توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاقتصاد الأصغر قبل الاقتصاد الأكبر

  مصر اليوم -

الاقتصاد الأصغر قبل الاقتصاد الأكبر

بقلم - نصر محمد عارف

تعودنا فى حياتنا اليومية أن نردد كلمات، أونسمعها دون أن نفكر فى دلالاتها ومعانيها، نتعامل معها على أنها أسماء لأشياء، أوكيانات نحن نعرفها حق المعرفة، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فأكثر الكلمات تكرارا على الألسنة قد تكون أكثرها غموضا فى الأذهان، وأبعدها عن الفهم السليم الذى يرتب وعياً بالواقع، وصواب التعامل معه. نكرر كلمة الدولة، وإقتصادها، ودخلها القومي؛ وكأننا نتكلم عن شئ بعيد عنا، هناك فى القاهرة، فى مجلس الوزراء، وفى الوزارات المختلفة والبنك المركزي، هى كيان آخر، ومخلوق آخر؛ نحن بعيدون عنه، لا دخل لنا به، ولا علاقة، قد تأتينا منه بعض الفوائد، ولكن كثير من الأذي. والحقيقة أننا كأفراد نقع فى القلب من الدولة، فنحن جوهر وجودها، وبدون وجودنا لن تكون، فمصر هى المصريون، بهم يكون للارض معنى واسم، وللجغرافيا قيمةً، وللتاريخ وجود، ونحن ايضا اقتصاد مصر، العامل والفلاح والمهندس والطبيب والاستاذ والتاجر….الخ؛ جميعنا نشكل اقتصاد مصر ودخلها القومي، ومصدر ميزانيتها، ومصارف إنفاق هذه الميزانية، إذن أنت أيها المواطن جوهر وجود الدولة، ومصدر دخلها، ومن ينمى هذا الدخل وينفقه، اويبذره او يهدره.

إن اقتصاد الدولة هو مجموع اقتصادات المواطنين، مضافا اليها الموارد الموجودة فى الأرض التى يملكونها، أو الخدمات التى يقدمونها لمن يزور أرضهم أو يمر بها، ومن هنا فإن هذا الاقتصاد الكبير للدولة هو حاصل جمع اقتصادات الافراد أو الاسر الذين يعيشون فيها. لذلك فإن الحديث عن اقتصاد الدولة، وهو الاقتصاد الأكبر لايمكن ان يتم بعيدا عن اقتصاد المواطن وأسرته وهو الاقتصاد الاصغر، ومن هنا فإنه لا يمكن إصلاح الاقتصاد الأكبر دون إصلاح الاقتصاد الأصغر ولا يمكن النهوض بالاقتصاد الأكبر قبل النهوض بالاقتصاد الأصغر، إذن هما مترابطان، لا بل هما شيء واحد لا ينفصل. واذا ادركنا هذه الحقيقة فإننا مطالبون أن نتصرف فى حياتنا اليومية طبقاً لها، وأن يكون سلوكنا انعكاساً لهذا الإدراك، وإلا خرجنا من دائرة العقل والرشد الى الجنون والسفه، فسلوك الإنسان نابع من إدراكه، وهذا الادراك يستوجب علينا كمصريين ألا نلتفت للدولة، والحكومة فيما يتعلق بتغيير هيكل الاقتصاد، أو النهوض به، لأن ذلك هو مهمتنا نحن المواطنين، كل حسب قدراته، ودوره وموقعه، وما يملك من عناصر الاقتصاد، ويصبح دور الدولة ان تحرسنا من اللصوص والفاسدين والمرتشين، والذين يهدرون ثرواتنا، ويدمرون اقتصادنا، هذا هو الدور الاساسى للدولة وللحكومة، أما إصلاح الاقتصاد فهو مهمتنا ودورنا…ولكن كيف يكون هذا؟

ببساطة شديدة كل الاقتصاد فى أيدينا ونحن نتصرف فيه، فالاقتصاد هو سلوك نقوم به فى كل لحظة، لأنه إما عملية انتاج، أو عملية استهلاك، والإنتاج نقوم به عندما نعمل فى أشغالنا الخاصة، او عند الآخرين، وفى كلتا الحالتين يستطيع كل إنسان ان يزيد إنتاجيته فى الساعة واليوم بنسبة معينة، وبنفس هذه النسبة سيزيد انتاج الدولة، وسيزيد الدخل القومي، وسيرتفع الاقتصاد الوطني، لذلك ركزت الأديان على سلوك الفرد فى عملية الانتاج وألزمه بالإتقان، والأمانة وبذل الجهد، ومراعاة مصلحة العمل. أما الاستهلاك، وهو الأهم والأخطر، فهو السلوك الذى نقوم به طوال الوقت إلا فترات النوم، بل إن بعضنا يستهلك وهو نائم؛ اذا كان لديه تكييف للهواء فى غرفة نومه، أو نسى أنوار بيته مشعلة، ولكن وهو مستيقظ، دائما يستهلك، ويهلك كل شىء فى طريقه، سواء أكان من ماله الخاص، او من المال العام، فالعبث برصيف الشارع استهلاك، وبالخدمات العامة استهلاك، بل إن إلقاء الفضلات فى الطريق العام استهلاك، لذلك فإن هذا الجانب من الاقتصاد يستطيع كل منا ان يصلح اقتصاد مصر من خلاله، وأن يرفع الدخل القومى به، وأن ينهض بدولته بواسطته، والمطلوب شيء بسيط جدا، وهو أن نطبق قواعد الدين: الاسلامى أو المسيحى فلا نهدر شيئا، وأن نستخدم كل شىء برشادة وعقلانية، وبدون تبذير او إسراف، وان نحافظ على أملاكنا، وأملاك المجتمع.

تخيلوا إذا حرص كل منا على ألا يلقى لقمة خبز فى القمامة، وألا يستهلك أكثر مما يحتاج، وان يبتعد عن الإسراف من أجل التفاخر والمباهاة، ويستهلك باعتدال ورشد، يشترى ما يحتاج فقط، ويستهلك ولا يهلك، ويبتعد عن الإسراف حينها سيرتفع الدخل القومى بنفس نسبة التوفير فى ميزانية الاسرة. إذن فإن إصلاح الاقتصاد الأصغر، اقتصاد الفرد والأسرة، يأتى قبل أو يتزامن مع إصلاح الاقتصاد الأكبر، اقتصاد الدولة، لأنه بدون إصلاح الاقتصاد الأصغر, اقتصاد الفرد والأسرة, سيكون الاقتصاد الأكبر, اقتصاد الدولةـ مثل القربة المخرومة، لن يبقى فيها ماء، ويكون حاملها قد أضاع جهده، وخلاصة القول: إن إصلاح الاقتصاد المصرى يستلزم بداية إصلاح الإنسان المصري، وتغيير سلوكه، وهذا يعنى أن مجموعة الوزارات الثقافية: التعليم والأوقاف والثقافة أهم من الوزارات الاقتصادية: المالية والاقتصاد والتجارة.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد الأصغر قبل الاقتصاد الأكبر الاقتصاد الأصغر قبل الاقتصاد الأكبر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon