توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحدى الأخلاقى.. أخطر ما يواجه الأمم

  مصر اليوم -

التحدى الأخلاقى أخطر ما يواجه الأمم

بقلم - نصر محمد عارف

حين تنطلق الأمم فى البناء والتنمية يظن الناس أن الإنجازات المادية هى التحدى الأهم بالمواجهة، وأن تشييد المدن، ومد الطرق وبناء المصانع والمزارع هو الواجب الأولى بالاهتمام، والعمل الأجدر أن تسخر له كل القدرات والميزانيات، وأن الوقت وقت بناء وتشييد وتعمير. ولكن الأمم تنهض أيضا بالإنسان، وأن التنمية المستدامة القابلة للاستمرار مع تقلبات الزمان هى التى تعتمد على الإنسان، وأن الإنسان فى جوهره منظومة قيم وأخلاق، وأن هذه القيم والأخلاق هى الضمان الوحيد لتحقيق التنمية والنهوض، ولاستمرار التنمية ودوام الحضارة.

تجربة الدول التى دخلت مضمار التنمية وبقوة واقتدار أنها بدأت بالإنسان، لأنها أدركت فى وقت مبكر أن الإنسان الذى يملك منظومة قيم وأخلاق حضارية راقية هو الأساس فى عملية التنمية؛ لأن الأهم من إنشاء الطرق والمدن والمؤسسات والمشروعات هو كيفية المحافظة عليها، وضمان استمراريتها واستدامتها، لأنه بدون الاستدامة لا قيمة للإنشاء, وبدون المحافظة على البنية التحتية يكون إنشاؤها إهداراً للموارد والإمكانات، والمحافظة على البنية الأساسية والخدمات ليست مسألة قانونية، وإجبارية تنظمها عقوبات، وإنما يضمن استمرارها، ويحافظ عليها وجود منظومة قيم وثقافة راسخة فى عقول وقلوب الشعب كل الشعب، وهذا ما كان فى مصر قبل عصور سابقة؛ حين كانت شوارعها عنواناً للنظافة والجمال، وحين كان الإنسان لا يخرج من بيته إلا فى كامل أناقته.

لذلك فإن التحدى الذى يواجه مصر اليوم هو تحد أخلاقى فى جوهره، يحتاج إلى إعادة تربية وتثقيف للشعب على قيم النظام والنظافة، واحترام الآخرين، والالتزام بالقانون واللوائح، والمحافظة على المال العام، والتمتع بالجمال، وآداب التعامل فى الأماكن العامة، وحماية المرافق العامة…..الخ.

وهذه القيم لا يمكن ترسيخها بمجرد الخطب والمواعظ، وإنما لها منهج يجب إتباعه والالتزام به. تعليم القيم، وتغيير الثقافة يبدأ بفكرة يتقبلها عقل الإنسان؛ بعد أن يتم تنظيفه من الأفكار السلبية التى هى نقيض الفكرة أو القيمة التى يراد تعليمها، فإقناع الإنسان العادى بالعيش فى بيئة نظيفة، أو الالتزام بالنظام حتى لو كان ضد مصلحته الوقتية؛ عملية تحتاج إلى تغيير مفاهيم وقناعات وأفكار مسبقة؛ لتتحرك هذه القناعة من العقل إلى القلب، أى تتحول من فكرة مجردة إلى قيمة معنوية يسعد الإنسان بإيمانه بها، ويخجل إن خالفها، وبعد ذلك ينبغى أن يتم تحويل هذه القناعة والإيمان إلى سلوك فعلي؛ يمارسه الإنسان فى مجتمعه مع نفسه وجيرانه والمحيطين به، يلتزم به مع من يعرف، ومن لا يعرف، يطبقه فى البيت مع أسرته وخارج البيت مع كل من يتعامل معهم.

للوصول إلى هذه الغاية النبيلة؛ وهى تغيير ثقافة المصريين ليكونوا محافظين على القيم والأخلاقيات الإنسانية فى النفس والبيت، وفى الشارع والأماكن العامة لابد من معرفة طرق الوصول إلى عقولهم وقلوبهم، ولابد من تضافر الجهود لإقناعهم بالفكرة، وضمان التزامهم بها، وهذا فى ذاته يحتاج إلى عملية غاية فى الشمول والتعقيد، تحتاج إلى مشروع ثقافى قومى شامل تشارك فيه مؤسسات المجتمع جميعها؛ كل فى مجال تخصصه، ويمكن أن تشتمل على الآتي:

أولا: نشر قيم الجمال فى المجتمع، وتعليم الشعب تذوق الجمال، وهذا يحتاج إلى التخلص من الفقه الوافد مع أولئك الذين نشروا القبح فى المجتمع، وسخروا كل طاقاتهم لمحاربة الذوق والجمال، بل صاروا قدوة للشباب فى تحويل القبح إلى دين، ونحن شعب كان يردد دائما… والله جميل يحب الجمال.

ثانيا: فرض معايير على صناعة السينما والدراما فى مصر بحيث يتم تنظيفها من قيم وثقافة القبح والفوضى والفهلوة، وكل القيم السلبية التى نشرتها مرحلة سيطرة البعض على صناعة السينما والدراما.

ثالثاً: وضع خطة صارمة لجميع الخطب والدروس فى المساجد والكنائس بحيث تركز جميعها على القيم والسلوكيات والأخلاقيات العامة، ولا تقتصر فقط على قيم الخلاص الفردي، والنجاة الفردية فى الدنيا والآخرة، التى خلقت ثقافة أنانية مفرطة فى الفردية، وحولت المجتمع إلى وحوش، يطبقون ما سمعوه عن يوم الحشر فى تعاملهم اليومى (نفسى …نفسي)، حيث يفر كل منهم من أمه وأبيه وصاحبته وأخيه فى الدنيا، فيقتل أباه من أجل بضعة مئات من الجنيهات، أو تقتل زوجها من أجل نزوة.

رابعاً: القيام بثورة تعليمية فى مصر، لأن كل ما يتم إلى تاريخ اليوم هو ترقيع فى ثوب متهالك، لا ينتج إلا عقولا مليئة بكل القيم السلبية من الشطارة والفهلوة والغش والانتهازية والأنانية وعدم احترام النظام، والتمتع بمخالفة القانون.

إن إعادة القيم والأخلاق الى حياة شعب من الشعوب بعد أن تساقطت منه عبر عثرات الزمن عملية جديرة بأن تكون هى التحدى الأكبر لضمان تحقيق تنمية مستدامة.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحدى الأخلاقى أخطر ما يواجه الأمم التحدى الأخلاقى أخطر ما يواجه الأمم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon