توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة؟

  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة

بقلم-أحمد جلال

إذا سألك سائل عن مصريين نبغوا عالمياً فى الفنون، والعلوم، والطب، والرياضة، فسوف تتوارد على ذهنك فى التو واللحظة أسماء ساطعة سطوع الشمس مثل نجيب محفوظ، وأحمد زويل، ومجدى يعقوب، ومحمد غنيم، ومحمد صلاح، مع حفظ الألقاب. ولو ألح السائل فى السؤال عن أسماء أخرى، فلن تجد صعوبة فى الإجابة، حيث إن نجاحات المصريين كأفراد كثيرة، فى داخل مصر وخارجها، فى ريفها وحضرها، وفى شمالها وجنوبها. السؤال الأكثر صعوبة هو: لماذا يبدو الأمر كما لو أن المصريين ينجحون كأفراد، وليس كجماعة؟.

وحتى لا يكون فى الأمر نوع من التجنِّى، يبدو لى أن هذه المفارقة أكثر وضوحاً فى مجال الرياضة، حيث يتبوأ المصريون هذه الأيام صدارة العالم فى لعبة فردية مثل الاسكواش، لكننا لا نحتل مكانة رفيعة فى اللعبات الجماعية، مثل كرة القدم، أو الكرة الطائرة، أو كرة السلة.

بالطبع لم يكن الأمر كذلك دائماً، فقد سبقت الحضارة الفرعونية غيرها من الحضارات فى الزراعة، والملاحة، والطب، والهندسة، والعمارة، والفنون. فيما تلى ذلك من أزمان، لم تتمكن مصر من احتلال مركز الصدارة عالمياً فى الاختراعات العلمية، أو القدرة التنافسية، أو أنظمة الحكم الرشيد. وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من تواضع فى رغد العيش، وتفاوت فى الفرص، وضعف فى المشاركة السياسية. ربما لهذا السبب لم تكن مصادفة أن تكون شعارات ثورة 25 يناير 2011: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».

لماذا انتهى بنا الحال إلى ما نحن عليه؟. إضافة إلى المؤامرات الخارجية التى حِيكت ضدنا، ظنى أن المفارقة بين نبوغ المصريين كأفراد وتواضع أداء المجتمع ككل ترجع إلى ثلاثة أسباب: الأول له علاقة بالقواعد التى يعمل المصريون فى إطارها، الثانى له علاقة بمَن يضعون هذه القواعد، والثالث له علاقة بتوافر رغبة المجتمع الصادقة فى التفوق، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة.

■ فيما يتعلق بالقواعد التى تؤثر فى سلوك المصريين، تحفيزاً أو تثبيطاً، فقد اتسمت هذه القواعد بشكل عام، ولفترات طويلة، بغياب المنافسة، وتفشى الاحتكار، وطغيان المحاباة لصالح جماعات بعينها. فى نفس الوقت غابت السياسات والمبادرات الداعمة للتفكير النقدى، والبحث العلمى، والإبداع، وبذل الجهد. النتيجة كانت إحجام المصريين عن المشاركة فى سباق غير عادل، وانتشار الاتِّكالية، والاعتماد على شبكات العلاقات الاجتماعية فى الترقى.

■ أما بخصوص مَن يصنعون هذه القواعد، فقد كان نصيبنا على مر العصور من نظم التوريث، والغزاة، وطبقة النبلاء، القديم منها والجديد، أكثر من غيرنا من الدول. وفى العقود الأخيرة، يبدو أن الحكام قد عقدوا صفقة مع المواطنين يتم بمقتضاها منحهم قدراً من العطايا الاقتصادية مقابل التخلِّى عن الحريات والممارسات السياسية. هذه الصفقة أفرزت سياسات وقواعد غير مُحابِية للتقدم، وفى نفس الوقت بزوغ طبقة مستفيدة من استمرار الأوضاع على ما هى عليه، وترسيخ أركانها لخدمة مصالحهم.

■ السبب الثالث والأخير أن المجتمع لم تتوفر لديه الرغبة الصادقة فى التفوق عالمياً، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة. أحد الأسباب أن مصر كانت مُعرَّضة على مر العصور للتهديد الخارجى، مما أدى إلى تواضع الطموحات إلى مجرد الحفاظ على سلامة ووحدة البلاد. السبب الآخر له علاقة بانشغال الأغلبية بقوت يومها نتيجة سوء أحوالها المعيشية، وانشغال النخبة بالحفاظ على مصالحها الضيقة. بالطبع كانت هناك محاولات نهضوية، مثل تجربة محمد على فى القرن التاسع عشر، لكنها كانت محاولات غير مكتملة الأركان، وتم وأدها قبل أن تؤتى ثمارها.

ماذا يعنيه كل هذا بشأن المستقبل؟. ليس لدىَّ شك فى قدرة المصريين كأفراد على الإنجاز. ما ينقصنا للنهوض كجماعة هو إعادة صياغة القواعد التى نعمل فى إطارها لتحفيز المواطنين على الجد والاجتهاد. ثانياً: نحتاج نضجاً سياسياً يضمن أن يعمل الحكام دائماً على النهوض بالوطن لصالح كل مواطنيه. وأخيراً: نحتاج إرادة النهوض، وهذا يتطلب كتلة حرجة ممن لديهم الرغبة والقدرة على ذلك. هل بدأنا فى استيفاء هذه الشروط فيما توالى من أحداث منذ يناير 2011؟. سوف أترك الإجابة للقارئ الكريم. ما ليس لدىَّ شك فيه أن مجتمعنا أكثر حيوية مما كان عليه فى فترات سابقة، وأن أمامنا فرصة حقيقية لترجمة نجاح المصريين كأفراد إلى نجاحنا كجماعة.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon