توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خاشقجى ومحنة ترامب

  مصر اليوم -

خاشقجى ومحنة ترامب

بقلم : محمد سلماوى

يخطىء من يتصور أن أزمة مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى هى من نصيب السعودية وحدها، فالحقيقة أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يواجه بهذه الأزمة واحدا من أكثر المواقف تعقيدا فى تاريخه داخل البيت الأبيض حيث يجد نفسه لأول مرة فى مواجهة العامة من الأمريكيين الذين يمثلون قاعدته الحقيقية والمصدر الرئيسى لشعبيته، والذين يطالبونه فى هذه الأزمة بما لا يستطيعه.

لقد بدأ ترامب نهجا جديدا فى علاقاته مع السعودية يقوم على الصفقات المالية المكشوفة والتى لا تغلفها غلالة المبادئ التى اعتادت دول العالم أن تغلف بها مصالحها الوطنية، حيث ظهر ترامب على شاشات التليفزيون وهو يقول لولى العهد السعودى محمد بن سلمان بفجاجة: إن لديكم أموالا كثيرة وتلك المليارات التى تدفعونها لا تمثل بالنسبة لكم أكثر من بضع حبات من فول السودانى، وقد رفع ترامب بعد ذلك حدة فجاجته الى درجة غير مسبوقة قبيل تفجر أزمة خاشقجى مباشرة حين أعلن على الملأ فى إحدى خطاباته المذاعة على التليفزيون، أنه اتصل بالملك سلمان وقال له مرة أخرى: إن لديكم أموالا كثيرة وعليكم أن تدفعوا ثمن حمايتنا لكم، ثم أضاف بسوقية غير معهودة فى خطاب العلاقات الدولية: بدون حمايتنا لكم ستكتسحكم إيران خلال أسبوعين فقط! وتساءل: لماذا نتحمل نحن ثمن قواتكم العسكرية؟!

وإذا كان مثل هذا الحديث يثير الاشمئزاز، وهو ما بات يشكل حرجا غير مسبوق للكثير من الأمريكيين أنفسهم، فإن ما يثير الفزع حقا هو جهل الرئيس الأمريكى بحقائق تعاملات بلاده مع السعودية، فهل يعقل أن يكون ترامب على غير علم بما يعرفه الجميع من أن بلاده لا تتحمل أية نفقات عسكرية للسعودية، وأن العكس هو الصحيح؟ فالمعروف أن السلاح الذى تبيعه الولايات المتحدة للسعودية يتم دفع ثمنه بالكامل أولا بأول دون أن تتحمل أمريكا منه سنتا واحدا، وعلى ترامب أن يعود للسجلات العسكرية الأمريكية ليعرف من الذى دفع الجزء الأكبر من نفقات القوات الأمريكية فى حربها ضد العراق، أى أنه لو كان هناك طرف يتحمل النفقات العسكرية للآخر فإنه السعودية وليست الولايات المتحدة، يضاف إلى ذلك بالطبع أن السعودية لا تتلقى معونات من الولايات المتحدة، بل إنها طوال تاريخها لم تتلق أي معونات أمريكية من أى نوع. لكن هكذا أراد ترامب أن تكون العلاقات الدولية للولايات المتحدة قائمة على مبدأ واحد هو الحصول على أكبر قدر ممكن من المال حتى على حساب لى الحقائق وإطلاق الأكاذيب، وهو ما يتصور أنه يرفع من شعبيته لدى الأمريكيين الذين يجد العامة منهم فى تعاملاته ما يذكرهم بأبطال رعاة البقر الذين تربوا على أفلامهم القديمة، ومع ذلك فترامب يقدم السعودية التى يعمل على بتزازها بهذا الشكل على أنها دولة صديقة، بل هى الحليف المقرب.

من هذا المنطلق فقد سارع ترامب بالدفاع عن السعودية عند بداية الأزمة التى أثارها اختفاء جمال خاشقجى، وهذا المقال ليس مخصصا للتعليق على تلك الجريمة وملابساتها، فسيكون لذلك مقال آخر، فإن ما يعنينا هنا هو كيف أصبحت تلك الأزمة تمثل معضلة للرئيس ترامب لا يعرف حتى الآن كيف يخرج منها، فقد أعلن ترامب فى بداية الأزمة أن النظام السعودى ليس طرفا فى تلك الأزمة وأكد أن الملك سلمان أخبره شخصيا أنه لا يعرف شيئا عن هذا الموضوع الذى لم يحدث فى السعودية وانما فى قنصلية بلاده فى اسطنبول، لكن الضغوط أخذت تحاصر ترامب من أعضاء الكونجرس ورجال الأعمال والصحافة والإعلام، وازدادت حدتها مع كل يوم جديد، فطالب الكونجرس ترامب بتطبيق قانون ماجنتسكى الدولى الذى يدعو لفرض عقوبات على الدول التى تنتهك حقوق الإنسان، كما تصاعدت أصوات تطالب بوقف بيع السلاح للسعودية، وإزاء تلك التعبئة القوية للرأى العام الأمريكى لا يملك المرء إلا أن يتساءل أين كان كل هؤلاء من المئات من حالات القتل العمد والتشويه التى يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطينى بشكل منهجي على أيدى الإسرائيليين؟ صحيح أن أحدا من هؤلاء لا يكتب فى الواشنطن بوست مثل جمال خاشقجى، لكنهم بشر أبرياء يدافعون عن حريتهم وحقوقهم الوطنية مثلما يقال إن خاشقجى كان يدافع عن حقوق مواطنيه.

على أن ترامب لم يعبأ بأى من ذلك بل سارع مرة أخرى للدفاع عن صفقات السلاح للسعودية ولبيان عدم سلامة قرار وقفها قائلا بأن هذا القرار صعب قبوله، ثم عاد فقال بالحرف الواحد يوم الخميس قبل الماضى: لا أحب أن أوقف كميات هائلة من المال تتدفق علينا، موضحا أن السعوديين ينفقون 110 مليارات دولار على السلاح مما يوجد فرص عمل كثيرة للأمريكيين، وهو ما أوضحت عدم صحته جريدة النيويورك تايمز فى عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضى، حيث أكد جوناثان كافيرلى فى مقال له بالصفحة الأولى أن صفقات السلاح التى عقدها ترامب مع السعودية لا تتعدى العشرين مليارا، وأن ذلك يمثل نسبة ضئيلة من صادرات الولايات المتحدة من السلاح، كما أن تلك الصادرات لا تمثل فرصا كبيرة للعمل، مشيرا إلى ما أعلنته شركة لوكهيد من أن صادراتها من طائرات الهليكوبتر للسعودية والتى تبلغ قيمتها 6 مليارات دولار لا تمثل إلا 450 فرصة عمل.

لقد أرسل ترامب وزير خارجيته مايك بومبيو إلى السعودية فى محاولة لتهدئة الضغوط المطالبة بفرض عقوبات على حليفه المقرب، لكن بومبيو عاد من الرياض ليطلب التريث لبضعة أيام، فهل سيتمكن ترامب من الاحتفاظ بتأييد قاعدته التى تعودت منه الاندفاع بل والتهور، وهو يدعو الآن إلى التريث بل والتعقل؟

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خاشقجى ومحنة ترامب خاشقجى ومحنة ترامب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon