توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حروب الرحماء وحلم إبراهيم عيسى

  مصر اليوم -

حروب الرحماء وحلم إبراهيم عيسى

بقلم : خالد منتصر

لكل كاتب مشروع رئيسى وحلم محورى يداعب خياله كل فترة، وعندما يكتب بعيداً عن هذا الحلم، فهو أحياناً يكتب بدافع الشحن المعنوى لاستكمال الحلم، وأحياناً أخرى يكتب للهروب من عبئه ومسئوليته الثقيلة، ولكن هذا المشروع الحلم يظل ساكناً فى محارة الضمير والروح والعقل لا يبرحها حتى يتشكل لؤلؤة أصيلة براقة. وإبراهيم عيسى، برغم نجوميته الصحفية والتليفزيونية واقتحامه لمجالات كثيرة ومتعددة ومتشعبة، إلا أن قراءة التاريخ الإسلامى من وجهة نظر تحليلية موضوعية لا تقديسية صنمية، وتحويله إلى حكى قصصى إبداعى، كانت مشروعه وحلم حياته، منذ أن كان شاباً صغيراً فى «روزاليوسف» ثم فى إصدار «الدستور» الأول، ثم فى تجربة «دريم» التليفزيونية، ثم فى إصدار «الدستور» الثانى... إلخ، وهذه الرغبة متأججة بداخله وكأنها نداهة الحكايات الشعبية القديمة، لذلك كان صدور رواية «حروب الرحماء» بعد «رحلة الدم» خبراً سعيداً بالنسبة لى شخصياً، لأننى بهذا أكون قد كسبت الرهان بأن الحلم حتماً سيتمكن من إبراهيم ويتحقق. وها هى السلسلة تحقق النجاح الذى يغرى بالاستكمال. النفس الروائى منح تاريخ «حروب الرحماء» قوة الفيلم السينمائى، فقد وصف إبراهيم عيسى تفاصيل المعارك، خاصة الجمل وصفين، وكأننا نرى جنود المعركة ونلمسهم ونعيش ترددهم تارة وحماقاتهم تارة أخرى، نتعفر بتراب سنابك الخيل ونقلب الصفحات ونحن نمسح عنها الدم، نفتح أعيننا على اتساعها لا لنقرأ الحروف بصورة أفضل ولكن لأن قلم إبراهيم عيسى المطرقة يدق على رؤوسنا بتفاصيل لا يمكن أن تحدث من أناس كان النبى الموحى إليه من السماء بينهم منذ سنوات قليلة، وكان القرآن ما زال فى القلوب قبل الأوراق والجلود.

وأذكى ما فعله إبراهيم عيسى فى الرواية هو بيان وتوضيح مراحل تشكل طبقة الخوارج وتتبعها منذ مرحلة الجنين حتى مرحلة المارد مصاص الدم، وساهمت ريشته فى رسم أعظم بورتريه تم رسمه لعبدالرحمن بن ملجم، قاتل على إمام المتقين، وصف المؤلف -بدون مباشرة فجة- أن هناك بعداً طبقياً وعنصرياً فى إشعال غضب هذا القاتل، وكأن الذى غضب وشارك فى قتل ابن ملجم نسى أو تناسى أنه هو صانعه فى الأصل، بالتعالى والعنصرية والقبلية. إلى جانب ريشة البورتريه كان هناك مشرط الجراح وشيزلونج الطبيب النفسى، عندما يتحدث عن حيرة الزبير وتردده فى مواجهة على، مواجهات الجيل الثانى من أبناء الصحابة، امتعاض ابن طلحة وابن عمرو بن العاص من تأجج الحرب فى مواجهة جموح ابن الزبير وابن خالد بن الوليد، ابن أبى بكر فى الجيش المواجه لابن أبى بكر، مبشر بالجنة يقاتل مبشراً آخر، ثأر وخصومة كانت قبل الإسلام تظهر من تحت الرماد جمرة ملتهبة فتجد سيفاً لمسلم يقطع رقبة مسلم آخر مذكراً إياه بثأر قديم من قبيلته! كيف استُخدم عمار بن ياسر من الطرفين، كل يحكى حكاية موته وقتل الفئة الباغية له من زاوية مصلحته.

أبدع إبراهيم عيسى فى رسم مثالية شخص على ابن أبى طالب، رسمه كبطل إغريقى يساق إلى قدره الدرامى بمحض إرادته، وكأنه يقول لنا فى طيات روايته إن مثالية على بن أبى طالب المحلقة السماوية لا تستطيع أن تكسب فى لعبة السياسة الأرضية، بلغت هذه المثالية العلوية به مبلغاً يتجاوز الملاحم الإغريقية حين يعفو عن أعدائه ويوقف الحرب وهو قد اقترب من حسم الانتصار ثم يختار المفاوض الممثل لجيشه شخصاً كان قد خذله من قبل!! يتضح للقارئ من «حروب الرحماء»، ومن قبلها «رحلة الدم»، أن دراما التاريخ الواقعية أخطر وأكثر شجناً وحزناً وإثارة وغموضاً من أى دراما مسرحية، مشروع سلسلة رحلة الدم سيظل هو البصمة الخالدة والوشم الباقى فى رحلة إبراهيم عيسى نفسه، واستكمالها لم يعد ترفاً أو رفاهية أو مزاجاً، بل صار فرض عين وفريضة ثقة، فهو قد قرّب الشباب من منطقة التاريخ، وأبعد التاريخ عن منطقة القداسة، وهو جهد لو تعلمون عظيم.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

GMT 01:43 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

قاموس الاستقرار وقاموس النار

GMT 01:32 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

بريد الليل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الرحماء وحلم إبراهيم عيسى حروب الرحماء وحلم إبراهيم عيسى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon