توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ناتو عربى أم سنى.. كلاهما مرفوض

  مصر اليوم -

ناتو عربى أم سنى كلاهما مرفوض

بقلم : د. حسن أبوطالب

تناقلت صحف أمريكية خبراً مفاده أن إدارة «ترامب» تدرس بسرية تامة إنشاء ما قد يسمى بـ«تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى»، يتكون من بعض دول الخليج العربية وكل من مصر والأردن، والهدف هو مواجهة التهديدات الإيرانية، وأن يكون عوناً للولايات المتحدة فى مواجهة إيران. بعض التفاصيل الأخرى أضافت أن الهدف هو تشكيل ناتو عربى سنى على غرار حلف الناتو الذى تقوده الولايات المتحدة، أى يقتصر على الدول العربية السنية فى مواجهة التوسع الإيرانى، على أن تتولى الولايات المتحدة توريد نظم الأسلحة والاتصالات المطلوبة لهذا التحالف المزمع. مصدر أردنى حكومى نُسب إليه أن بلاده مع بعض دول عربية أخرى تلقت بعض أفكار أمريكية تدور حول التنسيق والتعاون لمواجهة التهديدات المشتركة ولم يزد. المفارقة أن هذا الطرح لم يُشر من قريب أو بعيد إلى مشاركة عراقية فى هذا التحالف الاستراتيجى المزعوم رغم العلاقات الوثيقة بين الطرفين. ورغم كونه تحالفاً يخص الشرق الأوسط وفقاً للاسم المقترح فهناك غياب لأطراف رئيسية فى الشرق الأوسط حسب التصنيف الأمريكى، كتركيا وباكستان وإسرائيل، ما يؤكد أن المقترح يستهدف عرباً وحسب فى مواجهة باقى العرب وباقى القوى الإقليمية، وفقاً لحسابات أمريكية بحتة.

وسواء كان الأمر عربياً فقط أو سنياً فقط أو مزيجاً بينهما، فالفكرة نفسها ليست جديدة، لقد طُرحت عدة مرات سابقة فى زمن إدارة بوش الابن الثانية، وطرحت بأشكال مختلفة فى عهد الرئيس كلينتون، وطرحت بتعديلات فى عهد الرئيس أوباما، ثم أخيراً تطرح فى عهد إدارة الرئيس الحالى «ترامب». وكانت الصحف الأمريكية ذاتها قد رجحت فى مايو 2017، وقبل عقد القمة الإسلامية الأمريكية بالرياض، بأن الرئيس «ترامب» سوف يعلن عن إنشاء «ناتو إسلامى سنى» بهدف عزل إيران، وهو أمر لم يحدث، ربما لإدراك العاقلين فى إدارة «ترامب» آنذاك أن الفكرة ليست واقعية وتتجاوز مصالح المنطقة إن لم تدمرها تماماً.

وليس بجديد على الولايات المتحدة أن تطرح أفكاراً كبرى تخص المنطقة وتغلفها بسياق يبدو إيجابياً لدى البعض، وهى فى حقيقتها مصلحة أمريكية إسرائيلية فقط لا غير. وإذا تصورنا أن مثل هذا التحالف المزعوم قد قبل البعض إنشاءه والانخراط فيه، استناداً إلى فرز مذهبى بين سنة وشيعة فى عموم الإقليم، فلن يكون بعيداً أن تتواجه شعوب دول عربية مع شعوب دول أخرى فقط لأن لديها جزءاً من مواطنيها يدينون بالمذهب الشيعى، كما هو الحال فى لبنان والعراق وبعض دول الخليج كالبحرين والسعودية. إنها لمصيبة كبرى أن ينزلق بعض العرب إلى هذا المنزلق الخطير. ولعل التذكرة ببعض مبادئ السياسة المصرية تجاه الإقليم ككل تفيد فى هذا الصدد، وهو مبدأ الرفض لقيام أحلاف تتبع قوى خارجية، والرفض التام إذكاء النعرات الطائفية والمذهبية واعتبارها أساساً للعلاقات بين الشعوب والحكومات. وهو مبدأ يتصادم تماماً مع أى أفكار أمريكية كالتى يتم الترويج لها.

ونُذكر أيضاً باهتمام السياسة المصرية بتعزيز التعاون الأمنى والعسكرى بين الدول العربية على ذات الأسس المتضمنة فى ميثاق الأمم المتحدة، كالتعاون الجماعى والطوعى لمواجهة التهديدات التى تأتى من جانب قوى خارجية، وحق الدفاع عن النفس، وإيجاد الآليات الفعالة لمحاربة الإرهاب جماعياً ووفق إمكانات كل طرف يقبل هذا التعاون. وهى المبادئ التى بنيت عليها المبادرة المصرية بإنشاء قوة عربية مشتركة استناداً إلى اتفاقية الدفاع العربى المشترك وميثاق الجامعة العربية، والتى قُبلت بالإجماع فى القمة العربية فى شرم الشيخ مارس 2015، ثم قام وزراء الخارجية والدفاع العرب بوضع وثيقة بروتوكول تحدد كيفية إنشاء هذه القوة ومهامها والالتزامات التى ستقبل بها الأطراف التى ستشارك فى هذه القوة. غير أن المفاجأة الكبرى هى طلب بعض الدول فى أغسطس 2015 تأجيل البحث فى تحويل البروتوكول إلى واقع ملموس إلى أجل غير مسمى. وحتى اللحظة لا يوجد من يسعى إلى إحياء هذا البروتوكول العربى الصميم الذى يحمى مصالح تلك الأمة ويحول دون التعرض لها. وقد يذهب بنا الخيال إلى حد تصور أن تلك القوة قد أنشئت بالفعل فى نهاية 2015، وأنها تطورت من حيث التدريب وتخصيص المهام طوال السنوات الثلاث الماضية، فهل كانت إدارة «ترامب» أو غيرها تفكر فى طرح مشروعات براقة تستنزف الموارد العربية وتدمر ما بقى من علاقات سوية بين الكثير من الدول العربية وبعضها البعض؟

إن تكرار عرض الفكرة ذاتها حول تعاون عسكرى بين بعض العرب وبوصاية أمريكية كاملة، وأياً كان الاسم الجذاب الذى يُمنح لها على مدى عقدين أو أكثر، فإنه يعنى نتيجة واحدة، وهى أن الفكرة غير مقبولة أساساً لدى الدول المستهدفة، إذ لا يمكن تسويقها لدى الشعوب خاصة فى الدول العربية الكبرى التى تضطلع بمهام رئيسية فى أمن المنطقة العربية بوجه عام وأمن الخليج بوجه خاص. بعبارة أخرى هناك قدرة ذاتية على الرفض لدى هذه الدول شعوباً ومؤسسات لكل ما تدرك أنه يُلحق الأذى والمرارة لدى الشعوب العربية ويزيد من انقساماتها وخرابها. قدرة الرفض هذه حتى ولو جاءت فى صيغ هادئة ودون ضجيج إعلامى مفتعل تعنى أن هناك قادة فى المنطقة يدركون ما هو الصحيح وما هو الأصح، فى الوقت نفسه الحفاظ على حد أدنى من العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة سواء كان الحاكم جمهورياً أو ديمقراطياً. فمن الحكمة فى كل الأحوال أن تكون هناك اتصالات رصينة مع أى إدارة أمريكية مهما كان حجم الشطط الذى يحيط بقراراتها وسياساتها تجاه المنطقة العربية ومصالحها الرئيسية.

العامة فى العالم العربى يدركون أن مسألة دفع عدد من الدول العربية فى مواجهة عسكرية حضارية مذهبية كبرى مع إيران يحقق أهدافاً أمريكية وليست عربية، من قبيل زيادة مبيعات الأسلحة الأمريكية، وإغراق الدول العربية بالديون والاستخفاف بسيادتها، وزيادة حدة الانقسامات بين الشعوب العربية وبعضها، ورفع القدرات الاستراتيجية لدولة إسرائيل فى مواجهة المحيط العربى الإسلامى. إنها أهداف واضحة تخص اليمين الأمريكى الصهيونى ولا تخص من قريب أو من بعيد أى هدف أو مصلحة عربية. وإذا كان العموم فى العالم العربى يدركون هذه الأمور فما بال قادة وطنيين يرون أن مهمتهم الرئيسية هى الحفاظ على كرامة وسيادة الوطن والإقليم، وأكبر قدر من حرية التصرف فى المجال الخارجى.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناتو عربى أم سنى كلاهما مرفوض ناتو عربى أم سنى كلاهما مرفوض



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon