توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وضع كارثي في ليبيا

  مصر اليوم -

وضع كارثي في ليبيا

بقلم - د. جبريل العبيدي

قطاع الصحة في ليبيا أصبح يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد البلاد بعدم القدرة على السيطرة على الأمراض والأوبئة، أو حتى مقاومتها في حال حدوثها، خصوصاً أن ليبيا بلد عبور لموجات من المهاجرين المحملين بالكثير من الأمراض والأوبئة، ويتجولون في بقاعها المترامية الأطراف، من دون رقيب أو حسيب، نظراً للصراع على السلطة في البلاد، والذي أدى إلى سقوط الدولة وإهمال كل شيء فيها.

الفشل في إدارة الأزمة الصحية يبقى العنوان الأبرز، رغم وجود موارد مالية ضخمة في البلاد، إلا أن النقص الشديد في المخزون الاستراتيجي للأدوية، منها الطارئة والحيوية مثل المحاليل الحيوية ومشتقات البلازما المختلفة والأنسولين، وأدوية ومشغلات الغسيل الكلوي والأورام، هو السائد، والذي أدى نقصانها إلى تهديد حياة الناس بشكل مباشر، وتسبب في انتكاسة خطيرة لبعضهم الآخر.

في ليبيا اليوم قد تلد الليبية الحرة مولودها في منتصف الطريق الطويلة إلى أقرب مستشفى أو وحدة صحية، لعدم وجود خدمة صحية بالقرب من مسكنها، رغم وجود المبنى الذي يحمل لافتة مركز أو مستشفى صحي من دون أن تتوفر به الخدمة، خصوصاً في المناطق والمدن البعيدة التي تفتقر إلى توفير الرعاية الصحية الأولية.
ونتيجة لهذا الوضع المزري، نرى الليبيين يذهبون للعلاج في الخارج، ويكلف هذا قطاع الصحة مبالغ طائلة، كان يمكن أن تصلح هذا القطاع وتجعله من أفضل القطاعات في البلاد. إلا أن التناطح والصراع بين الميليشيات خلق حالة من عدم استقرار، وأدى لهذا الإهمال الشنيع.
السياسة المتبعة، خصوصاً المالية من مصرف ليبيا المركزي الذي تسيطر عليه جماعة «الإخوان»، تجاه مخصصات الصحة وحجب مخصصات القطاع طالت حتى التطعيمات والأمصال، حيث في أكثر من مرة كان النقص، بل وحتى عدم توفرها هو السائد، بسبب عدم إدراك المسؤولين لأهمية الأمصال والتطعيمات في مكافحة الأمراض والأوبئة، وأنها خط وحاجز وسد وقائي ضد انتشار الأمراض والأوبئة.

اليوم بعد أن كانت ليبيا البلد الذي يعالج مواطنيه وغير مواطنيه بالمجان لكثرة المراكز الصحية في كل مكان، ودون مقابل، بدءاً من حبة «الأسبرين» إلى إجراء عمليات القلب المفتوح، اليوم تعجز بعض مستشفيات ليبيا عن إجراء عملية ولادة قيصرية أو حتى زائدة دودية.
رغم الجهد الذي تبذله العناصر الوطنية الليبية في قطاع الصحة، خصوصاً العام، إلا أن النقص والعجز في الموارد كان العائق في ظهور وبروز المجهود المبذول من تلك العناصر الوطنية، التي تحاول جاهدة تقديم خدمة صحية في ظروف صعبة.

إخطبوط تنظيم «الإخوان» المسيطر على المشهد في العاصمة طرابلس وراء العبث بصحة المواطن الليبي وحتى غير الليبي الموجود في البلاد، إذ أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون ممن يعملون في ليبيا، بدءاً من العبث بقواعد الصحة وضوابطها، وفتح البلاد أمام تجار الشنطة في مجال الأدوية هو الآخر إحدى أكبر مشكلات النظام الصحي، وتكالب مافيا الأدوية لنهب المستشفيات وما تبقى فيها من إمكانات.

من جانب آخر، فشل القطاع الخاص في تغطية العجز الموجود والمتزايد في القطاع العام، سواء في القدرة الإيوائية وتوفير الأسرة للمرضى، أو في توفير خدمة العناية الفائقة، خصوصاً بعد تعرض مستشفيات القطاع العام للإغلاق بسبب نقص الكوادر والإمكانات، أو بسبب الاشتباكات كما حدث في مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية أو مدينة سبها كبرى مدن الجنوب الليبي؛ حيث وقوع المستشفى في تقاطع نيران بين ميليشيات متناحرة.
ما من شك أن الميليشيات والجماعات الإرهابية ساهمت في تردي الوضع الصحي في البلاد، فهذه الميليشيات هي من يسيطر على العاصمة، وهي التي تحرس مؤسساتها وتنهبها في نفس الوقت، وهي من يشعل نيران المناوشات والاشتباكات فيها. مما يؤدي إلى تعطيل الخدمات للمواطن، وقطع للكهرباء، وبالتالي تردي الخدمات الصحية.
ليبيا اليوم بسبب سيطرة «الإخوان» على الحكومات المتعاقبة والسياسة المالية التي انعكست على كل البلاد، وقطاع الصحة ليس استثناءً، تشهد كارثة إنسانية بجميع المعايير.

ليبيا التي كانت تدفع بالأدوية وترسلها مساعدات لكثير من البلدان، جعلتها اليوم سياسة «الإخوان» تتسول الأدوية من «الصليب الأحمر»، بعد أن كانت ليبيا أهم داعم لـ«الصليب والهلال الدولي» في زمانها، هي اليوم في حالة افتقار للكوادر الطبية في مستشفياتها في ظل تسويف حكومي وممارسة سياسات خاطئة؛ منها افتتاح مستشفى للولادة في مصراتة في مبنى مؤجر بمبلغ تسعين ألف دينار شهرياً، في حين لو تم بناء مبنى لتم توفير قيمة إيجار هائلة، لا معنى لها، ومثله حدث وتكرر في بنغازي والبيضاء.
إهمال الرعاية الصحية الأولية هو ما أرهق المستشفيات وأدى إلى افتقارها لأبسط المتطلبات، وجعلها تستنزف مخزونها الاستراتيجي بشكل خاطئ، بالإضافة إلى فساد الأدوية، وتخزينها بطرق خاطئة، وخاصة في ظل الانقطاع المستمر للكهرباء، وسرقة شبكة التحميلات الكهربائية العملاقة ومحطات التقوية الضخمة في البلاد، كل هذا تسبب في وضع كارثي وصل إلى حد تهديد حياة المواطنين.
قطاع الصحة الليبي الذي استطاع في الماضي القضاء على أمراض وأوبئة كثيرة، منها رمد العيون وشلل الأطفال والدرن والسل الرئوي، في أكبر حملات لم تترك مدينة أو قرية أو حتى نجعاً ليبياً لم تدخله فرق الصحة الليبية، هي اليوم لا تستطيع تقديم خدماتها بشكل متكامل لمواطنيها.

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وضع كارثي في ليبيا وضع كارثي في ليبيا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon