توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعادة الاقتصادية!

  مصر اليوم -

السعادة الاقتصادية

بقلم - أحمد جلال

تلقيت مؤخراً دعوة كريمة للمشاركة فى المؤتمر السنوى الرابع لأكاديمية السادات، تحت عنوان غير تقليدى: «من النمو الاقتصادى إلى السعادة الاقتصادية». هذا العنوان يحرض فى جوهره على استبدال النمو الاقتصادى بالسعادة الاقتصادية كهدف للتنمية، وهو ما أثار فى ذهنى عدة أسئلة: لماذا حظى معدل النمو حتى وقت قريب بقدر عالٍ من الاحتفاء به، ولماذا يأفل نجمه هذه الأيام؟ وإذا لم يكن النمو الاقتصادى هدفا مقنعا، هل يمكن اعتبار السعادة الاقتصادية بديلا أفضل؟ وأخيرا، هل مصر فى حاجة إلى مؤشر جديد لقياس ما نحققه من تقدم على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى؟ هذه هى الأسئلة التى حاولت الإجابة عنها، وألخص الإجابات فيما يلى:

بالنسبة لشيوع استخدام معدل النمو الاقتصادى، ظنى أن ذلك يرجع لثلاثة أسباب: أولها، أنه رقم بسيط ومعبر عما تتم إضافته سنوياً للناتج القومى، إضافة إلى سهولة مقارنته من سنة لأخرى، وكذلك بين الدول. السبب الثانى مرتبط بتطور علم الاقتصاد نفسه، وما طرأ عليه من نظريات تساعد على التنبؤ بالسلوك الإنسانى فى التعامل مع ندرة الموارد وكفاءة استخداماتها، بافتراض أن الإنسان يسعى برشادة لتعظيم مصلحته الخاصة. السبب الثالث مرتبط بالسبب الثانى، وإن كان سياسيا فى طبيعته، حيث إن التركيز على الكفاءة وليس العدالة الاجتماعية يتفق مع مصالح الطبقة الثرية المتحالفة جل الوقت مع الطبقة الحاكمة.

أيا كانت الأسباب، فقد تعرض معدل النمو الاقتصادى مؤخرا للنقد الشديد لأسباب مختلفة، منها أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن زيادة الدخل فوق مستوى معين لا يجلب مزيدا من السعادة. ومنها أيضا أن إهمال عدالة التوزيع، استنادا لفكرة حصول عناصر الإنتاج بقدر مساهمتها فى الإنتاج واستحواذ المالك على نصيب الأسد، كثيرا ما يؤدى إلى زعزعة استقرار الأمم.

... إضافة لهذا وذاك، تفتقت الأذهان عن إمكانية قياس ما تحققه الدول من تقدم، إذا أرادت الحكومات، باستخدام مؤشرات موضوعية أكثر ثراء، لا يكون فيها الدخل إلا أحد المكونات.

إذا كانت هذه الانتقادات فى محلها، هل يمكن اعتبار السعادة الاقتصادية بديلا أفضل للنمو الاقتصادى؟ لا أظن ذلك، لأن السعادة الاقتصادية يتم قياسها عادة عن طريق مسوح رأى ميدانية لاستشفاف ما يشعر به الأفراد. والمشكلة هنا أن السعادة يصعب تعريفها أو إدراك ماهيتها، ناهيك عن استحالة مقارنة ما يشعر به الأفراد، خاصة مع اختلاف الثقافات. البديل الأكثر شيوعا هو قياس رفاهة الفرد أو جودة الحياة، بناء على مؤشرات موضوعية، مكوناتها إضافة لما يحصل عليه الفرد من دخل، عناصر أخرى مثل إتاحة وجودة الخدمات التعليمية والصحية والثقافية، وتكافؤ الفرص، والمشاركة السياسية، وحماية بيئية. الأمثلة على تطبيق هذا البديل عديدة، ومنها تقارير التنمية البشرية التى يصدرها البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وتقرير «ما بعد النمو الاقتصادى» الذى أشرف عليه عدد من الحائزين على جائزة نوبل فى الاقتصاد، وتقارير اليونسكو عن التقدم الاقتصادى والاجتماعى. هذه التقارير لقيت صدى كبيرا لدى العديد من الدول، من بينها السويد، ونيوزيلاندا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.

بالنسبة لمصر، لم نكن بعيدين كثيرا عن هذا التحول العالمى، وقد تم بالفعل إصدار عدد من تقارير التنمية البشرية، لكن هذه التقارير توقفت منذ فترة، ولم يتم نشر آخر إصدار منها. أما وأننا نرفع الآن شعار محورية الإنسان فى جهود التنمية، ظنى أننا فى حاجة ماسة لتبنى مؤشر جديد لقياس ما يتحقق من إنجازات اقتصادية واجتماعية. لتفعيل هذا الاقتراح، أدعو وزارة التخطيط، ووزيرتها القديرة، إلى طرح مبادرة للوصول إلى توافق مجتمعى حول طبيعة وبنود هذا المؤشر، وإصدار تقارير دورية بشأنه. الاعتماد المبالغ فيه على معدل النمو الاقتصادى قد يؤدى إلى تشخيص خاطئ لمشاكلنا، وبالتالى تبنى سياسات خاطئة، ولنا فيما حدث قبل يناير 2011 مثال لا يجب أن ننساه.

عودة لفكرة التحول من النمو الاقتصادى إلى السعادة الاقتصادية، ليس هناك شك فى قصور مؤشر النمو الاقتصادى عن قياس تقدم الأمم. فى نفس الوقت، لا أظن أن السعادة الاقتصادية بديل أفضل، وذلك لغموض معناها واستحالة مقارنة ما يشعر به الأفراد. الهدف  الذى يستحق السعى لتحقيقه هو رفاهة الفرد، مقاسا بمعايير موضوعية يتم تحديدها مجتمعيا. هذا الرأى ليس تحريضا ضد النمو الاقتصادى، ولكنه دعوة لتحقيق التوازن بين الكفاءة والعدالة.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعادة الاقتصادية السعادة الاقتصادية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon