توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصالحة الفلسطينية والامتحان القريب

  مصر اليوم -

المصالحة الفلسطينية والامتحان القريب

بقلم : خيرالله خيرالله

أين صارت المصالحة الفلسطينية؟ هناك ما يدعو إلى التفاؤل بعدما سمحت “حماس” بإحياء ذكرى رحيل ياسر عرفات في قطاع غزة، للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ليس ذلك سوى دليل على أنّ خطوة إلى الأمام تحقّقت على صعيد المصالحة. أظهرت “حماس” جدّيتها في السير في المصالحة التي فرضتها ظروف موضوعية لم تكن متوافرة في الماضي وذلك منذ منتصف 2007. وقتذاك، قررت “حماس” الانتهاء من وجود السلطة الوطنية و”فتح” في غزّة. نجحت في ذلك بعد سيطرتها بالحديد والنار على القطاع. أقامت “حماس”، بدعم إيراني مكشوف، ما يمكن تسميته بـ“إمارة إسلامية” في غزّة. أثرت هذه “الإمارة” في الداخل المصري في وقت كان نظام حسني مبارك دخل فصل الخريف في ظلّ تجاذبات بين أركانه من جهة، وبين القوات المسلّحة بسبب التوريث من جهة أخرى.

لا شكّ أن “حماس” ذهبت بعيدا في تنفيذ مشروعها، القائم على نشر فوضى السلاح أولا، إلى أن اكتشفت أن لا أفق سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا له. ما الذي ستفعله الحركة في حال استمرّت في حكم القطاع في ظلّ حصار من كل الجهات؟ الأهم من ذلك كله أن الحركة اكتشفت أخيرا أن ليس في استطاعتها دفع رواتب الموظفين في غزّة، كما أنّ كل ما طرحته منذ تأسست كان شعارات لا طائل منها في ظل موازين القوى القائمة إقليميا ودوليا.

أقدمت “حماس” على مبادرة مهمة في الشتاء الماضي عندما عدلت ميثاقها الذي صار يشبه إلى حدّ ما البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. فوق ذلك، أعلنت “حماس” أنها لا تنتمي إلى التنظيم الدولي لـ“الإخوان المسلمين” وذلك في لفتة واضحة تستهدف طمأنة مصر التي تتحكّم بمعبر رفح.

صارت لـ“حماس” قيادة جديدة أقرب إلى هموم المواطن العادي. تتمتع هذه القيادة بحد أدنى من الحس الوطني على الرغم من تحدرها من مدرسة الإخوان المسلمين، بكل ما تحويه من تخلف وانتهازية.

ليس معروفا بعد كيف كان لـ”حماس” أن تحلم بأن في استطاعتها تحرير فلسطين انطلاقا من غزّة مع حركة “الجهاد الإسلامي” التي لم تكن سوى ذراع إيرانية؟ خاضت “حماس” منذ العام 2007 حروبا عدّة مع إسرائيل إرضاء للذين استثمروا فيها. كانت النتيجة حصارا لا يزال مستمرّا إلى اليوم وأحياء لا تزال مدمّرة منذ العام 2008.

بعد توقيع اتفاق أوسلو في أيلول – سبتمبر من العام 1993، اختار ياسر عرفات العودة إلى أرض فلسطين عن طريق غزّة. نجح في أن يصبح للقطاع مطار صار الفلسطينيون يسافرون منه. إضافة إلى ذلك، اكتشفت شركة بريطانية بمشاركة شركة مقاولات عربية حقول غاز في البحر قبالة غزّة. زار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون غزّة، منتصف تسعينات القرن الماضي، وألقى كلمة في المجلس التشريعي. أراد إبلاغ الشعب الفلسطيني رسالة فحواها أن حلم الدولة المستقلّة لا يزال قائما.

على الرغم من فقر القطاع ومساحته الضيقة واكتظاظه بالسكان، كان المستقبل واعدا بالنسبة إلى غزّة التي كانت إسرائيل تحلم بيوم ينشق فيه البحر ويبتلعها مع سكانها. لم تلبث إسرائيل في صيف العام 2005 أن انسحبت كليا من غزة، بما في ذلك من المستوطنات التي أقامتها في القطاع. لم تحسن “حماس” التصرّف في أي وقت، خصوصا بعد الانسحاب الإسرائيلي. كان يمكن لهذا الانسحاب أن يعطي دليلا على أن الفلسطينيين يستحقون بالفعل دولة مستقلة تعيش بسلام مع جيرانها، لكنّ شيئا من ذلك لم يحدث. استغلت “حماس” غياب ياسر عرفات الذي توفّى في مثل هذه الأيام من العام 2004، كي تباشر حملة تستهدف الاستحواذ على السلطة وحصرها بها. ركّزت “حماس” بدعم إيراني واضح على فوضى السلاح المنتشر في كل زاوية من زوايا غزة الذي جعل السلطة الوطنية ومعها “فتح” تبدوان أقرب إلى شاهدي زور على ما يجري في القطاع. قبل ذلك، في تسعينات القرن الماضي، عملت “حماس” بدعم إيراني أيضا على تنفيذ عمليات انتحارية. أدت هذه العمليات التي التقت مع توجه اليمين إلى تغيير داخل المجتمع الإسرائيلي جعله يصل إلى مرحلة بات فيها بنيامين نتنياهو في السلطة على رأس أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل.

حسنا، حصلت المصالحة الفلسطينية في ذكرى مرور عشر سنوات وبضعة أشهر على إقامة “حماس” إمارتها في القطاع. أقدمت الحركة على خطوة في غاية الأهمّية بسماحها بإحياء ذكرى وفاة “أبوعمّار” الذي تبيّن أنّه لا يزال الزعيم- الرمز للشعب الفلسطيني. كان مطلوبا في كل وقت إلغاء ياسر عرفات الذي حرص على صيغة “غزّة وأريحا أولا” خلال المفاوضات التي أدت إلى توقيع أوسلو. بكلام أوضح، ربط الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني بين غزّة والضفّة الغربية من أجل تأكيد أن الهدف لا يقتصر على دولة في غزّة بأي شكل من الأشكال.

عاجلا أم آجلا سيأتي موعد الامتحان الكبير لـ“حماس”. هل في استطاعتها أن تكون بالفعل جزءا من المشروع الوطني الفلسطيني الذي يمكن أن يؤدي في يوم من الأيام إلى قيام دولة مستقلة أو كيان فلسطيني ما؟ سيعتمد الكثير على ما إذا كانت “حماس” ستسلم سلاحها وتقتنع بأن الإدارة الفلسطينية إدارة مهلهلة، وأن لا مفرّ من إصلاحات جذرية على الصعيد الاقتصادي تشمل صرف موظفين، أي ترشيق الإدارات العامة بدل حشوها بأشخاص لا فائدة تذكر منهم. المطلوب إدارة فلسطينية فعالة وليس إدارة موظفين يحصلون على رواتبهم من دون القيام بأي عمل.

صحيح أن حلم الدولة الفلسطينية لا يزال بعيدا، لكن الصحيح أيضا أن على الفلسطينيين الاقتناع بأن عليهم إنشاء مؤسسات لدولة حديثة قابلة للحياة قد ترى النور يوما. سيكون الامتحان الكبير الانتهاء من فوضى السلاح وترشيق الإدارة بعيدا عن الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على استمرار تدفق المساعدات الخارجية. هذان شرطان مطلوبان كي لا تكون المصالحة حبرا على ورق ومجرد تبويس لحى. هذا الشرطان، وهما في الواقع تحدّيان، سيكشفان هل “حماس” جدّية في المصالحة أم لا؟

سيكشف هذان الشرطان ما إذا كانت “حماس” تغيّرت فعلا وأنها باتت مقتنعة بأن لا مستقبل لأيّ مجتمع أو بلد أو مشروع بلد، فيه سلطة موازية تعتمد على السلاح غير الشرعي وفوضاه، كما حال لبنان على سبيل المثال وليس الحصر.

GMT 07:32 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

السودان والرهان العربي

GMT 07:45 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

علي عبدالله صالح صنع الحوثيين فقتلوه

GMT 07:41 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

GMT 07:25 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

معركة بين ثقافتي الحياة والموت في تونس

GMT 02:10 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاستقلال… فرصة ضائعة في الجنوب اليمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة الفلسطينية والامتحان القريب المصالحة الفلسطينية والامتحان القريب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon