توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوارات الجنسية وما فى حكمها!

  مصر اليوم -

حوارات الجنسية وما فى حكمها

بقلم : د. عبد المنعم سعيد

هناك دائما فارق بين «تسجيل الموقف» و«السياسات». الأول حالة ملتهبة من المشاعر المرتبطة بمبادئ أساسية لدى المواطن تتحرك إلى كلمات وكتابات تتحمس إلى ما يتوافق معها، وترفض ما تختلف عليه.

وفى العادة فإن ما يقال أو يسطر يكون عالى النبرة لا يسالم المختلف فى الموقف، ولا يخلق مساحة للحوار أو التوافق أو البحث عن أرضية مشتركة. هو عادة يستجيب لمجموعة من الكلمات التى تمثل «زر التشغيل» الذى يفتح الباب على مخزون كبير من عدم الثقة والإحباط وانتظار المصائب التى لا يعرف أحد متى سوف تأتى.

والثانية هى أدوات «السياسة» لتغيير الواقع، وهى فى العادة حزمة من الإجراءات لتغيير واقع مؤسف بعينه لا تكفى سياسة واحدة لتغييره ومن ثم فإنه لا يمكن فصل «السياسات» عن تعقد الواقع المراد الخروج منه.

هنا فإن المسألة فى جوهرها عملى، والارتماء على المُر فى أسوأ الأحوال يكون بسبب الذى هو أشد منه مرارة، والضرورات التى تبيح المحظورات. وعندما طرحت الحكومة المصرية سياسة إمكانية التجنيس خلال خمس سنوات مقابل وديعة سبعة ملايين جنيه، فإن هذه السياسة لم تناقش باعتبارها سياسة لمعالجة واقع بعينة ضمن حزمة كبيرة من السياسات الأخرى التى ترمى لتحقيق ذات الهدف؛ ولا نوقشت ضمن السياسات والقواعد والقوانين السابقة؛ وإنما كانت كلمة «الجنسية» هى الزر الذى ضُغط لكى يُنتج مواقفَ عن «الجنسية» و«الوطنية» و«الهوية» التى كلها أمور «لا تباع ولا تشترى». هى تَذْكرة بقصيدة أمل دنقل الشهيرة التى شكلت موقفه من عملية السلام مع إسرائيل حتى لو كان ما يجرى هو استعادة للأراضى المصرية المحتلة فى سيناء، فقد كان فهمه- رحمه الله- أن المفاوضات هى مساومة فى أمور لا تباع ولا تشترى!

الموضوع الأساسى فى السياسة المصرية، فى الداخل كما فى الخارج، هو استعادة «التوازن» للحالة الاقتصادية والاجتماعية المصرية. فنحن نزيد سكانيا بأكثر مما تتزايد الفرص، ونحن نستورد بأكثر مما نصدر، ونحن نستهلك بأكثر مما ننتج، ونحن ننفق بأكثر مما نحصل عليه من موارد مالية، وترجمة ذلك هو أن لدينا عجزا كبيرا فى الموازنة العامة للدولة، وديونا تستحق السداد حصلنا عليها للتعامل مع هذا العجز، ومن ثم فإن الدولة انخرطت فى سلسلة من السياسات التى تؤدى إلى سد هذه الفجوات.

وخلال السنوات الأربعة الماضية، لم تخرج الدولة فقط من الآثار المباشرة لعهد الثورات وتوقف البناء فى البنية الأساسية، وإنما سعت إلى ارتفاع معدل النمو حتى تجاوز ٥٪، لكن حتى نستطيع تحقيق التوازن فإننا نحتاج رفع هذا المعدل ليصل إلى ٨٪ سنويا وبشكل مستقر لفترة زمنية معقولة. النتيجة حتى الآن مبشرة، فالعجز يضيق، ولكنه مستمر، والاقتراض يجرى استثماره وسداده، ولكننا حتى نحقق ما نصبوا إليه نحتاج إلى ما هو أكثر، وهذا ما حدث فعلا وبشجاعة بفتح ملفات من أول استخدام «رأس المال الميت» فى أصول الدولة المصرية، بحيث يتحول من نزيف على الدولة إلى مولد موارد لها، وحتى الحصول على عائد من التجنيس.

وهكذا لا يمكن فهم قانون منح الجنسية للأجانب إلا إذا كان ذلك ضمن سياسات أخرى لزيادة الموارد لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف الموضحة أعلاه. كما لا يمكن فهم هذا القانون إلا إذا عرفنا أن القانون المصرى الحالى يعطى ذات الفرصة للأجانب، وكل ما يفعله القانون الجديد هو أنه بدلا من استغراق هذه العملية عشر سنوات فإنها الآن سوف تصير خمسًا، وما عدا ذلك من إجراءات لها علاقة بمراجعة الحالة الأمنية والتاريخ الجنائى للشخص فهى باقية على حالها. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك عددا من الحقائق الموضوعية الأخرى: أولها أن خمسة ملايين لاجئ بالفعل موجودون فى مصر، ومن كان منهم سوريا أو فلسطينيا أو سودانيا أو عربيا بصورة عامة، فإن القانون المصرى يعطيه بالفعل بعضا من مميزات المواطنة زادت أو نقصت.

وثانيها أنه منذ أن أقرت الدولة المصرية قانون إعطاء الجنسية المصرية لأولاد السيدات المصريات المتزوجات من أجانب، فإن المنطقى هو إعطاء هذه الجنسية للزوج طالما توافرت فيه الشروط الأخرى أمنية كانت أو جنائية.

وثالثها أن السياسة المصرية المقررة فى هذا الشأن لا تختلف شكلا أو مضمونا عن تلك الشائعة بين دول العالم، وإن اختلفت مسمياتها أحيانا. ومن الدول القريبة مثل قبرص واليونان، فإن التسويق للجنسية شائع بكثرة وبشروط أكثر سهولة مقابل القدرة على الحركة فى الاتحاد الأوروبى. وفى بريطانيا فإن ملكية العقارات بعد زمن معين تصير مسوغا للحصول على الجنسية، أما فى كندا والولايات المتحدة فإن امتلاك العقارات ووجود أموال فى البنوك والعمل أحيانا لفترة زمنية مستقرة تكفى لإعطاء البطاقة «الخضراء» أولا، ثم الجنسية بعد ذلك. وفى الحقيقة فمعظم دول الهجرة فى العالم، مثل أستراليا ودول أمريكا الجنوبية لديها شروطا مماثلة تتعلق بالحالة الاقتصادية والأمنية والجنائية، وإذا أضيف إلى كل ذلك المهارة والتعليم فإن الطريق يكون سريعا.

ما فعلته مصر ليس بدعة إذن، ولكنه واحد من الطرق التى اتبعتها دول كثيرة قبلنا؛ وإذا أضيف لها ما يرتبط بالواقع المصرى بما فيه من تحديات وطموحات فإن الإجراء المصرى يصبح منطقيا، ولا شيء فيه يجتزأ بحيث تبدو المسألة كما لو كانت الدولة المصرية استيقظت فى الصباح لكى تبحث عن وسيلة تبيع فيها وتشترى فى الهوية والجنسية المصرية. ففى الأول والآخر إننا شعب مكث على هذه الأرض آلاف السنين، ويزيد عدده الآن على مائة مليون نسمة يملكون مليون كيلومتر مربع من الأرض، فإذا أضيف آلاف من الموجودين بالفعل فى المحروسة أو حتى قدموا لها خصيصا فى ظروف خاصة، فإنهم لا يمكنهم تشكيل تهديد. ربما لا نحتاج الثقة فقط فى الدولة المصرية، وإنما ربما أكثر فى مزيد من الثقة بأنفسنا.

نقلًا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات الجنسية وما فى حكمها حوارات الجنسية وما فى حكمها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon