توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هامش ترامبي: الحنين مقابل الأمل

  مصر اليوم -

هامش ترامبي الحنين مقابل الأمل

بقلم : حازم صاغية

لئن كشف انتخاب دونالد ترامب عن الضعف الذي بات يعانيه اليوم النظام الديموقراطي، بل الحضارة الديموقراطية، فإن خطبتي هيلاري كلينتون وباراك أوباما، تسليماً بالهزيمة وتمهيداً لانتقال سلس للسلطة، تكشفان قوة النظام والحضارة هذين.

والحال أن الديموقراطية تجمع بين الضعف والقوة على نحو مدهش: ذاك أن في وسع ديماغوجيٍّ كدونالد ترامب أن يهدّدها، وفي وسع ديماغوجي كأدولف هتلر أن يُسقطها. لكن في وسعها أن تنتصر في حربين عالميتين، وأن تقضي تباعاً على إمبراطوريتين توتاليتاريتين مدججتين بالعبودية الحديثة، النازية والشيوعية.

ونشهد راهناً لعبة القوة والضعف وهي تستخدم مرادفات كثيرة في عدادها ما أسماه المؤرخ مارك ليلا ثنائية الأمل والحنين. ذاك أن المتمسكين بالديموقراطية والمعولين عليها يأملون بدخول المستقبل، مع ما يحف بهذه العملية من تحويل إلى الدارج والمألوف: كيف تتعادل في الحقوق المرأة والرجل، كيف يتغير وضع الفقير والمهمش، كيف تتقارب الشعوب بالتجارة والمثاقفة وتهزل الحدود الفاصلة بينها، وكيف تُخلط الأديان والقوميات والإثنيات في مصنع يُنتج الإنسان سلعةً أرفع من باقي السلع وأعلى من الأصول التي شكّلته؟

وهو أمل ينطوي على مغامرة كبرى، إذ لا الخلاص المضمون متوافر ولا الطرق إلى المستقبل معبّدة. وهذا ما يردّ عليه أهل الحنين بالعودة إلى الماضي، فعلياً كان أو متوهماً، والتمسك بالدارج والمألوف اللذين يُتهم الليبراليون والكوزموبوليتيون بالتآمر عليهما. هكذا يعد دونالد ترامب بـ «إعادة أميركا عظيمة» كما يعد أبو بكر البغدادي بـ «خلافة» رشيدة، بحيث يرجع كل شيء إلى ما يُفترض أنه حاله الأولى وما كان عليه: المرأة إلى بيت الطاعة، واللاجئ إلى حيث جاء، والقوميون إلى ينابيعهم وأسباب فرادتهم، والبيض بيض والسود سود، فيما بين البشر والبشر لا تعلو إلا الحواجز والجدران...

لكنّ الحنين لا يقل قوة عن الأمل، وأقوى أسلحته البرم بالحاضر وخفة الانجذاب إلى بديل. فحين يتبدى أن الذاهبين إلى المستقبل، على جناح الأمل، سيذهبون وحدهم، تاركين الملايين في البؤس، يتحول الحنين إلى طاقة تدمر الديموقراطية وتدمر الحضارة أيضاً.

 وهذا، بالضبط، ما حدث بعد سقوط «المعسكر الاشتراكي» وشعور النيوليبراليين بأنهم تحرروا من كل منافسة تُلزمهم باستحضار أفضل ما فيهم. عند ذاك بدأ تفكيك دولة الرفاه التي سبق أن أملاها التنافس مع الأنظمة الشيوعية، وتكشّف الجشع الذي جعله الثراء الهائل للعولمة فلكياً في أبعاده وقدراته وأرقامه، وصار في وسع نصّاب كبرلوسكوني أن يحكم بلداً كإيطاليا.

أما ترامب، الذي صوت له الفقراء البيض، فجاء بـ «برنامج» يخفض الضرائب عن الأغنياء. ومن طريق سيطرة حزبه على أكثرية المجلسين، النواب والشيوخ، سيحول المحكمة العليا مصدراً لتشريعات بالغة الرجعية في مسائل الأخلاق والجنس والدين. بهذا، فإن معركة الأمل والحنين ستحتدم في ظل الرئيس الأميركي الجديد فيما تعز الأدوات التي تتيح خوضها بكفاءة وفاعلية.

لقد ظهرت الاشتراكية الديموقراطية في أوروبا لتستدرك ضعف المسألة الاجتماعية في الفكر الديموقراطي، السياسي والدستوري، بمقدار ما تستدرك ضعف الحس «الحُرّيّ» والديموقراطيّ في الفكر الاشتراكيّ. والبائس، اليوم، أن هذا العلاج، الذي يبقى بين أرقى ما أنتجته الأفكار السياسية، يعاني احتضاراً لا يشبهه إلا احتضار أحزابه.

وفي معمعة الأفكار والتكهنات الكثيرة، وفيما العقل مثخن بجراح القيم الساقطة التي أحرزت انتصاراً مؤزّراً في أبرز معاقله، يُرجح أن يعيش العالم أربع سنوات حاسمة جداً ومثيرة جداً من صراع الأمل والحنين، ومن طلب المستقبل والنكوص إلى الماضي، ومن قوة الديموقراطية وضعفها. لكنّ ما يمكن قوله بثقة أن توسيع قاعدة المستفيدين من الحاضر، أو تضييقها، يبقيان العنصر التقريري الأهم في المواجهة هذه.

GMT 00:33 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

السباق على القمة يحتدم

GMT 07:48 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

عيون وآذان (أخبار مهمة أضعها أمام القارئ)

GMT 06:31 2018 الأحد ,16 أيلول / سبتمبر

الإدارة الأميركية السابقة وتبعات أخطائها؟

GMT 03:03 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

وتحدث خطيب الجماعة... أوباما

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

عودة أميركية للتركيز على الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هامش ترامبي الحنين مقابل الأمل هامش ترامبي الحنين مقابل الأمل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon