توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرنسا ومصير الثورات

  مصر اليوم -

فرنسا ومصير الثورات

بقلم ـ محمد صلاح

من المنطقي أن تحظى الأوضاع في فرنسا باهتمام المواطن العربي، خصوصاً في الدول التي عصف بها الربيع العربي ودمر البنية التحتية فيها وضرب البنية المجتمعية لأبنائها، أو الدول التي نجت من الدمار أو قاومت الخراب، أو تلك التي لازالت تدفع ثمن تورط الناشطين فيها في التحالف مع جماعات أو تنظيمات، كالإخوان مثلاً، في نشر الفوضى والوقيعة بين مؤسسات الدولة وفئات المجتمع أو طوائفه. يرقب المواطن العربي سلوك أصحاب «السترات الصفراء» في فرنسا ويقارن بينه وبين أفعال المحتجين في بلاده، حين استجابوا لتحريض جماعات خارجية لها مصالح، وتنظيمات ونشطاء في الداخل لهم حسابات وأهداف وأطماع وطموحات، كما يرصد ردود فعل الحكومة الفرنسية والرئيس ماكرون ويقارن بينها وبين ردود فعل الحكومات العربية والرؤساء الذين ضربت رياح الربيع العربي، قبل سنوات، بلادهم. كما يهتم المواطن العربي وبشدة بمواقف أطراف لعبت أدواراً مهمة في تفجير الاحتجاجات في بلاده وتوجيهها وتحريض الناس وتأجيج المشاعر والصيد في كل مياه عكرة لإفساد أي محاولة لتهدئة الغاضبين وكبح جماح الثائرين، ويلاحظ أن الأطراف نفسها بدّلت من مواقفها وغيّرت من مفرداتها وأنماط سلوكها وسياساتها وأفعالها تجاه ما يجري في فرنسا، فوسائل الإعلام التي تملكها قطر، أو تحركها وتنفق عليها والتي لم تفوت، ولاتزال، أي فرصة إلا وانتهزتها من أجل الإساءة إلى الحكام العرب وتحريض الجماهير ضدهم، لم يكن الحدث الفرنسي على أولوية اهتمامها وتقاريرها وبرامجها، والإخوان الذين احتلوا الاستديوهات في القنوات التركية ولازالوا يسعون إلى إحياء الربيع العربي بعد موته، سعوا إلى استغلال الأوضاع في فرنسا لتحفيز الشعوب العربية بأي شكل لإعادتهم إلى الشوارع والميادين دون التركيز على الحدث الفرنسي نفسه، وعشرات المنظمات الحقوقية والمراكز البحثية الغربية لازالت تراوح مكانها؛ إما بتكرار التقارير عن قضية خاشقجي أو ريجيني. أما هؤلاء الناشطون الذين سطعوا وبرزوا وتوهجوا مع الربيع العربي واحتضنتهم الدوائر الغربي وصاروا نجوماً لدى الآلة الإعلامية القطرية واحتفى بهم الإخوان وروجوا كلامهم ونظرياتهم، فلم يهتموا كثيراً بما يجري في فرنسا إلا من زاوية واحدة، مفادها أن ثورات الشعوب ضرورة حتمية.

كان من الطبيعي أيضاً أن يهتم المواطن العربي بالاطلاع على رأي من وصفوه بـ «عراب الربيع العربي» وهو الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي كان حاضراً في أحداث الربيع العربي؛ إما منظراً ومحرضاً ومؤيداً، أو حتى في الشوارع والميادين وبين جموع المتظاهرين محمساً لهم موجهاً لحركاتهم وتحركاتهم ومشعلاً لمشاعر غضبهم، لكن المفاجأة أن الرجل لم يعد متحمساً للثورة أو مؤيداً للغاضبين بل منتقداً وحزيناً على سلوك أصحب «السترات الصفراء» ومديناً لأفعالهم ومشبهاً إياهم بأصحاب «القمصان السوداء» في إيطاليا ثلاثينات القرن الماضي.

ليفي الذي كان يرى أن ضحايا الثورات العربية هم وقودها صار يتباكى على سقوط ضحايا في شوارع فرنسا، وهو عبر عن غضبه لوقوع أضرار مادية في المنشآت العامة والخاصة وبعض معالم العاصمة الفرنسية جراء الاحتجاجات!! ودعا في مقالة نشرت في صحيفة «لوبوان» أصحاب «السترات الصفراء» إلى «التعاون مع الشرطة الفرنسية خلال الاحتجاجات من أجل توقيف أصحاب «السترات السوداء» قاصداً مرتكبي حوادث العنف ولصوص المحلات، وقال: «ليس هناك شك في أن اللصوص من اليمين المتطرف واليسار المتطرف سيظهرون مرة أخرى بتخريبهم وإرهابهم وتدنيسهم»، عراب الربيع العربي لم يبدل كلامه أو موقفه أو آراءه لكون الحدث هذه المرة يؤثر على بلده ومجتمع وشخصه فقط، وإنما أيضاً تنصل من تاريخه في دعم حركات الاحتجاج والترحيب باستخدام العنف لقلب أنظمة الحكم، ووصل به الحال إلى مطالبة أصحاب السترات الصفراء بالتحلي بالشجاعة «لوقف الاحتجاجات وإبعاد المتطرفين». على أساس أن السماح للكراهية المتحمسة أن تتفوق على الأخوة هو اختيار للتدمير لا الإصلاح ولن يجلب سوى الفوضى». ليفي نفسه الذي لم يتوقف عن تحريض الشعوب العربية للثورة على أنظمة الحكم حتى لو بالعنف، وجال بين دول عربية عدة لشحذ الجماهير وإظهار دعم الغرب للاحتجاجات، خلص في حديثه إلى الفرنسيين إلى أن عدم الاستجابة إلى نصائحه بالنسبة لأصحاب «السترات الصفراء» «سينتهي بهم المطاف إلى مزبلة التاريخ»، أي المكان نفسه الذي كان عراب الربيع العربي يريد أن يلقينا فيه.

نقلا عن الحياة 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا ومصير الثورات فرنسا ومصير الثورات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon