توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى مجلس الأمير!

  مصر اليوم -

فى مجلس الأمير

بقلم- عبد المنعم سعيد

شرفنى الأستاذ الكبير مكرم محمد أحمد بدعوة كريمة للمشاركة فى أبوظبى فى أعمال الاجتماع الرباعى (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) لرؤساء الهيئات الإعلامية. وفضلا عن غنى اللقاء مع الأستاذ المتدفق دوما بالمعرفة والحماس، والزملاء من المؤسسات الصحفية بما لدينا جميعا ما نتداوله من تحديات، فإن المفاجأة الكبرى جاءت مع أولى الفعاليات حينما دعينا جميعا لحضور مجلس الأمير الشيخ محمد بن زايد قبيل أذان المغرب وتناول طعام الإفطار. كان التصور الذى لدينا أن اللقاء سوف يكون له طابع الحديث عن أحوال المنطقة والعلاقات بين الدول الأربع؛ أو أنه سوف يكون مشبعا بالأحاديث الدينية والرمضانية المعتادة فى هذه المناسبات. ولكن المفاجأة الكبرى لم تكن لا هذا ولا ذاك، وإنما محاضرة من البروفيسور هيو هير، الأستاذ فى برنامج الفنون والعلوم بمعهد ماساتشويستس للتكنولوجيا الشهير فى العالم وموطنه مدينة كامبريدج/ بوسطن الأمريكية. لم تكن نوعية اللقاء هى وحدها المفاجأة، ولكن مع دخول المحاضر إلى قاعة المجلس حتى تبين أنه يسير على أطراف صناعية عرفنا أن الساق فيها كان من مادة التتانيوم، أما القدم فكانت من مواد مطاطية.

الرجل تقول إن اهتماماته البحثية هى تطبيق مبادئ الهندسة العصبية للأطراف الإنسانية من أجل تصميم أطراف إلكترونية، تؤهل الإنسان وتعزيز قدراته الجسدية عن طريق صنع الأحذية المطاطية التى تزيد من كفاءة حركة القدم عند المشى والجرى. وعلى نفس الطريق فإنه قام بتصنيع الهيكل الخارجى للساق، وتطوير مجموعة من آليات تقويم العظام والأطراف الاصطناعية للعمل كتقنيات مساع��ة فى علاج إعاقات الساق الناتجة عن البتر، والسكتات الدماغية، والشلل الدماغى، وتصلب الأوعية والأعصاب. بطاقة التعريف بالرجل لا تقل عن مقدمة سوف تقود إلى جائزة نوبل فى مجال أو آخر، ولكن بعيدا عن كثافة النشر الذى قام به صاحبنا فى واحدة من أعرق جامعات العالم، فإن قصته شخصيا تجعل منه محطة إنسانية جاذبة فيها من الإصرار والعزيمة ما يهز جبالا كثيرة. البروفيسور هيو هير كان محبا فى صباه لهواية تسلق الجبال، وفى واحدة من مغامراته وفى سن السابعة عشرة جرت له حادثة وقوع من جبل أدت إلى بتر القدم والساق وحتى جزء من الفخذ، ومن وقتها بات حلمه أن يعود لتسلق الجبال مرة أخرى!. كانت القاعدة التى اعتمد عليها أنه لا يوجد عيب فى الإعاقة التى حدثت له، وإنما العيب كل العيب هو ألا تستطيع التكنولوجيا معالجة ذلك وليس فقط تعويض الإنسان عما فقده وإنما أكثر من ذلك تجعله أفضل حالا!.

سارت المحاضرة فى مسارها وكان أول ما تعلمته أن هناك فارقا ما بين إعادة تركيب أطراف للإنسان أكثر تفوقا من الأطراف الأصلية، وهذه تسمى «بايونيك Bionic»؛ وخلق إنسان آلى كلية وهذا يسمى «سايبورج Cyborg» مثل الذى حضر إلينا فى مصر منذ أسابيع تحت اسم «صوفيا». الحالة التى كنا نستمع إليها فى مجلس الأمير الرمضانى كانت من النوع الأول ويقوم على أربع حقائق: أولاها أن «المخ» البشرى هو مركز وعى الإنسان كله، وفى أنسجته توجد ٣٠٠٠ مجموعة من الخلايا التى يوجد بها علاقات إلكترونية تعمل طوال الوقت أو تتعرض لعمليات متعاقبة من اليقظة والثبات تشبه إلى حد كبير ألواح الخلايا الضوئية. وثانيتها، ورغم أن العلم لم يصل بعد إلى كل المعرفة عن المخ إلا أننا نعلم أن به مراكز ينتج عنها المشاعر مثل الحب والكراهية، والفرح والاكتئاب، وأمراض مثل الشيزوفرينا والشلل. وثالثتها أن «الفراعنة» فى مصر بدأوا فى التاريخ القديم طريقا قادنا الآن فى القرن الواحد والعشرين إلى تخليق الأنسجة، وصناعة الأطراف الاصطناعية. ورابعتها أن هناك نظاما اتصاليا بين المخ والأطراف، وكافة أجزاء الجسم الإنسانى، يقوم على عقد إلكترونية؛ وهذه أيضا يمكن تخليقها عن طريق تصنيع «إلكتروهات» تنتشر بين المخ والأجزاء التعويضية.

حينما سأل أحد النظارة عما إذا كان البروفيسور يود لو أنه يستعيد سيقانه وأقدامه الأصلية إذا بإجابته بالنفى، وكانت أسبابه أن ما لديه الآن فيه ميزة أنه يمكنه التحكم فى طوله، وكذلك فإنه يمكنه تغيير ما لديه كلما تقدم العلم، كما أنه أكثر كفاءة فى عملية تسلق الجبال التى يعشقها وقد عاد إليها مرة أخرى. إن التطور الجارى الآن فى علوم «النانو» و«الإلكترونيات» والاتصالات اللاسلكية والذكاء الاصطناعى فتحت الباب واسعا ليس فقط لتعويض جرحى الحروب والإرهاب وحوادث الطرق عن أطرافهم المفقودة، وإنما استعادة كافة وظائفها وبكفاءة أكبر مما كانت عليه.

شاهدت الرجل وهو ينهى محاضرته والإجابة على الأسئلة، ثم تحرك نازلا من على المنصة لكى يتقدم له الشيخ محمد بن زايد ومن معه من قادة الإمارات للسلام عليه وشكره على محاضرته القيمة. علم الله الإنسان ما لم يعلم، كما أنه علم آدم الأسماء كلها، ووضعه على طريق المعرفة ونشرها فى محاضرة رمضانية. وكما علمت فإن تقليد محاضرات مجلس الأمير تعقد بطريقة دورية فى شهر رمضان وفى شهور العام الأخرى، حيث تكون جميع قيادات الدولة حاضرة لكى تدرك ما وصل إليه العالم من العلم والمعرفة فى المجالات المختلفة.

القاعدة التى اعتمد عليها البروفيسور هيو هير أنه لا يوجد عيب فى الإعاقة التى حدثت له، وإنما العيب كل العيب هو ألا تستطيع التكنولوجيا معالجة ذلك.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مجلس الأمير فى مجلس الأمير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon