توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محبطون «كومبليتلى»

  مصر اليوم -

محبطون «كومبليتلى»

بقلم - أمينة خيري

لو سئلت عن أبرز ما بات يميز المصريين هذه الآونة لقلت الإحباط. الغالبية المطلقة يعتريها شعور عارم بالإحباط وفقدان الأمل. صحيح أن فئات المجتمع المختلفة تعبر بطرق متفاوتة ومتراوحة -وأحياناً متناحرة- عن هذا الإحباط، لكن فى نهاية المطاف تظل هناك سحابة إحباط كثيفة ثقيلة سخيفة تهيمن على الغلاف الجوى المصرى.

الغلاف الجوى المصرى يعانى هبابة كبيرة ويرزح تحت غمامة عميقة. ولعل جانباً مما سبق يندرج ضمن باب تخبطات ما بعد الثورات ولخبطات تأتى فى أعقاب التغيرات، ونحن مررنا بالكثير منها وتجرعنا كميات هائلة بعضها ذاتى المنشأ، والبعض الآخر وارد الخارج. لكن علينا أن نعترف كذلك أن الأوضاع المعيشية ومعها توليفة من الإجراءات -أو بالأحرى نقص الإجراءات- الرسمية مع قليل من الاختيارات العجيبة الغريبة أججت من حالة الإحباط العام التى نعيشها على مدار الساعة.

الساعة السابعة صباحاً وأعلى كوبرى 6 أكتوبر، حيث يفترض أن يكون الناس ما زالوا فى مرحلة انتعاش الصباح، تجد كماً مزرياً من العنف المتبادل بين كثيرين، بعضه استباقى حيث يحك هذا فى سيارة ذاك كنوع من التنفيس عن غضب كامن، ويرد ذاك بشتائم وسباب لرد الإهانة واستعادة الكرامة. ولمَ لا والأمور أعلى الكوبرى -كما هو الحال فى الغالبية المطلقة من شوارع المحروسة باستثناءات بسيطة- متروكة ليحل الناس مشاكلهم مع بعضهم البعض دون تدخلات قانونية. فالبقاء للأقوى من حيث العضلات، والانتصار من نصيب من لديه الجسارة ليعتدى على الآخرين ويرهب المحيطين.

وللعلم والإحاطة فإن الإحباط علمياً يحرك ويؤجج التصرفات العدوانية.وللعلم والإحاطة كذلك فإن الأسر ذات المستوى المادى المنخفض يميلون إلى اللجوء إلى العقاب البدنى لبعضهم البعض بشكل أكبر مقارنة بأبناء الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.

أما خصوصية الوضع فى مصر فهى تعرض سقف طموحات المصريين بمختلف مستوياتهم على مدار السنوات السبع الماضية، إلى ارتجاجات وتقلبات واهتزازات عنيفة رفعتهم سابع سماء، ثم أعادت رزعهم سابع أرض دون هوادة.

هذه التقلبات لم تستثن أحداً؛ فمحبو وأتباع الجماعات الإسلامية تصوروا أن مصر ستتحول لدولة دينية يحكمها ملالى الإخوان أو السلفيين، أيهما أقرب. وحين أطيح بالإخوان وتم تدجين السلفيين، هوت الطموحات وارتطمت الآمال (وإن كان السلفيون يعملون بجد وكد على الأرض الآن).

والحالمون بدولة مدنية ترتكز على قواعد الديمقراطية وتعتمد أصول التعددية فوجئوا بأن الغالبية تؤمن بالديمقراطية طالما ترسخ اختياراتهم دون غيرهم وتنتصر لأفكارهم وليس غيرهم.

أما المتمسكون بتلابيب الكنبة، الذين لا يطمحون إلا لعيشة وديعة وراحة ذهنية وأكلة هنية فقد استيقظوا على واقع مرير حيث وضع اقتصادى أفرزته سنوات الارتطامات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، مع عقود من تجريف الشخصية المصرية التى باتت لا تتقن عملاً أو تؤمن بقيمة من القيم التى تدفع أمماً إلى التقدم والتحضر بدءاً بالضمير مروراً بالتنظيم وانتهاء بصوت القانون الذى لا يعلو صوت على صوته.

وبغض النظر عمن أخطأ فى الماضى وما جرى فى المحروسة، نعود إلى الإحباط من وجهة نظر علمية. فالمجتمعات التى تغيب فيها العدالة الاجتماعية، وتتسم بوهن الانتماء للوطن واعتباره حملاً لا عزة وكرامة، ويغيب فيها تطبيق القانون بعدل وصرامة، بدءاً بأصول السير فى الشوارع والميادين مروراً بقواعد العمل فى المصالح والدواوين وانتهاء بالأطر الدستورية التى تحدد علاقة الفرد بأقرانه وعلاقة الجميع بالحكم، هذه المجتمعات يشيع فيها الإحباط وتظهر فيها العدوانية ويبزغ العنف المعنوى واللفظى والجسدى.

الطريف والمؤسف فى آن أننا محظوظون لدرجة تضافر العوامل التى هى من صنع الإنسان لتلك التى تفرضها الطبيعة لتتواءم وتتضافر وتجعل منا «محبطين وعدوانيين كومبليتلى» وليس «لايصين كومبليتلى» كما ذكر الدكتور البرادعى. فقد أكد علماء النفس الاجتماعى أن الحرارة الشديدة والرطوبة الكثيفة والتهوية القليلة والضوضاء الرهيبة تدفع الإنسان دفعاً إلى التصرفات العدوانية.

وإذا كنا عاجزين عن تغيير الأوضاع الجوية وتعديلها، فلنركز على ما يمكن تعديله وتحسينه. وواقع الحال يشير إلى أن الأمر فى حاجة ماسة إلى تعديل الكثير من المسارات الحكومية مع تقويم العديد من التصرفات الشعبية. فمثلاً بدلاً من سلام وطنى يعزف فى المستشفيات، وإصلاحات جذرية تحدث فى شارع الميرغنى، ولجان مرورية فى الأماكن التى يمر بها كبار رجال الدولة ونسائهم يمكن أن نولى صحة البشر اهتماماً، وشوارع الغالبية اعتناءً، ومرور الشعب استفاقة من غيبوبة.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محبطون «كومبليتلى» محبطون «كومبليتلى»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon