توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حق يراد به باطل

  مصر اليوم -

حق يراد به باطل

بقلم : محمود خليل

فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم كان يُطلق على حفظة القرآن الكريم وصف «القراء»، وقد حظيت هذه الفئة بمكانة عالية داخل المجتمع المسلم، وامتازوا بالإخلاص الشديد للدين والدفاع المستميت عن قضايا الأمة. الظهور الأول البارز لفئة القراء كان فى عصر أبى بكر الصديق، حين أبلوا بلاء حسناً فى قتال أهل الردة، وسقط منهم جمهرة من الشهداء فى واقعة «اليمامة»، وكادت هذه الفئة تهلك عن آخرها فى هذه الحرب، وهو ما دفع أبا بكر الصديق إلى اتخاذ قراره بجمع القرآن الكريم. الظهور الثانى لفئة «القراء» جاء بعد تولية على بن أبى طالب خلافة المسلمين ونشوب الخلاف بينه وبين عائشة والزبير وطلحة، حين انحازوا إلى «على» وقاتلوا إلى جواره فى موقعة «الجمل»، وعندما نشب خلاف مماثل بين «على ومعاوية» ونشبت موقعة صفين انحازوا من جديد إلى «على» وقاتلوا إلى جواره حتى دعا جنود «معاوية» إلى تحكيم كتاب الله واستجاب «على».

إذن «الخوارج» فى الأصل كانوا جزءاً من جيش على بن أبى طالب الذى قاتل ضد معاوية بن أبى سفيان، وكان أغلبهم من القراء، أى حفظة القرآن الكريم. وقد اختلفوا مع «على» عندما رضى بتحكيم الرجال فى الصراع الدموى الناشب بينه وبين «معاوية»، وتشكلت «المحكمة» من أبى موسى الأشعرى وعمرو بن العاص. وبعد أيام ثلاثة من التداول بين الحكمين انتهيا إلى خلع كل من «معاوية وعلى»، وهو حكم لم يرضَ عنه أنصار الخليفة الثالث، واستخدمه الخوارج فى تقبيح فعله حين وافق على التحكيم من بداية الأمر. انتهى الأمر بالخوارج إلى الانشقاق عن جيش «على»، والانسلاخ عن المجتمع، ليستقلوا بجماعتهم التى تتبنى أفكارهم فى تكفير مَن يخالفهم رأيهم فى «على ومعاوية» وكل من تحلَّق حولهما من صحابة النبى والتابعين.

مشكلة «حفظة القرآن» من الخوارج أنهم كانوا يأخذون بظاهر الآيات دون التأمل الكافى لمقاصدها ومراميها. فقد رفعوا شعار «لا حكم إلا لله» وعابوا على الخليفة قبول التحكيم رغم أنهم قاتلوا معه «معاوية» بناء على حجة واضحة من القرآن بأن «معاوية» وأهل الشام بُغاة خارجون عن الخليفة. وقد رد عليهم ابن عباس فى هذا السياق بتذكيرهم بقول الله تعالى: «يا أيُّها الذينَ آمنُوا لاَ تقتلُوا الصَّيدَ وأنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قتلهُ منكم متعمداً فجَزاء مثلُ مَا قتَلَ مِنَ النعَم يَحّكُمُ بهِ ذوَا عَدّلٍ منكُم»، وقال لهم ابن عباس: ذلك فى ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحَكمَ، ثم استطرد وذكر لهم قول الله تعالى: «وَإنْ خفتمْ شِقاق بَينهما فابْعثوا حَكماً من أهلهِ وَحَكماً من أهلِهَا» سورة النساء.

شذ فكر الخوارج وانحرف حين تطرق إلى مسألة الحاكمية، بسبب اندفاعهم إلى تأويل آيات القرآن الكريم تبعاً لمعانيها الظاهرة والدلالة العامة لألفاظها، وخصوصاً الآيات التى تنص على أن الحكم لله تعالى. وما أكثر ما أسسوا عليها أحكاماً دفعتهم إلى تغييب الحسابات السياسية، وساقتهم إلى الهلاك فى صراعات غير متكافئة. وصدق رأى على بن أبى طالب فيهم، حين وصف كلامهم بأنه: «حق يراد به باطل»!.

المصدر :

الشرق الأوسط

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حق يراد به باطل حق يراد به باطل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon