر الماضى بنادى الشرق الأدنى للأرمن، أهدونى موسوعة ملوّنة ضخمة، من إعداد وتقديم الناقد الأرمنى «هرانت كشيشيان»، تضمُّ مئات من لوحات ألكسندر صاروخان، يقول كلٌّ خطٍّ فيها مئات الكلمات، دون قول.

وهل تذكرون «ڤان ليو»؟ لا شكّ أن كثيرًا منكم يحتفظ فى بيته أو مكتبته الإلكترونية بصور فوتوغرافية عديدة تحمل توقيعَه الفنى الشهير، ربما دون أن يدرى من هو صاحب العدسة الاستثنائية الفريدة التى التقطتها. شخصيًّا، تحتلُّ جدرانَ بيتى لوحاتٌ ثمينةٌ، بالأبيض والأسود، تُصوّر أمى وأبى فى يوم زفافهما، بعدسة ذلك الفنان الأرمنى ذائع الصيت فى نهايات القرن الماضى، الذى برع فى اللعب بالضوء والظلال، وكان المصوّر الخاص لمشاهير مصر فى العصر الذهبى، مثل الدكتور طه حسين، فاتن حمامة، عمر الشريف، سعاد حسنى، نيللى، أحمد مظهر، مريم فخر الدين، رشدى أباظة، زبيدة ثروت، صباح، فريد الأطرش، وغيرهم من نجوم الفن وحسناوات السينما.

وهل تعرفون الأرمن المصريين؟ ذلك العِرق الوطنى الُمسالم النبيل، الذى اختارَ مصرَ وطنًا حاضنًا له، بعد المذابح والمحارق الجماعية الوحشية التى تعرض لها على يد الدولة العثمانية الفاشية، أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، فأحبوا مصرَ وأثروها بعلومهم وآدابهم وفنونهم وثقافتهم، ووطنيتهم. ربما كلُّ من يقرأ هذا المقال وله صديقٌ أرمنى، يُؤمِّن على وطنيتهم وثرائهم المعرفى والفنى. الأرمنُ المصريون الراهنون مولودون فى مصر التى لا يعرفون غيرها وطنًا، وربما ينظرون إلى أرمينيا كوطن فولكلورى قديم، يحملون جيناته الثقافية ويُغنون بها أرضَنا السمراء الحانية. منهم الجميلات نيلى ولبلبة وفيروز الطفلة وأنوشكا وليز ساركسيان الشهيرة بـ«إيمان»، كذلك نوبار باشا أول رئيس لوزراء مصر والذى يعود له الفضل فى إنشاء أول خطوط للسكك الحديدية فى مصر، ومُوقّع عقد مقاولة حفر قناة السويس مع الفرنسى فرديناند ديليسيبس عام ١٨٦٣. وللأرمن تاريخٌ طويلٌ فى مصر، يعود إلى الدولة الفاطمية، لكنّ هجرتهم الكبرى إلى بلادنا كانت بعد عمليات الإبادة الممنهجة الرخيصة التى قام بها الاحتلال العثمانى فى تركيا عام ١٩١٥، حتى أنقذت البحريةُ الفرنسية مَن تبقّى منهم ونقلتهم إلى ميناء بورسعيد فى واحدة من كبريات عمليات الإنقاذ التى أنجزها عسكريون للمدنيين فى التاريخ الحديث. وظلّ الناجون من الأرمن فى مخيّمات فى مدينة بورسعيد سنواتٍ أربعًا قبل أن يتّجهوا إلى الإسكندرية والقاهرة لينصهروا فى النسيج المصرى، يؤدون الخدمة العسكرية فى جيشنا العظيم ويبنون المصانع والمدارس والمستشفيات ويؤسسون الصحف والمجلات ويشعّون فى سمائنا ثراءً وفنًّا وحبًّا وسلاما.

ورغم انخراطهم فى نسيج مصر، إلا أن اعتزازهم النبيل بهُويتهم جعلهم يحافظون على أصولهم وعِرقهم ويُدرّسون لغتَهم الأمَّ فى مدارسهم حتى لا تنقرض، ويُعلّمون أولادها التاريخ الأرمنى حتى لا تنقطع جذورهم من أرض ميلاد أسلافهم. وحين برز نجمهم فى مصر فى مجال الثقافة والفنون والصناعة أوائل القرن الماضى، حاول الإنجليز الوقيعة بينهم وبين المصريين، فأشاعوا أن الأرمن حاولوا اغتيال سعد زغلول، لكن المسعى باء بالخيبة حين كذّبَ سعد باشا نفسُه تلك الشائعة. وبعد تأميم مصانعهم وممتلكاتهم مع ثورة ٥٢، غادر الكثيرون منهم أرضنا، وأصرَّ على البقاء فيها كثيرون آخرون استأنفوا حياتهم من الصفر، هم آباء وأجداد من يعيشون بيننا اليوم من شرفاء المصريين الأرمن.

تحية احترام ومحبة لأبناء وطنى النبلاء من الأرمن المثقفين الذين أثروا مصرَ وأحبّوها كما لم يحبّها أحدٌ.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تعرفون المصريين الأرمن هل تعرفون المصريين الأرمن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon