توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجديد الحوار بين الأجيال

  مصر اليوم -

تجديد الحوار بين الأجيال

بقلم - نبيل عبدالفتاح

أحد أبرز مشكلات التطور الاجتماعى فى مصر والإقليم العربى تتمثل فى العلاقات المضطربة بين الأجيال الشابة، والأكبر عمرًا، وهى مشكلة ليست جديدة، وإنما عاناها عديد الأجيال، وذلك على النحو التالي:

فى القرن الماضي، كانت التوترات أقل حدة، وذلك لاعتبارات البطء النسبى فى العلاقة مع الزمن والتداخل الجيلي، وسطوة القيم التقليدية التى تدور حول البطريركية فى النصف الأول من القرن العشرين، ومن ثم شيوع قيم الخضوع للأكبر سنًا داخل العائلة والأسرة وتقبل الإرشادات الصادرة عنه، وتحديده لمسارات تطور ومستقبل حياة الأشخاص من الأبناء والأحفاد لاسيما فى المناطق الريفية، وأقسام من المناطق الحضرية فى إطار الفئات الوسطى الوسطى، والوسطى - الصغيرة أساسًا، وبين غالب الفئات الشعبية من العمال، والبرجوازية الرثة. من هنا كان الامتثال ونمط من التسلطية التربوية فى التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة والمدرسة، وفى الحزب السياسي، لاسيما فى أحزاب الأقلية، وإلى حد ما داخل حزب الحركة الوطنية المصرية «الوفد». هذا الاتجاه الغالب فى نمط التنشئة الأبوي، تجاور وتصارع معه بعض القيم الحداثية فى الفئات الوسطى العليا «البرجوازية العليا»، والفئات الوسطى الوسطى، كنتاج للتعليم المدنى ولنمو القيم الحداثية، ونمط حياتها فى المدن الكبرى وثقافتها الكوزموبوليتانية التعددية التى كانت تعكس التداخل والامتزاج بين مصادر ثقافية متنوعة، حداثية بامتياز أثرت فى بعض أبناء هذه الفئات، وساعدت نسبيًا على نمو الفردانية وميلاد متعثر للفرد فى إطارها، وهؤلاء كانت التوترات والصراعات الجيلية حول القيم وأنماط السلوك الجديدة أكثر حدة من هؤلاء الذين عاشوا فى كنف الأبوية وقيم الطاعة والامتثال للأجيال الأكبر سنًا فى المناطق الريفية، وبعض الأحياء الشعبية فى المدن. من هنا ساعد التعليم المدنى فى ازدياد الصراعات والتوترات الجيلية، بينما كان التعليم الدينى التقليدى النقلى الطابع، يكرس الطابع الأبوى فى التنشئة الاجتماعية ويضفى عليها تبريراته وتسويغاته الدينية الوضعية.

من ناحية أخرى أسهم النظام شبه الليبرالي، والبيئة السياسية شبه المفتوحة والتعدد الحزبي، وحرية الصحافة إلى حد ما، فى تكوين مجال عام مفتوح نسبيًا على الجدل والحوار بين مدارس الفكر والعمل السياسى فى إطار سوق شبه مفتوح لتعدد الآراء والأفكار والقيم السياسية المتداولة فى الواقع السياسى والثقافى المصري، والإقليمي، والدولى لاسيما الأوروبي، على نحو أدى إلى مساهمة الأجيال الشابة فى الحوار العام والحياة السياسية والحزبية.

فى النصف الثانى من القرن العشرين، وفى ظل نظام يوليو، اتسعت قاعدة التعليم المدنى من أبناء الفئات الوسطى الوسطى، والوسطى الصغيرة فى الأرياف والحضر، ومعها هيكل الفرص الاجتماعية، والحراك لأعلى، من خلال الحق فى العمل والضمانات الاجتماعية واتساع قاعدة المستفيدين من التحول الاجتماعى للناصرية، وانفتاح المجال العام الاجتماعى مع فرض قيود باهظة على المجال العام السياسي، وقصر المشاركة السياسية على التنظيم السياسى الواحد، وأيديولوجيته واختياراته، واستبعاد من هم خارج هذا الإطار السياسي، من ثم أدى التحول الاجتماعي، واتساع قاعدة التعليم إلى نمو قيم جديدة، وإلى تخفيف نسبى للتوترات والصراعات الجيلية المختلفة، وإلى بروز محفزات لنمو الفرد إلا أن الطابع التسلطى والتعبوى للنظام أدى إلى ضعف المشاركة السياسية المفتوحة، وإلى موت السياسة على نحو أدى إلى فجوات بين النخبة السياسية الحاكمة، وبين بعض الأجيال الشابة المسيسة من ذوى الاتجاهات السياسية الليبرالية، وبعض الماركسيين، وازدادت هذه الفجوة بعد هزيمة يونيو 1967 ومحاكمات 1968 ومظاهرات الشباب وغضبهم. فى ظل الساداتية اتسعت الفجوات الجيلية وصراعاتها، وظهرت جلية وصاخبة فى الانتفاضات الطلابية فى عام 1972-1973، ثم اتسعت بين النخبة الحاكمة وبين بعض اليساريين والناصريين بعد تحالف السادات مع الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، وبين الشباب القبطي، فى ظل التوترات الطائفية المتعددة. فى ظل حكم مبارك اتسعت على نطاق واسع الفجوات بين الأجيال الأكبر سنًا فى إطار النخبة السياسية وبين الأجيال الشابة حتى من بعض من كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى الحاكم، وسياسات الخصخصة، وتراجع دور الدولة الاجتماعي، وبيع المشروعات العامة، وتزايد معدلات البطالة ومن ثم غياب الأمل فى المستقبل، ونمو الجماعات الاحتجاجية وصولاً لانتفاضة يناير 2011 والحراك السياسى الكبير الذى صاحبها، حتى فى ظل وصول الإخوان والسلفيين إلى السلطة واتساع نطاق المعارضة الجماهيرية وصولاً إلى 30 يونيو مع اضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واضطراب جهاز الدولة والفجوات الأمنية. الفجوة الجيلية وتوتراتها تزايدت فى المرحلة الماضية ومازالت، وذلك فى ظل سياسة استعادة هيبة الدولة، وضيق المجال العام السياسي، مع اتساع المجال العام الافتراضى لا شك أن هذه الظاهرة تحتاج لرؤية ومعالجة شاملة، من خلال تجديد الحياة السياسية والإعلامية، ومعها تنشيط الأحزاب السياسية من ركودها المستمر وفتح المجال أمام مشاركة حقيقية للأجيال الشابة الجديدة فى بناء أحزاب مختلفة، وفى إصلاح الأحزاب القديمة التى لا يسمع لها صوت.

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجديد الحوار بين الأجيال تجديد الحوار بين الأجيال



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon