توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تمزيق نسيج الوطن!

  مصر اليوم -

تمزيق نسيج الوطن

بقلم : خالد سيد أحمد

محاولة توصيف الاشتباكات التى وقعت أخيرا، بين المسلمين والمسيحيين فى قرية دمشاو هاشم بالمنيا، احتجاجا على بناء كنيسة من دون ترخيص وإقامة الصلاة فيها، بأنها مجرد حادث عابر أو سحابة صيف سرعان ما ستزول، لن يحل المشكلة التى ازدادت حدة خلال السنوات الأخيرة، لاسيما وانه يوجد بيننا عقليات متطرفة، تستكثر على المسيحيين إقامة شعائرهم الدينية، وتتساءل بلا خجل: «عايزين يصلوا ليه»؟.

ومنذ ثورة يناير 2011، تضاعفت التحديات التى واجهت المواطنين المسيحيين، عندما أطلت الجماعات الاسلامية المتشددة برأسها على سطح المشهد السياسى فى البلاد، وأضحت قاب قوسين أو أدنى من التحكم فى مفاصل السلطة، التى كانت فى السابق حكرا على نظام فى حالة عداء دائم مع كل من ينتمى لهذا التيار، وهو ما مثل ضمانة لهم بأن الدولة تحميهم من غلو وتطرف وعدم تسامح تلك الجماعات مع الآخر المخالف لها فى العقيدة.

الارتكان إلى حماية الدولة قبل الثورة، جعل الغالبية العظمى من المسيحيين، ينغلقون على أنفسهم فى المجتمع، ويختفون خلف ستائر العزلة الاختيارية، وباتت مشاركتهم السياسية شبه منعدمة، ومساهماتهم فى قضايا المجتمع غير مرئية، وأصبح العنوان الوحيد لهم هو «البابا» الجالس على مقعد البطريركية.. هو الذى يمنح ويمنع.. يقبل ويرفض.. يعاقب ويعفو.. بات رئيسا غير متوج فى عالم الأقباط.

لكن كما طرقت رياح الثورة، أبواب الجماعات الإسلامية المتشددة، ودفعتها للخروج من تحت الأرض، هبت تلك الرياح أيضا على أبواب الكنيسة، ودفعت المسيحيين ــ شأنهم شأن الغالبية العظمى من المصريين ــ إلى تعاطى السياسة التى كانوا فى حالة خصام ارادى معها، وبدأوا يتفاعلون مع قضايا المجتمع شيئا فشيئا، لكنهم اكتشفوا واقعا جديدا، كان من أبرز سماته ان قبضة الدولة التى راهنوا عليها طويلا لحمايتهم من تشدد تلك الجماعات، أضحت رخوة للغاية وبالتالى أصبح عليهم التعامل وفق آليات السوق السياسية الجديدة، فلجأوا إلى تكوين أحزاب سياسية، والتحالف مع قوى تتبنى «مدنية الدولة» منهجا، حتى يمكن لهم المشاركة فى عملية صنع القرار فى «مصر الجديدة».

لم يساهم هذا التوجه فى حصول المسيحيين على نصيب مؤثر فى الخريطة السياسية الجديدة التى سيطر عليها التيار الإسلامى، ما ضاعف من حجم المشكلات التى يواجهونها، حتى هبت رياح يونيو 2013، فانضموا إلى الغالبية العظمى من الشعب ومؤسسات الدولة، الذين توحدوا جميعا لانهاء سيطرة هذا التيار على السلطة.
دفع المسيحيون ضريبة كبيرة فى ذلك الوقت، وبالتحديد فى شهر أغسطس 2013، حيث تم مهاجمة وحرق وتدمير أكثر من 100 كنيسة، الأمر الذى كان كفيلا بإشعال نيران الحرب الطائفية، الا ان عقلانية وحكمة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، منعت فتح أبواب الحجيم على مصر، وكان يردد جملته المعروفة: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».

لذلك كما سبق وذكرنا، فان النظر إلى ما حدث فى «دمشاو هاشم»، على انه حادث عابر، مخطئ تماما، بل يحب التعامل معه على انه حلقة جديدة من محاولات إشعال نار الفتنة الطائفية فى البلاد، ومعاقبة المسيحيين على دعمهم لمؤسسات الدولة وجموع الشعب ضد الجماعات المتطرفة التى حاولت السيطرة على البلاد.

يجب على الدولة أن تقوم بدورها الآن، لمحاصرة مشعلى الحرائق والفتن الطائفية والحروب بين الأديان، وأن تتدخل بقوة وجدية لمنع المتطرفين من تمزيق نسيج الوطن، وذلك من خلال العمل على الكثير من الجبهات فى وقت واحد، أهمها بلا شك تفعيل القوانين التى تعاقب على ازدراء الأديان أو نشر الكراهية أو إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن، وتطبيق هذه العقوبات فورا على من يقومون بمثل هذه الأمور، وألا تترك مصير ما يتفجر من قضايا مماثلة فى المستقبل، بيد ما يسمى بـ«المجالس العرفية» التى لا تعيد حقا أو تضع ضوابط تمنع تكرار إشعال مثل هذه الحرائق مجددا.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمزيق نسيج الوطن تمزيق نسيج الوطن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon