توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللجوء والدولة ونموذجا إيطاليا وإسبانيا

  مصر اليوم -

اللجوء والدولة ونموذجا إيطاليا وإسبانيا

بقلم-حازم صاغية

629 لاجئاً ولاجئة، أغلبهم من أفريقيا، كانوا مُهدّدين بالغرق في مياه البحر المتوسّط. في عدادهم أطفال ونساء حوامل كثيرون. ثلاثة زوارق أنقذتهم وحملتهم إلى إيطاليا (ومالطا) التي رفضت إدخالهم. إسبانيا قبلتْهم، ووعدت بتأمين عناية صحّيّة مجّانيّة لهم، على أن تدرس أوضاعهم، فرداً فرداً، في وقت لاحق.

إيطاليا وإسبانيا بلدان كاثوليكيّان في الجنوب الأوروبيّ. الاختلاف بينهما بالتالي ليس دينيّاً أو «حضاريّاً». إنّه اختلاف بين نهج منفتح على العالم، متساوق مع العولمة، محترِم لحقوق الإنسان في معزل عن دينه ولونه وجنسه وطبقته، ونهج منغلق، قوميّ وحمائيّ وكاره للغريب والمختلف.

النهج الأوّل تجسّده الحكومة الاشتراكيّة التي تشكّلت قبل أسبوعين في مدريد. الثاني تجسّده الحكومة الشعبويّة التي تشكّلت، قبل أسابيع قليلة، في روما. هذه الأخيرة أنشأها ائتلاف بين حزبي «النجوم» الجنوبيّ و «العصبة» الشماليّ. قادة هذا الائتلاف لا يكتمون إعجابهم بفلاديمير بوتين ودونالد ترامب.

الانقسام هذا يلخّص تناقضات كثيرة يعيشها عالمنا اليوم.

القوميّون والمحلّيّون على أنواعهم لا يُعدمون الحجج: فالعالم ينقسم إلى دول تحدّها حدود، دولٍ تتطلّب ممّن هم ليسوا مواطنيها تأشيرة دخول إليها، فيما اقتصادها وسياستها في العمالة محكومان بمعطيات عدديّة واقتصاديّة محدّدة وملزِمة لصانع القرار. التنافس الانتخابيّ وإرضاء «الشعب» يدفعان في الاتّجاه هذا.

لكنّ التمايز عن الطوبى ليس بالضرورة مناهضةً للطوبى. إنّه كذلك عند القوميّين المحلّيّين وحدهم لأنّهم يرون قطيعة جوهريّة بين الواقع والمثال، ويعملون على تضخيم الجوهريّ فيها. هذا التمايز الواقعيّ قد يكون، في المقابل، تمهيداً لعالم أفضل من غير استعجال وحرق مراحل. وهو بالضرورة مهمومٌ بمصالحة الإنسان، بوصفه ابن وطن ودولة، والإنسان، بوصفه ابن الكون والعالم. مهمومٌ بمصالحة سيادة الوطن وسيادة الإنسانيّة. إنّه لا يزيل الحدود، التي لا تزال تفرضها موجبات عمليّة، لكنّه لا يقدّسها ولا يمجّد الاستبسال في سبيلها. وهو يرحّب بكلّ عولمةٍ، لا في حركة الرساميل فحسب، بل أيضاً في حركة العمل، فضلاً عن الثقافة والأفكار.

ما من شكّ في أنّ رئاسة دونالد ترامب، التي تفصل الأبناء عن أهلهم وتقيم الجدران بين البلدان وتعتمد الحمائيّة والرسوم الضريبيّة، وتنسحب من اتّفاقات البيئة كما من الاتّفاقات التجاريّة، هي اليوم ما يحتلّ موقع الريادة والأستاذيّة في هذه المدرسة.

تفكيك الاتّحاد الأوروبيّ، الذي بدأه بريطانيّو بريكزيت، ضربة موجعة لأوّل صيغة سياسيّة في التاريخ تتجاوز الدولة – الأمّة بإرادة شعوبها. انتخابات النمسا ثمّ انتخابات إيطاليا خطى أخرى على الطريق ذاتها.

مساهمة شطرنا من العالم في هذه المساجلة إمّا ضعيفة الحضور أو ضعيفة المعنى. هذا ليس مردّه فحسب إلى ضعف التقاليد الأمميّة والكونيّة لدينا، بل أيضاً إلى التجريف الحاصل لنفوسنا الفرديّة والجماعيّة على أيدي الولاءات الدينيّة والطائفيّة، الإثنيّة والجهويّة. فإذا صحّ أنّ كلّ تشدّد في الهويّة انخفاض عن سويّة الإنسانيّ، فنحن نضيف إلى ذاك الانخفاض انخفاضاً عن سويّة الهويّة الوطنيّة نفسها. في الغرب، يدور السجال، وهو غالباً سياسيّ، بين القوميّ وما بعد القوميّ. عندنا، هناك انقسامان، واحد بين الوطنيّ، الأضعف بإطلاق، وما قبل الوطنيّ، الأقوى بإطلاق. هذا الانقسام لا يثير سجالاً بسبب فارق القوّة بين طرفيه. الانقسام الآخر، الوازن والجدّيّ، هو بين أنواعٍ من ما قبل الوطنيّ تساوي عدد الجماعات الأهليّة. السجال هنا عنفيّ حكماً.

بالتأكيد، لا يعمل هذا النقص لدينا إلّا في تعزيز أرصدة المناهضين للجوء والهجرة في الغرب الذي يقوّي أسوأ ما فينا فنقوّي أسوأ ما فيه.

نقلا عن الحياه اللندنيه 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللجوء والدولة ونموذجا إيطاليا وإسبانيا اللجوء والدولة ونموذجا إيطاليا وإسبانيا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon