توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا تنضم لصفقة القرن

  مصر اليوم -

روسيا تنضم لصفقة القرن

بقلم : د. هالة مصطفى

لم يلق زعيم سياسى ورئيس لدولة عظمى هجوما كاسحا من وسائل إعلامه المحلية وأعضاء حزبه والآخر المعارض، بل ومن أجهزة الدولة والمؤسسة التشريعية، مثلما حدث مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسبب مواقفه الودية من روسيا، بعد اتهامها بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية واختراق المجال الإلكترونى للتأثير على نتائجها لصالح الرئيس الفائز، إلى درجة وصمه بالخيانة والعمل ضد مصالح بلاده، كما أشار الكاتب الشهير توماس فريدمان فى مقاله الأسبوع الماضى بالنيويورك تايمز، لكن رغم ذلك انعقدت قمة هلسنكى بين الرئيسين الأمريكى والروسى.

منذ توليه السلطة، عمل ترامب على تحسين علاقاته مع موسكو وتجنب توجيه أى نقد علنى لسياستها، خاصة ما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بل وطالب بإعادتها إلى مجموعة الدول السبع الكبار بعد تعليق عضويتها على خلفية تدخلها العسكرى فى أوكرانيا 2014، ووصف بوتين بـالمنافس وليس الخصم وهو ما زاد من أزمته فى الداخل، ولكن أيا ما كانت أبعاد هذه الأزمة والنهاية التى ستئول إليها، فالواقع يشير إلى أن هذه القمة ليست عادية، من زاوية ما قد تسفر عنه من قرارات معلنة أو غير معلنة ونتائج على المدى الأطول، فلكل من طرفيها مطالب يريد أن ينتزعها من الآخر ولو على حساب الدول الأخرى.

ليس خافيا أن زعيم الكرملين يسعى للتخفيف من حدة الضغوط التى يعانيها من جراء العقوبات الاقتصادية، التى فرضتها القوى الغربية عليه منذ اندلاع الصراع فى أوكرانيا، وربما يطمح لرفعها وإلغاء الدعم العسكرى الذى تقدمه لها تلك القوى لمواجهة الوجود الروسى الذى مازال يلقى معارضة كبيرة هناك يصعب تجاهلها، وليست مصادفة أن يتضمن البيان الختامى لقمة الأطلنطى التى عُقدت قبيل قمة هلسنكى إدانة صريحة لضم روسيا غير القانونى للقرم، ونفس الشىء ينطبق على الحالة السورية، حيث نجحت القوات الروسية فى الإبقاء على نظام بشار الأسد وتأمينه ولكنها أخفقت فى التوصل لحلول سياسية تُنهى الحرب الأهلية، باختصار يريد أن يحول نصف النجاح فى الحالتين إلى نجاح كامل.

وبخلاف تلك القضايا الإقليمية، تبقى مشكلته مع الناتو من أهم المشكلات التى يواجهها بحكم تمركز قوات الحلف حول المناطق الإستراتيجية المحيطة بروسيا، مما يجعلها مصدرا مستمرا للقلق وعدم الاستقرار له فى القارة الأوروبية، ومن ثم فقد يراهن على أن تُخفض واشنطن من التزاماتها الأمنية تجاه دول الأطلنطى، وأن تمنحه اعترافا بضمه القرم بالقوة وهو ما أشارت إليه صحيفة ذى صن البريطانية.

أما الرئيس الأمريكى، الذى طالما انتقد سلفه أوباما لتعاونه مع الروس، لا سيما فى الملف السورى حيث أوكل لهم مهمة مراقبة نزع الأسلحة الكيماوية للنظام، فقد وجد نفسه هو الآخر فى حاجة إليهم، إذ يسعى إلى التنسيق مع منافسه الروسى لتسوية بعض الملفات الدولية، وفى مقدمتها خفض التسلح وتحجيم برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية ومنع تصديرها للدول المعادية للولايات المتحدة، وعلى المستوى الإقليمى، فمطلبه الأساسى هو محاصرة المشروع التوسعى لإيران فى المنطقة، والحد من نفوذها وتقليص دور ميليشياتها المسلحة، خاصة فى سوريا حيث الوجود الروسى المكثف، ضمانا لأمن إسرائيل، وللبدء فى إطلاق صفقة القرن فهذه الصفقة، التى لم تُعلن كل تفاصيلها رسميا، تتكون من شقين، الأول يتعلق بإيران ودورها الإقليمى، والآخر بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية، ليس على أساس حل الدولتين وإنما وفق الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، التى لا تعترف سوى بدولة واحدة يهودية، مع إعطاء الفلسطينيين الحق فى دولة منقوصة السيادة وعلى مساحة جغرافية غير متصلة عبر تبادل الأراضى تكون عاصمتها بلدة أبو ديس وليس القدس الشرقية مع إسقاط قضية اللاجئين والمستوطنات اليهودية من مفاوضات الحل النهائى، وتعويضهم فى المقابل بمشروعات استثمارية ضخمة لإقامة بنية أساسية تمنح دولتهم الحياة، بتمويل أمريكى خليجى.

هذا المشروع تُرجم عمليا منذ أيام، عندما صدق الكنيست على قانون القومية بالأغلبية، والذى ينص على أن إسرائيل هى الوطن القومى لليهود واللغة العبرية هى اللغة الرسمية، والاستيطان مشروع تدعمه الدولة، إضافة إلى أن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.

من هنا عرض الرئيس ترامب على نظيره الروسى تسوية سياسية إقليمية، تقوم موسكو بمقتضاها بتسهيل وتمرير تلك الصفقة، والمبادرة بعقد لقاءات مباشرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، نظرا للعلاقات الجيدة التى تربطها بالجانبين، مقابل اعتبار سوريا منطقة نفوذ خالصة لها لكن بعد إخراج إيران.

هذا العرض الذى تحدثت عنه العديد من وكالات الأنباء العالمية، جاء بعد فشل جولة مستشاره وصهره جاريد كوشنير ومبعوثه الخاص جيسون جينبلات إلى المنطقة من أجل التسويق لصفقة القرن وفتح قنوات الاتصال مع السلطة الفلسطينية، التى أُغلقت على خلفية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس اعترافا بكونها عاصمة إسرائيل، والملاحظة الرئيسية فى هذا السياق أن الأخيرة كانت بمنزلة الحاضر الغائب فى قمة هلسنكى، فهى الأقرب، مقارنة بباقى دول الشرق الأوسط، لدوائر صناعة القرار الأمريكية والروسية معا، وهو ما أكده لقاء نيتانياهو مع بوتين أخيرا فى العاصمة الروسية وكذلك الانتقائية فى العمليات العسكرية الإسرائيلية فى سوريا والتى استهدفت المواقع الإيرانية دون المساس بمثيلاتها الروسية، ولذلك لم تكن مسألة ضمان أمن إسرائيل وتأمين مصالحها محل خلاف بين قطبى القمة.

إذن نحن نتحدث عن مقايضات وتبادل للمكاسب والمصالح واقتسام النفوذ بين روسيا وأمريكا وفقا لمتغيرات العصر الحالى، وليس عن قواعد الحرب الباردة بتناقضاتها الأيديولوجية العميقة بين المعسكرين الشرقى والغربى، والتى كانت تترك هامش مناورة للدول الأصغر، والأيام المقبلة هى التى ستجيب وحدها عما ستُفضى إليه تلك التبادلية فى المصالح من آثار على مستقبل المنطقة.

نقلًا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا تنضم لصفقة القرن روسيا تنضم لصفقة القرن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon