توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أطفال ينتحرون بدون حوت أزرق

  مصر اليوم -

أطفال ينتحرون بدون حوت أزرق

بقلم - خالد منتصر

ليس الحوت الأزرق هو المتهم الرئيسى، ولكنه الاكتئاب الأسود الذى نخدع أنفسنا ونقول معقول الأطفال كمان اللى لسه ما طلعوش من البيضة بيكتئبوا وينتحروا كمان ؟؟، نعم يكتئبون وينتحرون، وأنتم لا تعرفون، لأنكم مصرون على التعامل معهم بمنطق الدمى والعرائس الخشبية الماريونيت، وليس بمنطق الإنسانية، كيف تعرف أن طفلك مكتئب حتى لو لم يلمس لعبة الحوت الأزرق؟!، أعراض اكتئاب الأطفال منها ما يشتركون فيه مع الكبار، ومنها ما ينفردون به، فالمزاج حزين ويائس، ورأيهم فى ذواتهم سيئ ويحمل قدراً كبيراً من لوم الذات، ويتصفون بالتهيج والتوتر وأحياناً العدوانية، نومهم مضطرب ومسيرتهم الدراسية غير مستقرة، أما علاقاتهم الاجتماعية فى محيط الأسرة والمدرسة فهى مفككة وفقيرة، وفى أحيان كثيرة يعانون من اضطرابات جسمانية وفقدان لطاقتهم المعهودة، وتغيرات غير طبيعية فى الشهية والوزن.

تغيرات المزاج عند الطفل المكتئب لا بد لها من أن تثير الانتباه، فهو دائماً حزين ووحيد، لا يسعد بأى هدية أو تقدير أو نجاح، فاقد الأمل والثقة، ومن السهل استثارته وبكاؤه بل وصراخه، فى منتهى الحساسية ومتقلب المزاج إلى حد مزعج، ومن الصعب بل والمستحيل إرضاؤه، وهو متضخم الإحساس بالذنب، وكأن ضميره فوق جلده، والمدهش والخطير فى الأمر أن 35% من هؤلاء الأطفال يتمنون الموت، و15% منهم يخططون للانتحار، وينجح 5% منهم فى تنفيذ خطتهم اللعينة والتخلص من حياتهم!.

تمثل اضطرابات النوم علامة سهلة وبسيطة فى إمكانية القبض على شبح الاكتئاب متلبساً، وهى تظهر فى صور متعددة، فمنها اضطراب الدخول فى النوم بصعوبة، وهو ما يطلقون عليه INITIAL INSOMNIA، أو النوم المضطرب المتقطع INTERVAL INSOMNIA، أو النوع الأخير، وهو الذى يستيقظ فيه الطفل مبكراً جداً ويعده الأطباء أخطر الأنواع.

تأتى الشهادة المدرسية ومتابعة الطفل أثناء الدراسة كجرس إنذار مبكر يجذب انتباه الأهل بأن الاكتئاب يدق على الأبواب بقوة وبعنف، وأنه سيتمكن من عنق وروح الطفل إذا لم نسارع بحمايته ودعمه ضد هذا اللعين، فعلينا أن نستمع جيداً لشكاوى المدرسين، مثل أحلام اليقظة وعدم التركيز فى الفصل، وعدم الاكتراث بالواجب اليومى، وهبوط المنحنى الدراسى بشكل مطرد، وفقدان الاهتمام بالنشاطات المدرسية داخل وخارج الفصل، وأخيراً يحاط كل هذا بسياج من الوحدة وعدم التفاعل مع الأصدقاء، وتفضيل العزلة، والتفنن فى بناء أبراجه العاجية الخاصة، وحصونه وقلاعه غير القابلة للاقتحام.

أما الشكاوى الجسدية، التى فى معظم الأحيان يخطئ فى تشخيصها الأطباء، ويلبسونها ثياب أمراض الأطفال العادية ويحاولون علاجها بمخفضات الحرارة ومسكنات الألم ومحاليل الجفاف، مع أن الألم نفسى والجفاف عاطفى والروح هى التى تحتاج إلى مسكنات، هذه الأعراض تغطى مساحة كبيرة من أجهزة الجسم، بداية من الرأس حتى أخمص القدم، وكلها تنتمى إلى ما يسمى الأمراض النفسجسمية، مثل الصداع وتقلصات المعدة وآلام المفاصل واضطرابات النظر والتى لا يمكن إرجاعها إلى سبب جسمى واضح.

بداية العلاج هى الاقتناع أولاً بأنه يوجد ما يسمى باكتئاب الطفل، وثانياً بأهمية علاجه، وما زالت أدوية الاكتئاب مثار جدل، هل نعطى الطفل مضادات الاكتئاب؟ ومتى؟ وبأى جرعة ؟وحتى أى سن؟؟.. إلخ.

وكل مدرسة علمية تضع محاذير وتقدم مبررات، ولكن الجميع فى النهاية يتفق على أن الأطفال ملائكة، ولكن أجنحتهم أحياناً لا تقوى على الطيران والتحليق، ونورانيتهم كثيراً ما تجعلهم بؤرة اهتمام مكثف نتفنن فى قتله وإظلامه، أما براءتهم فهى كثيراً ما تفضح زيفنا نحن الكبار، ولذلك فنحن ننقل لهم عدوى الاكتئاب حتى نطمئن على أنهم أصبحوا مثلنا، زحفت عليهم تجاعيد شيخوخة الروح والقلب، وترهلات العجز عن العطاء والبهجة والفرح.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال ينتحرون بدون حوت أزرق أطفال ينتحرون بدون حوت أزرق



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon