توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ميادين روما وميادين مصر

  مصر اليوم -

ميادين روما وميادين مصر

بقلم - أحمد جلال

فى زيارة أخيرة لروما، لم أستطع أن أمنع نفسى من الإحساس بالفخر مجددًا لرؤية مسلاتنا المصرية فى أجمل ميادين هذه المدينة الرائعة.

عند عودتى للقاهرة لم أستطع أن أمنع نفسى مجددا من الإحساس بالأسى على أحوال مياديننا.

دون توجيه أصابع الاتهام لأحد، دعونا نتساءل بموضوعية:

هل هذه الأحاسيس لها ما يبررها؟

وما أسباب تردى أحوال مياديننا؟

وهل من مخرج يعيد لها رونقها، وقد كانت القاهرة أجمل مدينة فى العالم عام 1925؟

نقطة البداية هى الاعتراف بأن ميادين روما مبهرة، وأن ميادين مصر لا تسر عدوًا ولا حبيبًا. تمتلئ ميادين روما، إضافة للمسلات المصرية، بتماثيل كثيرة وبديعة من عصور مضت، وكلها معروضة بحس فنى عالٍ، وإضاءة متميزة، وأحيانا نافورات مبهرة. كما تحتفى شوارعها وميادينها بكنوز أخرى، من كنائس تزينها رسوم فنانين كبار مثل مايكل أنجلو، وليوناردو دافنشى، وكارافاجيو، ورافائيل، وصروح ألعاب رياضية قديمة مثل الكالاسيوم، وحدائق غناء مثل حديقة «بورجيزة» التى تضم متاحفَ للفن القديم والحديث، وتماثيلَ لشعراء من بينهم بوشكين الروسى وأمير الشعراء أحمد شوقى.

ببساطة شديدة، المدينة تبدو كما لو كانت معرضًا مفتوحا للفنون، تم تقديمه على طبق من ذهب لأهلها وزائريها.

بالمقارنة، تبدو مياديننا إما خاوية على عروشها، أو أن تماثيلها تعانى من الإهمال الشديد.

أسوأ من هذا وذاك ما وصفه محمد البرمى فى جريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 6 أغسطس 2018 تحت عنوان «من لم تَطَلْه يد الإهمال شوهه التطوير: قصة 9 تماثيل سيئة الحظ بميادين مصر». التماثيل التسعة كانت لطلعت حرب فى قلب القاهرة الخديوية، وأم كلثوم فى الزمالك، ومحمد عبدالوهاب فى باب الشعرية بالقاهرة، والخديوِ إسماعيل فى الإسماعيلية، وأم البطل الشهيد فى سوهاج، وعبدالمنعم رياض فى بورسعيد، وعباس العقاد فى أسوان، وأحمد عرابى فى قرية رزنة بالزقازيق، ورفاعة رافع الطهطاوى فى سوهاج، وراقصة الباليه فى أكاديمية الفنون بالإسكندرية. تحت عنوان التطوير، تعرضت هذه التماثيل للتشويه بالطلاء العشوائى، أو الترميم الذى أفقدها هويتها، أو ستر عورتها بقطعة قماش، أو نقلها بالبلدوزر لتوسيع ميادين. بشكل عام، نتعامل مع تراثنا، فرعونيا وقبطيا وإسلاميا، كرأسمال مستباح تحكمه عشوائية القرارات والمرتزقة، ناهيك من افتقاد الروح الجمالية.

هل من مخرج يعيد لمياديننا رونقها؟ بالتأكيد، لكن بشروط ثلاثة:

الشرط الأول اعتبار الجمال مسألة مهمة فى حياتنا، على الأقل بحكم رغبتنا فى تشجيع السياحة، والأفضل من ذلك، لأن لدينا تراثًا حضاريًا رفيعًا، وفنانين على مستوى عالمى، ومحبين للجمال فى مشهد يسوده القبح.

الشرط الثانى هو الاقتناع بأن الممارسات الحالية غير فعالة. على سبيل المثال، عندما تم تشويه تمثال «الخديوِ إسماعيل» بالإسماعيلية، كان رد فعل الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، هو تكوين لجنة من خبراء قطاع الفنون التشكيلية والجهاز القومى للتنسيق الحضارى لتقصى الحقائق، وإعادة التمثال لحالته الأولى.

هذا رد فعل إيجابى، لكن هل سوف يمنع تكرار ما حدث، وماذا كان عقاب من خالف قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر فى 2016 الذى يحظر عمليات تجميل أو وضع تماثيل أو ترميمها دون الرجوع لوزارتى الثقافة والآثار؟

بالنسبة لما تم فى شارع المعز بالقاهرة القديمة من تجديد واحتفاء بمبانيه الأثرية، هذا أيضا عمل إيجابى، وقد جعل منه مزارا للمصريين وغيرهم.

المشكلة أن مدننا زاخرة بمثل هذا الشارع، وإذا أردنا تعميم التجربة بنفس معدلات الأداء السابقة، ألن يأخذ هذا وقتًا أطول بكثير مما يجب؟

وأخيرا: ليس هناك شك فى أن تشكيل لجان مؤقتة لتجميل وجه القاهرة هو محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذا أيضا توجه إيجابى.

لكن هل لهذه اللجان أنياب قانونية؟

وماذا سيحدث عندما تنتهى من عملها؟

وما علاقتها بوزارات الآثار والثقافة والسياحة والإدارة المحلية؟

الشرط الثالث، إذا كنا جادين فعلا فى تجميل ميادين مصر، قد يكون إسناد مهام تجميل ميادين مصر لمؤسسة واحدة، وتمكينها ماليا وبشريا وفنيا، ومساءلتها عن النتائج.

فى النهاية، قد لا نستطيع تجميل ميادين مصر لتصل إلى درجة جمال ميادين روما فى الأجل القصير لأسباب كثيرة، لكن ذلك ليس عذرًا لاستمرار الأحوال على ما هى عليه.

ولنتذكر سويا الحديث النبوى: «إن الله جميل يحب الجمال».

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميادين روما وميادين مصر ميادين روما وميادين مصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon