توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وخذلان النخب المثقفة

  مصر اليوم -

ليبيا وخذلان النخب المثقفة

بقلم - د. جبريل العبيدي

على الرغم من أن المثقف لم يعد يلعب سوى دور هامشي في التأثير الشعبي والمجتمعي، لأسباب كثيرة بدءاً من اتساع الفجوة المعرفية بينه وبين المجتمع، التي لم يسعَ المثقف لردمها، بل هناك من المثقفين من أسهم في زيادة اتساعها، لضمان منصب «النخبة» و«النخباوية»، وانتهاءً عندما أصبح لا مبالياً أو مهادناً لميليشيات وعصابات إرهابية دمرت البلاد، وجعلتها ساحة قتال وحلبة رعب، ظهرت علينا أبواق مثقفة تبرر للميليشيات ما تفعل، خصوصاً تلك التي تتبنى منهجاً عقائدياً كميليشيات الإسلام السياسي.

صحيح أن هناك بعضاً من المثقفين واجهوا بعضاً من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وكشفوا حقيقتها، إلا أن عددهم بين عدد المتغيبين يكاد لا يُذكر، وبالتالي هناك منهم مَن يشاهد بأم عينه بلاده تُنهَب، ويتآمر عليها التنظيم الإخواني وأشقاؤه، وهم في صمتهم يعمهون، مبررين موقفهم بأنهم يقفون على الحياد لتجنب الفتنة، بينما البلاد تُنهب أموالها وثرواتها.

وهناك من المثقفين من شارَك في تضليل الرأي العام في كثير من القضايا، بل هناك من تستر على الإرهاب وأنكر وجود «داعش»، وتنكَّر لنتيجة الانتخابات، ولم يستفِد من سنوات الغربة؛ فهناك من قضى قرابة نصف قرن في أميركا وبريطانيا، والمفروض أنه يعلم كيف تُدار الانتخابات، نجده يصطف في طابور الرافضين لنتيجة الصندوق الانتخابي.

المثقفون منهم مَن تغرَّب عنها حيناً من الدهر يتغنى بالديمقراطية المفقودة في ليبيا زمن «ديكتاتورية» القذافي. ولما جاءت الفرصة كان أول المتنكرين لنتائج أول انتخابات برلمانية في ليبيا... هو هذا المثقف المغترب.

عندما خذل المثقف مجتمعه في الماضي (زمن الديكتاتوريات) كان عذره المكرَّر الخوفَ من بطش السلطة، ولكن ما العذر اليوم بعد زوال الديكتاتوريات؟ فليس هناك مبرر لخذلان النخبة لوطنهم سوى أنهم فاشلون ولا يُعوَّل عليهم، وإلا فأين هم من المعادلة في ظل تقاسم البلاد وتشظِّي قرارها السياسي، وتحوُّلهم إلى مجرد أتباع وذيول لا يختلفون عمن استأجروا عقولهم؛ البغدادي والظواهري وبديع والقرضاوي، وشهروا سيوفهم في وجه مجتمعهم.

ففي حالة ليبيا، الإرهابي الذي أجَّر عقله لا يختلف عن المثقف الذي صمت أو اتخذ الحياد سبيلاً في ظل وطن يضيع، فالمثقف النخبوي الصامت أو المحايد في قضايا وطنه شريك الإرهابي الذي يدمر ويعبث بوطنه.

التاريخ يعجّ بأمثلة كثيرة على مثقفين ومفكرين عارضوا السلطة عبر التاريخ، منهم سقراط الذي شرب السمّ طواعية، ونيتشه الذي رفض الأعمال الوحشية، وكذلك فعل فولتير، لتظهر صورة المثقف الحقيقي رغم تعريف المناضل والمفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي، الذي سجنه الفاشستي موسيليني، وهو القائل: «إن جميع الناس مفكرون، ولكن وظيفة المثقف أو المفكر لا يقوم بها كل الناس».

فخذلان المثقف وتنازله عن دوره المجتمعي لصالح مصلحته، يشكِّل حالة عجز عنده، مهما كانت المبررات التي يسوقها لتبرئة نفسه، وهذا ما ذهب إليه المفكر جوليان بيندا من أن «ما يعيب مثقفي العصر الحاضر هو تنازلهم عن سلطتهم المعنوية والأدبية».

ففشل الحل السياسي في ليبيا ليس فقط سببه الفوضى والميليشيات، بل خذلان النخبة وحيادها في أحسن الظروف، فهو السبب المباشر في تغول التنظيمات والميليشيات، وانتشار خلاياها السرطانية في جسد ليبيا، دون أدنى درجات حصانة قد تبذلها النخبة الليبية الغائبة والمغيبة.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وخذلان النخب المثقفة ليبيا وخذلان النخب المثقفة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon