توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين يقفز الجمهوريون من السفينة

  مصر اليوم -

حين يقفز الجمهوريون من السفينة

بقلم - منار الشوربجي

المقال الذي نشره كاتب الرأى الشهير جورج ويل وأثار ضجة الأسبوع الماضى هو أحد تجليات الأزمة العميقة التى تعيشها الولايات المتحدة حتى أن سلسلة من رموز نخبة الجمهوريين التقليدية صارت تقفز علنا من سفينة الحزب الجمهورى بل وتعتبر أن الحزب قد صار يمثل خطرا على الديمقراطية الأمريكية ذاتها.


فجورج ويل كاتب رأى، ينشر مقالين أسبوعيا فى صحيفة الواشنطن بوست. وليس سرا أن جورج ويل كاتب محافظ يميل بوضوح للحزب الجمهورى، وطالما دافع عن سياساته ورموزه السياسية. غير أن الرجل كتب مقالا الأسبوع الماضى دعا فيه الناخبين الجمهوريين علنا للتصويت ضد الحزب، ولصالح الديمقراطيين مؤكدا أنه قد آن الأوان ليشغل الجمهوريين مقاعد الأقلية بدلا من الأغلبية فى الكونجرس بعد الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها فى نوفمبر القادم.

وأسباب جورج ويل التى حددها فى مقاله كانت واضحة، وهي باختصار أن الكونجرس الذي يتمتع فيه الجمهوريون بالأغلبية تخلى، تحت قيادتهم، عن صلاحياته الدستورية، التى هى جوهر نظام الحكم الأمريكى القائم على التوازن والرقابة، مما يمثل، عند ويل، خطرا على الديمقراطية الأمريكية ذاتها. فهو اتهم الحزب الجمهورى بأنه صار "دمية فى أيدي الرئيس ترامب ومن ثم دعا الناخبين للتصويت للحزب الديمقراطى حتى يستعيد الكونجرس صلاحياته فى مواجهة الرئيس.  


والواقع أن التوازن والرقابة، كمفهوم جوهرى قام على أساسه النظام الأمريكى، فلسفته الجوهرية هى عدم السماح لأي من مؤسسات الحكم الثلاث، الرئاسة والكونجرس والقضاء، بالانفراد بأى سلطة من السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية. فكل واحدة من المؤسسات الثلاث لها صلاحيات دستورية تمس كل واحدة من تلك السلطات.

فإذا كانت السلطة التشريعية، مثلا من نصيب الكونجرس، فإن للرئيس صلاحية الفيتو، وهي تعتبر صلاحية تشريعية تمثل قيدا على الكونجرس، الذي لا يملك دستوريا إلغاء فيتو الرئيس إلا إذا امتلك أغلبية الثلثين فى كل مجلس. وبالمثل، فإذا كان للرئيس السلطة التنفيذية، فإن الكونجرس يمثل قيدا عليه لأنه وحده الذي بإمكانه مثلا إعلان الحرب، وإنشاء الهيئات التنفيذية المختلفة، فضلا عن التصديق على كل تعيينات الرئيس للمناصب التنفيذية والقضائية. وهكذا.


ومن بين الصلاحيات الدستورية التى يرى الكثير من الجمهوريين، ومنهم جورج ويل، أن الكونجرس تخلى عنها ما يتعلق بالتجارة الخارجية. فالنص فى الدستور الأمريكى صريح فى منحه تلك السلطة للكونجرس لا الرئاسة. لكن الكونجرس كان قد ابتدع نظاما هدفه عدم إحراج الرئاسة حين تتفاوض مع دول أخرى بشأن اتفاقات التجارة الحرة فى حالة قيام الكونجرس، وفق سلطاته، بتعديلها بعد توقيع الرئيس عليها أو إذا ما تأخرت المؤسسة التشريعية فى البت فيها وفق أجندتها المزدحمة.

وقد قام هذا النظام على اشتراط أن يقوم الرئيس، طوال فترة المفاوضات التجارية بإخطار الكونجرس أولا بأول بكل تطوراتها، وذلك فى مقابل أن يمنح الكونجرس للاتفاقية، متى وقعها الرئيس، "مسارا سريعا" على جدول أعماله، أى لا تنتظر دورها، بل ويتم التصويت عليها دون تعديل بالرفض أو الموافقة.

وقد تم العمل بذلك النظام الذي صار يعرف "بالمسار السريع" منذ فترة. لكن المؤسسة التشريعية راحت تمنح الرئيس تلك المزية لسنوات طويلة قادمة. وهو بالضبط ما حدث عام 2015. فتحت ضغوط من إدارة أوباما، وافق الكونجرس، ذى الأغلبية الجمهورية، على منح الرئاسة "المسار السريع" حتى عام 2018 مع إمكانية مد الفترة حتى عام 2021، أى أنها تغطى فترة حكم ترامب بالكامل. والحقيقة أن الجمهوريين لا الديمقراطيين هم الذين أعطوا لأوباما ذلك النصر.

فقيادات الحزب الديمقراطى، أى حزب أوباما، وقفت ضده بقوة فى تلك المعركة التى حسمها الحزب الجمهورى، حزب الأغلبية وقتها. فالقوى الرئيسية للحزب الديمقراطى، كاتحادات العمال ومنظمات البيئة فضلا عن يسار الحزب، حاربوا منح أوباما تلك الصلاحية بينما الحزب الجمهورى، المدافع تقليديا عن التجارة الحرة، كان سندا للرئيس الديمقراطى.


لذلك، يجد الكثير من الجمهوريين اليوم أنفسهم فى مأزق بعد أن وصل للحكم رئيس جمهورى راح يفرض، بإرادة منفردة، تعريفات جمركية على الحلفاء قبل الخصوم، مما صار يهدد بحرب تجارية فعلية، سواء مع كندا واليابان وأوروبا والمكسيك أو مع الصين، فى الوقت الذى يقف فيه الكونجرس عاجزا، ليس فقط لأن الكثير من الجمهوريين يخشون معارضة ترامب الذى يحظى بشعبية فى أوساط الحزب، وانما لأنهم تخلوا بالفعل عن صلاحيتهم الخاصة بالتجارة الحرة حين وافقوا على منح "المسار السريع" لأوباما، ولمدة تتخطى ولايته لتشمل ولاية من يأتى بعده.

وقد كان لافتا أن العضو الوحيد الذي تحدى إدارة ترامب بخصوص موضوع التعريفات الجمركية هو السناتور جيف فليك الذي كان قد أعلن أنه سيتقاعد ولن يخوض الانتخابات القادمة. فهو أعلن أنه على استعداد لوقف التصديق على ترشيحات ترامب للمناصب القضائية، لدفعه لتغيير موقفه بشأن التعريفات الجمركية.

ومأزق التجارة الخارجية هو أحد تجليات حالة شاملة انتقدها الجمهوريون قبل الديمقراطيين تتعلق بتخلى الكونجرس عن صلاحياته لصالح الرئاسة.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يقفز الجمهوريون من السفينة حين يقفز الجمهوريون من السفينة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon