توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسرح الصعيد يتحدى الواقع.. ويغيره

  مصر اليوم -

مسرح الصعيد يتحدى الواقع ويغيره

بقلم - زياد بهاء الدين

حينما اختار منظمو مهرجان الصعيد الثالث للمسرح الحر، والذى نظمته جمعية اصدقاء أحمد بهاء الدين الأسبوع الماضى فى مدينة أسيوط، شعارا له «ابداع يتحدى الواقع»، لم أتصور أن يكون شعارا واقعيا إلى هذا الحد.
على مدى ثلاثة أيام قامت ثمانى فرق مسرحية شبابية ــ من بين سبع وعشرين فرقة تقدمت للمشاركة ــ بتقديم عروضها التجريبية على مسرح قصر ثقافة أسيوط. وبجانب العروض المسرحية، تضمن المهرجان فقرات موسيقية، وندوات للنقاد والكتاب المسرحيين، وتكريما لاسم الكاتب المسرحى الراحل نعمان عاشور وكذلك الكاتب والشاعر درويش الأسيوطى، ولقاءات مع الحاضرين فى استوديو المهرجان الذى تطوعت بإدارته مجموعة من شباب المصورين، وحفل ختامى استمتع فيه الحاضرون بموسيقى النوبة، ووعود بلقاء العام القادم فى مهرجان المسرح الرابع.
ولكن التحديات كانت كبيرة، ليس هذه المرة بسبب الدولة وأجهزتها. بالعكس فالحقيقة أن المهرجان حظى باهتمام ودعم الدكتورة ايناس عبدالدايم فى كل مراحله، وقام السيد محافظ أسيوط اللواء جمال نورالدين برعاية المهرجان وحضور حفله الختامى كما حضر نائبه المهندس عمرو عبدالعال جلسة الافتتاح، وقدم الدكتور أحمد عواض رئيس هيئة قصور الثقافة كل إمكانات الهيئة كما شارك فى فعالياته، وتدخل الدكتور خالد عبدالجليل رئيس الرقابة على المصنفات الفنية لتذليل عقبات اللحظة الأخيرة، وسهر مسئولو وموظفو مديرية ثقافة أسيوط مع منظمى المهرجان كل يوم حتى الثانية صباحا.
ولكن برغم كل هذه المساندة فإن كل لحظة وكل تفصيلة فى المهرجان عبرت عن التحدى. التحدى فى أن يشارك هذا العدد من العروض المسرحية من مختلف أنحاء الصعيد ليس فقط من العواصم والمراكز بل من القرى أيضا، والتحدى فى أن يقدم أعضاء فرقة «النور» المكفوفين عرضا مسرحيا مليئا بالحيوية والنشاط والموسيقى بل والرقص، والتحدى فى أن تقف الفتيات على خشبة المسرح لتأدية أدوارهن بقوة وثقة واصرار، والتحدى فى ان تتعرض المسرحيات المعروضة لقضايا المجتمع وتنادى بالتحرر والعدالة والمساواة، والتحدى فى أن يجمع المهرجان هذه المواهب الشابة مع خبرات كبار الكتاب والنقاد بموارد وامكانات محدودة للغاية معتمدا على جهود المتطوعين وحماس المنظمين وحسن نوايا الضيوف وتحملهم للمشقة.
ولأنها تجربة جديدة بالنسبة لى فقد استفدت منها كثيرا.
أكدت لى أن المجتمع لا يتغير حقيقة إلا حينما يكون افراده مشاركين فى التغيير ومسئولين عنه. اقدام الفتيات على التمثيل والتعبير عن أنفسهن وعن قضايا مجتمعهن الشائكة لم يكن بسبب قيام مجالس المرأة ولا الجمعيات والمؤسسات الرسمية والأهلية بالدعوة لهذه المشاركة والانفاق عليها ورصدها على خريطة هذا العام، بل لأنها عبرت عن اختيارهن الحر والواعى ولأن كل واحدة منهن قدرت ما تحب أن تفعله وما يتحمله المجتمع المحيط بها وكيفية تعاملها مع عواقب اختيارها. أما التغيير من الاعلى فلا يأتى إلا بنتائج سطحية ومؤقتة، ما أن ينضب تمويلها أو يخفت الاهتمام الرسمى بها حتى تعود المياه تدريجيا لمجاريها السابقة.
وأكدت أيضا أن التعامل مع الطائفية لا يكون بالأمن والقانون فقط، وكلاهما ضرورى لمواجهة هذا الخطر الداهم، ولكن كذلك بايجاد المساحات التى يتعامل فيها الشباب والشابات المسلمون والمسيحيون معا تعاملا طبيعيا، صحيا، فيه حرية واحترام متبادل وندية. هكذا حضرت فرق المسرح الصعيدية ومعظمها يضم أعضاء من الديانتين، يجمعهم حب المسرح والتمثيل، والحماس للتجربة، والرغبة فى التميز والفوز بالمركز الاول. وهم بهذا تجاوزوا كل ما يقال ويكتب عن المواطنة والمساواة وتجديد الخطاب الدينى لأنهم ببساطة مارسوا المساواة بدلا من أن يتكلموا عن أهميتها.
وأبرزت أهمية دور الدولة فى دعم الثقافة الشعبية والمحلية فى المدن والمحافظات وتجاوز المركزية الثقافية الطاغية للقاهرة والإسكندرية. وهذا الدعم لا يأتى بالدعم المالى وحده أو بفتح قصور الثقافة لمختلف انواع الفنون والابداع بل أيضا بتحرير مناخ التفكير والتعبير وتوفير الموارد اللازمة من موازنة الدولة لدعم الثقافة وتقديم الفرق المسرحية والموسيقية والأدبية فى المناسبات التى ترعاها الدولة بدلا من اعتبار فرق العاصمة هى الوحيدة المعتمدة رسميا.
مهرجان الصعيد للمسرح كان فى النهاية تجربة إقليمية متواضعة قد لا ترقى لمستوى المهرجانات الكبرى التى تستحوذ على الاهتمام الإعلامى الواسع، ولكنها بالتأكيد تجربة ثرية بالتحديات والنجاحات وقابلة للتطوير لأنها نابعة من واقع الصعيد ومتعاملة بإمكاناته. لذلك، وبعد تفكير فقد انتهيت إلى أن شعار «ابداع يتحدى الواقع» لم يكن موفقا لان مهرجان الصعيد للمسرح الحر كان فى الحقيقة إبداعا يغير الواقع

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسرح الصعيد يتحدى الواقع ويغيره مسرح الصعيد يتحدى الواقع ويغيره



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon