توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقشف أولًا

  مصر اليوم -

التقشف أولًا

بقلم-عماد الدين حسين

إذا كنا نعانى من أزمة اقتصادية خانقة.. فهل نحن، شعبا وحكومة، نمارس التقشف فعلا؟!
هذا السؤال أسمعه كثيرا هذه الأيام، وآخرها يوم الأحد الماضى من شخصية مرموقة ذات خبرة واسعة. لم أسارع بالإجابة وقتها، لكن ما أشاهده على أرض الواقع يقول إننا لا نزال بعيدين عن التقشف بمعناه الحقيقى وليس المظهرى.
يفترض أن تتخذ الحكومة قرارا بين لحظة وأخرى بزيادة أسعار الوقود، فى إطار عملية الإصلاح الاقتصادى الشاملة التى بدأتها فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦، بتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهى رفعت بالفعل أسعار تذاكر المترو والمياه والصرف الصحى فى الأيام الماضية.
تقول الحكومة ــ وأنا أتفهم وجهة نظرها ــ إن هذه القرارات حتمية ولا بديل عنها، حتى لا تتفاقم المشكلة.
لكن وإذا كان على الشعب أن يتحمل، ويتناول «هذا الدواء المر»، فهناك دواء مر ينبغى أن تتجرعه الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها أيضا، وهو التقشف الشديد، ومن دونه لن يقتنع الشعب بأى مبررات للزيادة، حتى لو كانت حقيقية.
أفضل دعاية تقوم بها الحكومة لكى يتقبل الناس الزيادات المرتقبة ــ إضافة بالطبع لحزمة الحماية الاجتماعية ومقاومة الفساد بلا هوادة ــ، هى أن تتبنى فعلا عملية تقشف صارمة وواسعة ومستمرة، وليست مظهرية وجزئية ووقتية.
مطلوب قرارات عاجلة وسريعة بتطبيق إجراءات التقشف فعلا. تخيلوا حينما يرى موظفو وزارة أو مؤسسة أو هيئة عامة، الوزير أو وكيل الوزارة أو رؤساء الشركات، وكبار العاملين يمارسون حياتهم بتقشف.. ألن يكون ذلك أفضل وسيلة للاقناع؟. وتخيلوا فى المقابل حينما يروا المواكب والسيارات الفارهة والإنفاق الباذخ من المال العام.. فكيف سيصدقون أن هناك أزمة اقتصادية فى البلد، ومطلوب من المواطن أن يتحمل ويصبر؟!.
كيف يمكن تصور أن تكون الحكومة جادة فى الإصلاح فى حين أنها تصرف أرباحا للعديد من الموظفين التى تحقق شركاتهم ومؤسساتهم خسائر متواصلة؟!. طبعا هى تقول إنها مغلوبة على أمرها، وتخشى من ردود فعل اجتماعية واسعة من هؤلاء العمال والموظفين، حسنا.. لكن أليس هناك طريقة لوقف هذا الهدر الذى يتحمله فى النهاية ملايين المواطنين الذين نطلب منهم أن يتقشفوا؟!.
أمر جيد جدا أن نسمع ونقرأ يوميا عن العديد من عمليات الفساد التى تضبطها أجهزة الدولة المختلفة وفى مقدمتها الرقابة الإدارية.. لكن مطلوب من الحكومة أن نتخذ إجراءات حاسمة فى وقف النهب والهدر المنظم فى القطاع العام والحكومى والمشترك، والذى يتم للأسف أحيانا بسبب قصور التشريعات ومناخ عام من غياب المحاسبة، إضافة إلى ضرورة مناقشة كيف يمكن لأجهزة الحكومة أن تحصل الضرائب بصورة كاملة، خصوصا من كبار الأغنياء وليس فقط صغار الموظفين من المنبع.
هناك تجربة مهمة رأيتها بنفسى فى الصين، صاحبة أكبر معدل نمو وأفضل اقتصاد عالمى. كنت هناك فى شتاء العام الماضى برفقة مجموعة من رؤساء ومديرى التحرير بالصحف المصرية، فى ضيافة جامعة بكين للدراسات الحكومية. وأثناء تناول الغداء قالوا لنا: «نعتذر لأن الوجبة لن تكون فاخرة، فالقوانين تحتم علينا ألا يزيد سعرها للضيف الأجنبى عن خمسة دولارات وكوب من الشاى الأخضر، فى إطار خطة للتقشف تشمل أيضا إلزام المسئولين بالتنقل فى سيارات عادية، والسفر على الدرجة الاقتصادية والنزول فى فنادق بسيطة توفيرا للنفقات».
حينها كتبت عن هذه التجربة، وقلت هذا ما فعلته الصين بجلالة قدرها، السنا نحن اولى بهذه الاجراءات؟!.
اليوم أكرر نفس السؤال، وأدعو الحكومة ومؤسسة الرئاسة إلى اتخاذ خطوات جريئة فى هذا الملف. لو تم تطبيق ذلك، فسوف يتحمل المواطنون أى إجراءات صعبة، لأنهم وقتها سيدركون فعلا أن الجميع «فى الهوا سوا»، أو «كلنا فى الهم شرق»، وأن كأس الإصلاح المر سيتجرعه الجميع، وليس الفقراء فقط.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقشف أولًا التقشف أولًا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon