توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفساد سيد الموقف.. فما العمل؟

  مصر اليوم -

الفساد سيد الموقف فما العمل

بقلم - زياد بهاء الدين

طالعتنا صحف الأسبوع الماضى بقيام جهاز الرقابة الإدارية فى مستهل العام الجديد بإلقاء القبض على عدد من المتهمين بالفساد فى عدة قضايا تراوحت بين تسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة وإهدار المال العام وإصدار تراخيص بالمخالفة للقانون وصولا إلى الرشوة مقابل الوساطة فى قبول تلاميذ بالمدارس، وهذا حصاد أسبوع واحد، ثم فوجئنا منذ يومين بإلقاء القبض على أحد كبار مسئولى الدولة، محافظ هذه المرة، بتهمة تقاضى رشوة مقابل تسهيل استيلاء رجلى أعمال على قطعة أرض، وبرغم أن أخبار تصدى الدولة للفساد تبث عموما على الارتياح لأنها تعبر عن الحرص على مكافحة هذا النزيف المستمر الذى يستهلك طاقات البلد والاقتصاد ويحبط الأجيال الشابة، إلا أن أسلوب تناول الموضوع إعلاميا يثير عدة ملاحظات حول تعامل مجتمعنا مع قضية الفساد بشكل عام.

من جهة أولى فإن اندفاع وسائل الإعلام نحو تأكيد ثبوت الجريمة على المتهم المقبوض عليه، وسرد جميع تفاصيلها باعتبارها ليست محلا للشك أو البحث، ولا كأن هناك نيابة تحقق، ولا دفاع يمثل المتهم، ولا قضاء يحكم، ينطوى على مخالفة للعدالة بل وتعطيل تطبيقها. ولعل من واجب المجالس المعنية بالإشراف على الصحافة والإعلام، بدلا من انشغالها بتقييد حرية التعبير فى المسائل السياسية والاجتماعية، أن تعمل على تذكير المجتمع بأن للمتهم حقوقا يجب احترامها، وعلى رأسها افتراض براءته ما لم يثبت ارتكابه للجريمة بحكم المحكمة وحدها.

من جهة ثانية فلم تكد تمضى ساعات معدودة على إلقاء القبض على المحافظ المتهم بالرشوة ــ وأنا بالمناسبة لا أعرفه ولم التق به من قبل ولا تابعت ما كان يقوم به فى موقعه ــ إلا وكان الفضاء الإعلامى والإلكترونى قد امتلأ معا بسيل من الأخبار والتقارير التى تؤكد أن الرجل كان فاسدا ومعروفا بالفساد منذ تعيينه، وكان منعزلا عن المواطنين، ومتعاليا على الموظفين، ومستغلا لمنصبه، ومنفقا من المال العام على مصالحه، ومتجاهلا للقمامة فى الشوارع، بل ومزورا فى ادعائه الحصول على دكتوراه مزيفة. ولكن بفرض صحة ما سبق، فأين كان كل هذا من قبل؟ ولم جرى السكوت عليه؟ بل كيف تم تعيينه أصلا؟ ما أطرحه هنا ليس بغرض الدفاع عن الرجل ولا إدانته، بل استنكار عدم الاتساق بين السكوت المتواصل لسنوات عن كل هذا السلوك المعيب ثم كشفه مرة واحدة.

وأخيرا فإن الأهم من الحالات الفردية المنشورة إعلاميا خلال الأيام الماضية، والتى تعبر للأسف عن حالة من الفساد المنتشر والمحيط بنا من كل جانب وفى كل مجال بما فى ذلك دخول التلاميذ للمدارس، هو ضرورة التفكير جديا فى مكافحة أصل المرض بدلا من الاستمرار فى مطاردة أعراضه وتداعياته. والمرض فى تقديرى ليس وجود فاسدين مستعدين لبيع ضمائرهم، ولا ضعف الأخلاق فى المجتمع، ولا قلة الموارد التى توفرها الدولة للأجهزة الرقابية، بل المرض الأصلى والمستمر معنا قبل كل الثورات وبعدها هو غموض القوانين واللوائح، والسلطات التقديرية المتسعة الممنوحة للمسئولين والموظفين، وعدم دراية الناس بحقوقها وواجباتها بشكل واضح، بحيث تزول الخطوط الفاصلة بين المشروع وغير المشروع، ويصبح بإمكان الموظف المسئول أن يمنح ويمنع دون ضوابط محددة. ونتيجة هذه الحالة الضبابية ليست فقط زيادة الفساد وتشجيع البيئة المواتية لانتشاره، بل أيضا شل أيدى من يريدون العمل بشرف ونزاهة وتهديد كل من يحاول مواجهة المصالح المستقرة بأنه سيكون ضحية الملاحقة القانونية والإعلامية.

الفساد كثير ومنتشر فى كل مجال، وجهود الدولة فى مواجهته لابد أن تكون محل تقدير وتشجيع، ولكن يجب أن يرتبط بها حرصا على حماية حقوق المتهمين مهما كانت الجرائم المنسوبة إليهم، وضرورة توجيه الجهد الرئيسى للوقاية من الفساد عن طريق إزالة الغموض والتناقض فى القوانين واللوائح والحد من السلطات التقديرية الواسعة التى تجعل كل شىء ممنوع ومشروع فى نفس الوقت

نقلا عن الشروق القاهريه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد سيد الموقف فما العمل الفساد سيد الموقف فما العمل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon