بقلم - جلال عارف
مشهد النيران وهي تندلع في كاتدرائية نوتردام بباريس كان مؤلما لكل نفس إنسانية. لم تكن الخسائر هنا فرنسية ولكنها كانت خسارة أحس بفداحتها الجميع .
كاتدرائية نوتردام ليست مجرد كنيسة لطائفة من الناس، ولا مجرد معلم سياحي يستقبل مليون سائح كل شهر، ولكنها جزء من تراث رائع تزهو به الحضارة الإنسانية كلها .
وربما خفف من الكارثة بعد ذلك، ان يكون هيكل الكاتدرائية سليما وان تنجو اغلب التحف النادرة بها، وأن يعلن الرئيس الفرنسي عن ترميم كامل للكاتدرائية خلال خمس سنوات، وان تنهال التبرعات من أثرياء فرنسا أولا ثم من العالم كله. مازال قلب العالم يخفق بالخير والجمال رغم كل ما يواجهه في زمن التطرف والعنصرية والإرهاب ومازالت الإنسانية قادرة علي احتضان ما أنجزته طوال تاريخها من إبداع جميل .
نفس العالم الذي وقف معنا لإنقاذ معابد أبوسمبل قبل نصف قرن، يقف الآن لإنقاذ »نوتردام» ولمنع برابرة العصر من اغتيال ما أبدعته الإنسانية علي اختلاف معتقداتها وجنسياتها من جمال يتحدي الزمن ويهزم القبح بكل أنواعه.
ولست ممن يقفون طويلا عند مرض التعصب أو الجهالة أو فقدان البصيرة هؤلاء الذين أبدوا الشماتة فيما حدث. هؤلاء المرضي أو المهاويس هم جزء من ظاهرة العنصرية والكراهية التي يواجهها العالم كله. انهم الذين وقفوا يحتفلون بتدمير جزء عزيز من الحضارة الإنسانية علي أياديهم القذرة في سوريا والعراق. وهم الذين يعادون كل شيء جميل في هذه الحياة. وهم الذين يسممون الدنيا بأفكار لا تكره الآخرين فقط، ولكنها تحتقر كل ماهو إنساني .. تحرم الفن وتحتقر العلم، ولا ترضي إلا بجهلها وجاهليتها !!
تحرس الإنسانية تراثها وتبني مستقبلها بينما الإرهاب المنحط لا يعرف تاريخا ولا مستقبلا إلا في جحوره المسمومة بالكراهية والتعصب والجهل والانحطاط. وحتما سوف تنتصر الإنسانية، وتزهو الدنيا بما أراده الله من عمران ومن جمال وإبداع ينشر الخير ولا يعرف الكراهية أو التعصب أو شماتة الجاهلين .
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع