توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الجولان إلى غزة يتجدد الفشل

  مصر اليوم -

من الجولان إلى غزة يتجدد الفشل

بقلم - محمد السعيد إدريس

لم أجد أفضل من مقال المؤرخ الإسرائيلى «أفيعاد كلاينبرج» الذى نشره أخيرا فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» لدحض المفهوم المغلوط عند بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لـ «الاحتلال». نيتانياهو يعتقد أنه يعيش نشوة عمره وهو يستعرض بغروره، نجاحاته فى اختراق معظم أركان الحكم العربية، ويزعم أنه كسب معركته مع الحكومات ولم يبق أمامه غير كسب المعركة مع الشعوب، أى تحويل موجة التقارب الرسمية لأنظمة عربية بالكيان الصهيونى إلى موجة تطبيع شعبية معتقداً أن نجاحه فى الأولى سيمكنه من النجاح فى الثانية «دون دفع أى أثمان فى القضية الفلسطينية» زعماً منه بأنه ليس لدى إسرائيل أرض تعيدها لـ «الأغيار» وأنها لا تحتل أرضاً من أحد. فقد تعمد المؤرخ الإسرائيلى أن يسخر فى مقاله من غرور نيتانياهو الذى أغراه بأن يرفض بالمطلق الاعتراف بأن إسرائيل تحتل أرضاً عربية. فالأرض عنده هى «أرض إسرائيل» وإسرائيل «لم تحتل أرضاً بل حررتها واستعادتها من العرب المغتصبين» والجديد فى رؤية نيتانياهو أن مفهومه للاحتلال لا يأتى فقط، وكما يقول أفيعاد كلاينبرج من أن «الفترة التى لم نحكم فيها المناطق (يقصد لم يحكم فيها الإسرائيليون الضفة الغربية وغزة) كانت بالإجمال مهلة من ألفى سنة فى سيادتنا، ولا حتى لأن الرب وعدنا، قبل ثلاثة آلاف سنة ببلاد إسرائيل الكاملة»، ولكن يرجع إلى امتلاك إسرائيل القوة وليس فقط الحق التاريخي، كما هو حال الإمبراطوريات التاريخية فى العالم التى استطاعت بالقوة أن تكسر دولاً وتضم أراضى دون أن يحاسبها أحد، فهو يرى أولاً أن الأرض التى توسعت إسرائيل فى ضمها هى أرض محررة وليست أرضاً محتلة من أحد «فالشعب لا يحتل أرضه والأرض هى لليهود بوعد من الرب»، ويرى ثانياً أن قوة إسرائيل هى ركيزتها فى فرض هذا المفهوم، فكلما كانت إسرائيل قوية «ستكون قادرة على إخراس أى أصوات تطالبها بـ«انسحاب من أرض محتلة، ولا يرى هذه المطالبات أكثر من «ترهات» وافتراءات مخادعة. المؤرخ الإسرائيلى سخر بشدة فى مقاله المشار إليه من هذا المفهوم المشوه لـ «القوة» فى صنع التاريخ، و»للاحتلال»، وطالب نتنياهو بأن يسترجع تاريخ ما حدث لتلك الإمبراطوريات التى صالت وجالت، احتلت وقتلت وشردت، وفى النهاية سقطت على حد قوله لأن «الفرضية التى تقول إن القوة اليوم هى القوة غداً، هى فرضية خاطئة ومدحوضة. انظروا إلى الدول العظمى والإمبراطوريات فى الماضي، فقد كلفتها سكرة القوة (وللآخرين) اليوم ثمناً باهظاً غير مرة». نصيحة أفيعاد كلاينبرج أعتقد أن نيتانياهو لم يفهمها ولن يحاول فهمها لكنه إن لم يفهم بإرادته سيفهم غداً بغير إرادته، وهذا ليس ضربا من الخيال بل قراءة للواقع الآخذ فى فرض نفسه، وأمام نيتانياهو وكل من خدعوا فى أكاذيبهدرسان لن يكون فى مقدوره أن يفلت منهما. الدرس الأول من الشعب العربى الأبى فى هضبة الجولان السورية المحتلة. فقد أخذ غرور القوة نيتانياهو وحكومته بعيداً وجعله يتصور أن النجاح الإسرائيلى فى احتلال الجولان بالقوة عام 1967 وإعلان ضمها عام 1982، يمكِّنهم من محو هوية الشعب العربى المحتل وتحويله إلى جزء من «الشعب الإسرائيلي»، أى كسب معركة محو الهوية بقوة الاحتلال كرهان أساسى من رهانات الدولة الصهيونية. من هنا جاء قرارهم باستبدال إدارتهم المباشرة لقرى الجولان المحتلة عن طريق ما يسمى «الشئون المحلية والبلدية» بإدارة ذاتية من جانب أهالى الجولان عبر إجراء ما سموه «انتخابات المجالس المحلية» فى محاولة منهم لشرعنة الاحتلال وتجميل المحتل، وتطوير استدراج السوريين أبناء الجولان لحيازة الهوية الإسرائيلية. ولسوء حظهم جاءهم الرد صادماً من الشعب السورى »ابن الجولان« فما حدث لم يكن مجرد هزيمة نكراء فحسب بل اتخذ صفة «المأساة المضحكة.. المبكية». فمن أصل 1618 ناخباً سجلتهم سلطات الاحتلال على لوائح الاقتراع شارك 21 شخصاً، والمرشحة الوحيدة التى صمدت أمام الضغط الشعبى الرافض بقوة للخطة الإسرائيلية بعد أن انسحب كل المرشحين لم تحصل إلا على صوت واحد هو صوتها، لينهزم الاحتلال وينتصر الشعب السورى المتشبث بهويته الوطنية ويسقط أكذوبة نيتانياهو بأن «الاحتلال ترهات» ويؤكد أبناء الجولان أن الاحتلال احتلال ومآله هو الزوال. الدرس الثانى جاء لطمة قوية من غزة الصامدة التى نجحت فى اختبارين فى يومين متتاليين عندما نجحت قوات المقاومة ليل الأحد (11/11/2018) فى رصد وحدة القوات الخاصة الإسرائيلية التى حاولت التسلل إلى شرق خان يونس، واشتبكت معها وطاردتها وقتلت أحد أبرز قادتها، ولم ينقذها غير الغطاء الجوى الكثيف وطائرات الهليوكوبتر التى جاهدت لاختطاف أفراد القوة والقتلى والمصابين من أرض المعركة، وعندما ردت على العدوان الإسرائيلى المكثف يوم وليل الإثنين (12/11/2018) بغارات الطائرات والقذائف الصاروخية، فقد ردت المقاومة بإطلاق 200 صاروخ أصابت سديروت وعسقلان وشعار هنيغف وكيبوتسات أخرى من «غلاف غزة» بعمق تجاوز 20كم، لم تستطع القبة الحديدية إلا التصدى لـ 20 منها بينما وصلت الباقية إلى أهدافها، وأجبرت سكان تلك المستعمرات على اللجوء إلى الملاجئ والنزوح منها ووضعت الكيان أمام أكذوبة «ديمومة الاحتلال». لم يستطع الإسرائيليون تقديم تفسير رسمى ومقنع للهدف الذى تسللت من أجله تلك القوة من قوات الكوماندوز إلى تلك المنطقة من خان يونس، وكل ما فعلوه أن الجنرال احتياط تل روسو القائد السابق لما يسمى «الجبهة الجنوبية» خرج لينفى على شاشات التلفزة الإسرائيلية أن هدف العملية كان هو «اغتيال القائد الحمساوى نور الدين بركة» الذى استشهد فى الاشتباك مع تلك القوة. خرجت تفسيرات كثيرة تتحدث عن أسباب تلك العملية ما بين محاولة اختطاف شخصية كبيرة فى حركة حماس ربما تكون يحيى السنوار زعيم حركة «حماس» وما بين محاولة جمع معلومات أو إطلاق أسيرين موجودين لدى حركة «حماس»، أو جمع معلومات عنهما، أو تخريب جهود مصر مع حماس لإنجاز تهدئة فى قطاع غزة، لكن الثابت أن الأسباب، وإن كانت قد تعددت، فإن الفشل بقى هو النتيجة الوحيدة القادرة على دحض «ترهات» وافتراءات وأكاذيب نيتانياهو حول مفهوم «الاحتلال»، وحول أكذوبة نجاح «القوة فى الانحراف بحقائق التاريخ». ستبقى الأرض العربية أرضا محتلة إلى أن يتم تحريرها وستبقى إسرائيل دولة احتلال شاءت أم أبت.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الجولان إلى غزة يتجدد الفشل من الجولان إلى غزة يتجدد الفشل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon