توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لعنة سورية ستلاحق أوباما

  مصر اليوم -

لعنة سورية ستلاحق أوباما

بقلم : خير الله خير الله

بعد أيّام قليلة تدخل الولايات المتحدة مرحلة جديدة تختلف كلّيا عن تلك التي عاشتها في السنوات الثماني الماضية التي كان فيها باراك أوباما رئيسا للدولة العظمى الوحيدة في العالم.

أقلّ ما يمكن به وصف ما يدور في واشنطن منذ فوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون بأنّه انقلاب. كيف ستكون ترجمة هذا الانقلاب على أرض الواقع؟ يختزل هذا السؤال كلّ ما يجول في خاطر قادة العالم الذين راهنوا في معظمهم على أن كلينتون ستنتصر على ترامب.

ساهم باراك أوباما، الذي كان أوّل رئيس أسود لأميركا، في تغيير صورة بلاده في العالم. حوّلها إلى متفرّج على الأحداث وشاهد على المأساة السورية لا أكثر، في حين كان في استطاعته وضع حدّ لها.

ستلاحق لعنة سوريا أوباما إلى اليوم الأخير من حياته بعدما أدار ظهره لشعب بكامله، وسلّمه إلى آلة القتل المتمثلة بالنظام وداعميه من إيرانيين وميليشيات مذهبية تابعة لهم… وروس.

إذا كان من مؤسس للانقلاب الذي جاء بدونالد ترامب رئيسا، فهذا المؤسس هو باراك أوباما الذي لم يستطع المحافظة على حدّ أدنى من المعايير الأخلاقية في تعاطيه مع بقية العالم.

قرّر الرئيس الأسود التخلي عن الدور القيادي للولايات المتحدة. نسي أن من انتصر في الحرب الباردة كان أميركا بكلّ ما تمثّله من قيم مرتبطة بالحرّية، وليس الاتحاد السوفياتي الذي لم يكن سوى قوّة إمبريالية لم تترك بلدا دخلته إلا وجلبت معها الخراب والدمار والفقر والقمع.

بفضل أميركا وانتهاء الحرب الباردة تحرّرت كلّ أوروبا الشرقية. تحررت بولندا وتشيكوسلوفاكيا التي أصبحت في ما بعد دولتين. تحرّرت هنغاريا ورومانيا وبلغاريا أيضا. الأهمّ من ذلك كلّه، تحرّرت ألمانيا الشرقية واستعادت ألمانيا وحدتها بعد سقوط جدران برلين.

ليست الولايات المتحدة التي انهارت. من انهار كان الاتحاد السوفياتي الذي خرجت دول البلطيق (ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا) من تحت سيطرته. كذلك خرجت من تحت نير الاستعمار السوفياتي الجمهوريات الإسلامية التي كانت جزءا من الإمبراطورية التي أسسها لينين.

نسي باراك أوباما أنّ هناك تطلعات لدى الاتحاد الروسي الذي خلف الاتحاد السوفياتي في أوكرانيا. تغاضى عن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وعن تدخلها الوقح في الشؤون الأوكرانية من منطلق الخوف من انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي. عمل كلّ شيء من أجل إفهام الأوكرانيين أن ليس أمامهم سوى الاستسلام لفلاديمير بوتين.

كان متوقّعا أن يصلح أوباما الأخطاء التي ارتكبها سلفه جورج بوش الابن في العراق. زاد على أخطاء السلف. إذا كان جورج بوش الابن سلّم العراق على صحن من فضّة إلى إيران في العام 2003، فإنّ باراك أوباما كرّس في 2010 انتقال العراق إلى وضع المستعمرة الإيرانية عندما وافق على الانسحاب العسكري المبكر منه، بالتفاهم مع طهران وبموجب شروطها. تجاهل كلّ ما من شأنه المحافظة على حدّ أدنى من الوجود الأميركي في العراق تفاديا لسقوطه نهائيا تحت الهيمنة الإيرانية وهيمنة الميليشيات المذهبية.

لا حاجة إلى الإشارة إلى الدور الذي لعبه أوباما في مجال تهميش أوروبا. نزع أنياب حلف شمال الأطلسي وأهمل العلاقات معها (أي أوروبا) وجعلها تتراجع أمام الهجمة الروسية.

قبل انتخابه رئيسا في العام 2008، قام باراك أوباما بجولة شرق أوسطية. عندما قابل، وقتذاك، رئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس (أبو مازن) في رام الله، وعده بأنّه لن يترك معالجة القضية الفلسطينية إلى الأسابيع الأخيرة من ولايته الثانية، بل سيباشر في جهوده من أجل تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في اليوم الأوّل الذي يدخل فيه البيت الأبيض. كان بذلك ينتقد جورج بوش الابن الذي لم يكترث للقضية الفلسطينية إلا في نهاية عهده.

وفى أوباما بوعده. أرسل مبعوثا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وما لبث أن تراجع بعد أن تصدّى له بنيامين نتانياهو في واشنطن. سمح الرئيس الأسود لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأن يكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في عاصمة القرار الأميركي والدولي. الآن، عشية خروجه من البيت الأبيض، يبيع أوباما الفلسطينيين الأوهام إن عبر السماح لمجلس الأمن بتبني قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي، وإن عبر تأييد إدارته للبيان الختامي لمؤتمر باريس الذي يركّز على أنّ لا حل إلا باعتماد خيار الدولتين.

لا شكّ أن القرار الصادر عن مجلس الأمن مهمّ. كذلك البيان الصادر عن مؤتمر باريس الذي شاركت فيه سبعون دولة. ولكن ما فائدة ذلك كلّه؟ هل يستطيع الفلسطينيون البناء على القرار الدولي والبيان الباريسي من دون أن يكون هناك ما يوحي بأنّ الإدارة الأميركية الجديدة ستدعمهما.

في عهد باراك أوباما، لم تعد أميركا هي أميركا. هناك رئيس أميركي قرّر الاستسلام لروسيا وإيران. تخلّى عن دور بلاده كقائد للعالم الحرّ. هذا لا يعني التغاضي عن الأخطاء الأميركية التي تنمّ في أحيان كثيرة عن جهل تام في شؤون الشرق الأوسط. لا يمكن في طبيعة الحال التغاضي أيضا عن الظلم الذي مارسته الولايات المتحدة في حق شعوب كثيرة قبل دخول باراك أوباما إلى البيت الأبيض.

لكنّ المصيبة الكبرى تكمن في أنّ باراك أوباما، الذي كان يمثّل الأمل، مارس ما هو أشدّ من الظلم عندما سمح لبشّار الأسد بالإفلات من العقاب الفوري صيف العام 2013. وقتذاك، كانت هناك بقية أمل في إنقاذ ما بقي من سوريا.

لم يردّ الرئيس الأميركي على استخدام السلاح الكيميائي بالحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه. فضل التفرّج على المأساة خشية إزعاج إيران التي كانت تفاوض في شأن ملفّها النووي. فضّل التضحية بالشعب السوري على حدوث أي خلل يمكن أن يطرأ على المفاوضات الدائرة مع إيران…

مهما مرّ من زمن، لن يذكر التاريخ أوباما سوى بأنّه الرئيس الأسود الأوّل للولايات المتحدة، وأنّه بطل المأساة التي تعرّض لها الشعب السوري، وهي المأساة العالمية الأكبر، على الصعيد الإنساني، منذ بداية القرن الحادي والعشرين. انقلب أوباما على جورج بوش الابن. هناك الآن من سينقلب عليه وعلى كلّ إرثه.

توحي المواقف الصادرة عن دونالد ترامب وكبار المسؤولين في الإدارة الجديدة بحال من التخبط. الأكيد أن انقلابا حصل. سيأخذ دونالد ترامب الولايات المتحدة في رحلة إلى المجهول في سنة لا تزال في بدايتها، ولكن يبدو أنّها ستكون حبلى بالمفاجآت، خصوصا في ظل أسئلة من نوع: كيف ستكون العلاقة الأميركية – الروسية؟ كيف تنظر أميركا إلى الحلف الجديد الروسي – التركي – الإسرائيلي؟ ماذا عن العلاقة بين واشنطن وطهران؟ إلى أيّ حد سيذهب ترامب في عدائه لحلف شمال الأطلسي؟ ماذا عن العلاقة بالصين؟

أيا تكن الأجوبة المتوقعة، سيبقى السؤال الأكبر إلى أي مدى سيذهب ترامب في انقلابه على أوباما وهل ستكون لهذا الانقلاب أبعاده السورية؟

المصدر : صحيفة العرب

 

GMT 00:22 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

دعوة عبدالله بن زايد: لا اتفاق جديد مع إيران بدوننا

GMT 00:07 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

معركة شركة هواوي.. وبدء حروب المستقبل

GMT 05:46 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

عيون وآذان (أنغيلا مركل في هارفارد)

GMT 00:31 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

ترامب يغير العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعنة سورية ستلاحق أوباما لعنة سورية ستلاحق أوباما



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon