توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن دولة القانون

  مصر اليوم -

البحث عن دولة القانون

بقلم - أمينة خيري

مما لا شك فيه أننا فى حاجة ماسة إلى علاج نفسى جماعى، المتأمل فى أحوال الشارع وسير العلاقات وتطور الحياة اليومية فى مصر يعرف أن السكوت على الوضع الراهن سيؤدى إلى مزيد من الجنون والشطط والجنوح، والمسألة لم تعد حكراً على مجموعات فاتها قطار التعليم، أو دهستها فرصة التربية، أو نال منها تدنى الفرص، بل طالت الغالبية.

غالبية هياكلنا الرسمية من وزارات ومؤسسات وهيئات منشغلة ومنغمسة فيما بين أياديها من مسئوليات ومتطلبات فى مرحلة دقيقة اقتصادياً ومعيشياً وأمنياً، لكن أماننا النفسى والعصبى يتعرض لخطر داهم، فقد داهمتنا تغيرات متواترة ومتصارعة دون هوادة على مدار السنوات السبع الماضية، فمن رياح تغيير إلى عواصف تبديد ومنها إلى نسائم استعادة لما يمكن استعادته، وحالياً إلى جهود تثبيت دعائم، وفى خضم كل هذه الزعابيب والعواصف وهنت قوة القانون التى لم تكن فى أبهى حالاتها حتى فى عقود ما قبل رياح التغيير، كما تضاءلت وانكمشت آمال إعادة مكونات التحضر إلى سلوكنا وحياتنا اليومية، فلم يعد تنظيم المرور أو تنظيف الشوارع أو منع عمليات تقبيح المبانى أو إعطاء العيش لخبازينه فيما يختص بالترميم والتحديث والتطوير أولوية، ويبدو أن الدولة مثقلة جداً بنوعية أخرى من أولويات البناء وأفضليات التشييد، وعلى الرغم من أن ترك، أو تأجيل، أو تسويف، أو النظر بعين التقليل إلى مسائل تبدو ثانوية يؤدى إلى نتائج كارثية، إلا أن هذا هو تحديداً ما جرى!

خذ عندك على سبيل المثال لا الحصر ضرب عرض الحائط بقوانين المرور وقواعده، وهو ما يخلف آلاف القتلى والمصابين، وإطلاق أيدى كل من هب ودب لتقبيح معالمنا المعمارية، وتجاهل خلط الحابل بالنابل حيث السماح للموظفين بإقامة زوايا للصلاة فى أماكن العمل بما فيها أماكن الخدمات العامة من مترو أنفاق ووزارات وشركات، وتسيير مصالح الناس بحسب أهواء الموظف المسئول بدءاً من سائق الباص العام مروراً بـ«مدام عنايات» مسئولة تحصيل التمغة فى مصلحة الضرائب وانتهاء بسائقى أوبر وكريم الذين طفحوا بتركيبات البلطجة والفهلوة والنصب والاحتيال على قواعد مثل هذه التطبيقات التقنية المطبقة كما هى فى أنحاء العالم فتم تمصيرهم تماماً ليلحقوا بالتاكسى الأبيض والأصفر والأسود، وليس هناك أسود أو أسوأ من شخص مريض بأمراض الدنيا التى نالت من مظهره وجوهره لكنه ينظر فى المرآة فيرى بدراً منيراً، البدر المنير الذى طغى على حياتنا اليومية فوضى وعشوائية واعتياد قبح وتعايش مع فهلوة وبلطجة وتواؤم كامل مع نصب واحتيال فى إنجاز المهام وقبول قلة التهذيب وانعدام التأديب بحجة الفقر والضغط و«معلش ما جراش حاجة»، واستمرار بل وتشجيع الفصل التام بين مظاهر العبادات من حجاب ونقاب وذقن وزبيبة وجلباب وعبارات دينية وسيوف مسلولة على الجدران وزجاج السيارات وبين ما يصح ولا يصح أو ما يسمح به القانون وما لا يسمح.

استقرار مفهوم دولة القانون يتحول بعد فترة وجيزة إلى ثقافة عامة لدى البشر وممارسة يفترض أن تكون عادلة من قبل مؤسسات الدولة، هنا تستوى الأمور، إما أن ترسل الدولة رسائل إلى الشعب بأن من يعترض على سائق أجرة لأنه يرفض تشغيل العداد عليه أن يبطحه ليجبره على التشغيل، أو أن من يرفض دفع الإتاوة للسايس عليه أن يهشم رأسه حتى يتمكن من إيقاف سيارته، وأن من الرد على من يقود سيارته بسرعات جنونية يكون عبر حادث مرورى يزهق روحه وروح من حوله، وأن المعلم الذى يرفض أن يشرح للتلاميذ فى الفصل حتى يدخر جهده للدرس الخصوصى يجب إلقاؤه من نافذة الفصل، وهلم جرا.

وحيث إن ثقافة «قانون الفرد» شاعت واستفحلت وتوغلت حتى تحكمت فى مصر على مدار سنوات ما بعد يناير 2011، وحيث إن بوادر عودة دولة القانون فى الشارع محكماً بين البشر ومنصفاً للحقوق ومجبراً على الواجبات لم تلح فى الأفق بعد، فربما يكون توفير العلاج النفسى والمهدئات العصبية سبيلاً أيسر للمواطنين لحين البحث عن دولة القانون.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن دولة القانون البحث عن دولة القانون



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon