توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جنوب السودان والجامعة العربية

  مصر اليوم -

جنوب السودان والجامعة العربية

بقلم - نيفين مسعد

 أثار الحديث عن تقدم حكومة جنوب السودان بطلب للانضمام لعضوية جامعة الدول العربية حسب ما يذهب إليه العديد من المصادر - أو للحصول على صفة مراقب بالجامعة وفق ما صرح به وزير الخارجية الجنوبى دينق ألور - جدلا واسعا على المستوى العربى، وكانت لهذا الجدل أصداؤه على مستوى الجوار الإفريقى المباشر لجنوب السودان، فضلا عن إسرائيل بطبيعة الحال صاحبة النشاط الواسع فى القارة الإفريقية. ركزت الآراء العربية الداعمة لإيجاد صلة تنظيمية بين جنوب السودان وبين جامعة الدول العربية على أن هذه الصِّلة تبعد الجنوب عن دائرة النفوذ الإسرائيلى، وتقربه من الموقف العربى فى بعض القضايا المصيرية مثل القضية الفلسطينية وقضايا مياه النيل. وأضاف أنصار تلك الآراء أن مساعى الجنوب للارتباط بالجامعة العربية لها سوابقها وتحديدا فى نهاية عام 2016 أى قرب انتهاء مدة دكتور نبيل العربى كأمين عام للجامعة، ففى هذا العام تقدم الجنوب بطلب الانضمام للجامعة وجرى عرض الأمر على الاجتماع التشاورى الذى يسبق اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، وتم رفض الطلب. ويخلص هؤلاء إلى أنه فى الوقت الذى تُكثِّف فيه قوى دولية وإقليمية وجودها فى إفريقيا بصور وأشكال مختلفة، يدير العرب ظهورهم للقارة الإفريقية ويغلقون أبواب جامعتهم فى وجه جنوب السودان، أخذا فى الاعتبار أن قضية عضوية تشاد أو منحه صفة المراقب هى بدورها من القضايا القديمة/ الجديدة التى تثار فى كل مرة يُنَاقَش فيها توسيع عضوية جامعة الدول العربية.

وأشارت الآراء المعارضة لانضمام الجنوب (أو منحه صفة مراقب) إلى النقطة الخاصة بأن عضويته بالجامعة من شأنها تعقيد العلاقات العربية -العربية وبالذات العلاقات السودانية -العربية بالنظر إلى الخلافات القائمة بين السودان والجنوب، وأنه بفرض أن الإطار العربى سيقدم بديلا مقبولا للجنوب عن علاقته بإسرائيل، فإن ضم الجنوب للجامعة العربية من شأنه أن يدفع السودان بعيدا عن الإطار العربى سواء عبر توثيق علاقته بإثيوبيا أو بتعزيز خطوات انفتاحه على تركيا. وعادة ما يتسلح هذا الفريق بالمبرر القانونى فى رفضه عضوية الجنوب فى الجامعة، على أساس أن المادة رقم 6 من دستور الجنوب تنص صراحة على أن الإنجليزية هى اللغة الرسمية للدولة وهى لغة التعليم فى كل مراحله، وهذا يخالف شرطا أساسيا من شروط الالتحاق بالجامعة العربية. ويزيدون أن المادة 43 المُطَولة من الدستور والخاصة بالسياسة الخارجية لجنوب السودان لا تشير صراحة إلى العلاقة مع الدول العربية بل إلى مجرد التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية وفيما بين دول المنطقة وبعضها البعض، وفى المقابل فإنها تذكر التكامل الإفريقى بوضوح وتحدد التعاون مع الاتحاد الإفريقى بالاسم.

فى التعليق على هذه القضية الشائكة لى ثلاث ملاحظات أساسية، الملاحظة الأولى هى أن عضوية الجنوب أو تمتعه بصفة مراقب فى الجامعة العربية ليست موضع اتفاق داخلى بين الجنوبيين أنفسهم. وقد استعرضت جريدة «الرأى اليوم» جانبا من المنطق الجنوبى الذى يميز ما بين تأييده للانفتاح على الدول العربية وبين تحفظه على مسألة الانضمام للجامعة العربية. ويرتبط الخلاف حول هذه الجزئية التفصيلية الخاصة بالعلاقة مع الجامعة بالخلاف حول موضوع أكبر وأهم يتعلق بهوية الجنوب، وهذا الأخير له جوانبه التاريخية والثقافية والسياسية شديدة التعقيد. ومن الضرورى والجنوب يعيش على وقع صراع داخلى دام منذ عام 2013 وحتى يومنا هذا أن نسأل أنفسنا عن تداعيات ضم الجنوب للجامعة - أو حتى إعطائه صفة المراقب- على درجة تصعيد هذا الصراع وخلط المواقف والأوراق.

الملاحظة الأخرى أن الربط بين توثيق العلاقات العربية -السودانية وبين ضم دولة جنوب السودان للجامعة العربية مسألة تحتاج لإعادة نظر. وذلك أن هذه العضوية ليست ضمانة لتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، ولا أدل على ذلك من الأزمة القطرية التى لا تضرب الجامعة العربية وحدها بل تضرب مجلس التعاون الخليجى نفسه الذى كان يُنظَر له باعتباره التجمع الفرعى العربى الوحيد الصامد فى مواجهة كل الأعاصير. وليس هناك ما يمنع من تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع جنوب السودان على أسس ثنائية أو ثلاثية أو فى إطار الاتحاد الافريقى، بل ربما كانت هذه الأطر أسلم للحفاظ على استقرار أكبر لتلك العلاقات.

يقودنى ذلك للملاحظة الثالثة والأخيرة وهى أن مصر تقدم نموذجا مهما لمثل هذا التعاون الثنائى الوثيق مع جنوب السودان، فلقد طورت مصر شبكة من العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بدولة الجنوب جديرة بالاحترام . وللتمثيل فقط أحيل على ثلاثة نماذج لهذا التعاون، توقيع اتفاق القاهرة فى نوفمبر الماضى لتوحيد فصائل الحركة الشعبية لتحرير السودان كجزء من جهد مصرى أشمل لاحتواء الصراع فى الجنوب، وإبرام وزارة الدولة للإنتاج الحربى قبل شهرين بروتوكولا للتعاون مع جنوب السودان لإنشاء منطقة صناعية كبرى فى ولاية جوبك الجنوبية كجزء من دور مصرى أكبر فى دفع عملية التنمية فى الجنوب، وافتتاح فرع لجامعة الإسكندرية فى ولاية واراب الجنوبية كجزء من إسهام مصرى أعم فى مجال التعليم ويرتبط بذلك تخصيص عدة منح لأبناء الجنوب للدراسة فى الجامعات المصرية.

خلاصة الكلام أن مداخل محاربة النفوذ الإسرائيلى فى جنوب السودان كثيرة ومتعددة ولا تمر بالضرورة عبر مدخل جامعة الدول العربية، بل أزعم أن مدخل الجامعة العربية ليس أفضل مداخلها على الأقل فى الوقت الراهن .


نقلا عن الاهرام القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنوب السودان والجامعة العربية جنوب السودان والجامعة العربية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon