بقلم - منى بوسمرة
في توقيت بالغ الأهمية تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جدة، وعقده لقاء قمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
فهي تأتي في توقيت تتصاعد فيه المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة، بدءاً من السياسات العدائية الإيرانية التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة، وانتهاء بمحاولات شق صف الوحدة الخليجية، بمواقف وسياسات تدعم المشروع الإيراني، وتشجع الإرهاب والفوضى.
فالتحالف الإماراتي السعودي صمان أمان لمنطقة الخليج، وللعالم العربي أيضاً، في وجه ارتدادات المشاريع الإقليمية، وما تريده من محاولات التأثير على وحدة دول الخليج العربي، تحت ذرائع زائفة، تبدأ بادعاء التوازن والحكمة، وتصل حد التحالف مع العدو، ضد المنطقة، وهو أمر لا يمكن أن تقبل به الإمارات ولا السعودية أيضاً، لإدراكهما أن المشروع الإيراني، يستهدف شق وحدة دول الخليج العربي لتحقيق هدفه بالسيطرة على المنطقة بأكملها.
علاقة التحالف بين البلدين نراها في مسارات كثيرة، ومن أبرزها الموقف في اليمن، وشراكة الإمارات والسعودية ضمن التحالف العربي لتحرير اليمن من يد الإرهابيين والظلاميين والانقلابيين، وهي شراكة قدمت فيها الإمارات والسعودية الشهداء من أجل شعب عربي شقيق، يتم رهنه لأطماع إقليمية، تريد احتلال العالم العربي، وتطويعه، لأجل مصالحها، وأطماعها في المنطقة، تلك الأطماع التي لا تتراجع، برغم كل ما كبدته لشعوب المنطقة من خسائر بالأرواح، وتشظية لدول كانت مستقرة، وتبديد للموارد الاقتصادية.
الرؤية المشتركة بين البلدين تتطابق إزاء كل الملفات، فقيادتا البلدين تتبنيان ذات الرؤية إزاء كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك أهمية إسعاد شعبيهما، وتكريس الرفاه باعتباره ميزة يعيشها الشعبان، فقد آمنت قيادتا الإمارات والسعودية بأن التركيز على الإنسان وحياته هو خير ما يتم تقديمه لهذا الإنسان، بدلاً من إشاعة مناخات الهدم، كما نرى في بعض الدول العربية التي تعتنق عقيدة التخريب في غيرها من دول، دون أن تأبه بالكلفة الدموية على تلك الشعوب، وتصر على أن تبقى معاول هدم لمنطقتنا.
مواقف الإمارات والسعودية إزاء قضايا متعددة، مثل الحرب على الإرهاب، ونبذ العنف، وردع الجماعات الظلامية، وأهمية التنمية، والوقوف معاً في وجه مناخات الكراهية، والدفاع عن أمن المنطقة العربية، والانفتاح على العالم، والتوازن في العلاقات مع مختلف الدول، تأسست على رؤية عميقة، تقرأ الواقع جيداً، وتعرف الذي تريده تحديداً.
لا يمكن اعتبار العلاقة الإماراتية السعودية مجرد علاقة دبلوماسية بين دولتين، فالأسس التي قامت عليها هذه العلاقات، هي أسس صلبة جداً، يؤمن بها أبناء الشعبين، ويرونها أيضاً، تأكيداً لتوجه القيادتين، وضمانة للحاضر والمستقبل، في وجه قوى كثيرة، تتربص بالعالم العربي عموماً.
ستبقى هذه العلاقة تعبيراً عميقاً عن إرث تاريخي يجمع أبناء شعب واحد بين البلدين، خصوصاً حين تتصاعد الأخطار، التي تتدفق من دول إقليمية، تجد من يتحالف معها من العرب، وينقلب على دول الخليج العربي، دون أن يدرك هؤلاء كلفة ذلك على أمن المنطقة واستقرارها، وهذه الأخطار ستجد من الإمارات والسعودية، ودول أخرى، موقفاً حازماً؛ لأن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان أمن واستقرار المنطقة.