البرلمان المصري يناقش تفاقم ظاهرة التنمر

ضجة أثيرت تحت قبة البرلمان المصري يتراوح صداها مؤخرًا بسبب تصاعد ظاهرة "التنمر" بالأطفال عمومًا وفي المدارس خصوصًا، حيث انهالت طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة ضد الحكومة وممثليها من وزارات التعليم والتضامن، وهو ما رصده "مصر اليوم"، الذي بين التأثيرات النفسية التي تطال الأطفال والتداعيات السلبية التي تضرب الأهالي وتصل إلى حد حالات الوفاة لأولياء الأمور أثناء المشاجرات التي تعددت دفاعًا عن أبناءهم.

الإحصائيات الأخيرة التي أعلنتها منظمة اليونيسيف أظهرت أن 70% من أطفال مصر تعرضوا للعنف والتحرش اللفظي والإيذاء البدني فيما يعمر بـ"التنمر" من قبل زملائهم في المدارس والبيئة المحيطة مقارنة بـ 40% كنسبة للتنمر ضد الأطفال في أوروبا.

في هذا الصدد تواصلنا مع عضو لجنة التعليم بالبرلمان المصري ماجدة نصر، والتي أكدت على خطورة الظاهرة، التي أكدت أنه ينتج عنها ظواهر سلبية أخرى كالتسرب من التعليم والعنف والمشاجرات بين الطلاب والمعلمين والأهالي، مشيرة إلى ضرورة تفعيل المبادرات التي أطلقها مؤخرا المجلس القومي للطفولة لمناهضة التنمر بدعم من الإتحاد الأوروبي، موضحة: بالبحث عن أصول الظاهرة سنجد أنه تدهور المنظومة التعليمية على مدار عقود من ناحية، وانهيار التربية القومية بين الأسر.

وأضافت: نرى أن تدريس مادة للأخلاقيات والمواظبة عليها في المناهج الدراسية سيكون حل سريع لإرساء قيم إيجابية مطلوبة بين التلاميذ، ونشر وعي حقيقي عبر التواصل الدائم مع أولياء الأمور لتحذيرهم من أبناءهم أن يكونوا متنمرين أو يمارس ضدهم التنمر، مطالبة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية بالتصدي للظاهرة التي قالت إنها تؤرق الأسر المصرية وأبناءهم.

النائب محمد فؤاد البرلماني عن محافظة الجيزة صاحبة الكثافات الطلابية المرتفعة، رفع طلب إحاطة غاضب ضد رئيس مجلس الوزراء، وقال أن التنمر جزء من سلسلة خبيثة ضربت التعليم المصري، منها ضعف التحصيل الدراسي والتسرب من التعليم، وصعوبة التكيف الاجتماعي، والتي تنتهي بالانتحار بين المراهقين، مستنكرا تعرض 70% من أطفال مصر للعنف والتحرش اللفظي والإيذاء البدني .

وقال لـ"مصر اليوم"، إن مصر بدأت بالفعل الالتفات إلى خطورة الظاهرة، وأن العديد من المواد الإعلامية الناضجة تدخل البيوت للتحذير من التنمر ضد الأطفال، ولكننا في حاجة لردع حقيقي ويقظة تامة مفقودة في صفوف المسؤولين عن التعليم في مصر، ليكشف: آخر حملات مكافحة التنمر تلقت 30 ألف شكوى خلال شهر واحد، و20 ألف بلاغ رسمي ، مما يؤكد أن الظاهرة تثير الرأي العام المصري كله ويجب التصدي لها.

طلب الإحاطة البرلماني الخاص بـ "فؤاد"، ورد فيه: أن الجهود المضنية لمكافحة التنمر لم تكلل بالنجاح، بعدما  انتحرت طالبة بالإسكندرية خلال هذا الشهر، بسبب تعرضها للتنمر من قبل مشرفاتها في المعهد، وفقا لما جاء في التسجيل الصوتي الذي تركته قبل انتحارها، مما دفع أهلها بعقد نيتهم مقاضاة المعهد.

وتابع: "لم يقتصر الأمر على ذلك، فقد حدث هذا الشهر واقعة فصل معلم من مدرسته في مدينة دمياط، بسبب تنمره على تلميذة أمام زملائها مطالبا إياهم بإعراب جملة "بسمة تلميذة سوداء"، وأردف "فؤاد" أن الأمر بات يتجاوز حملة اليونيسيف محدودة النتائج بمحدودية التمويل والفترة الزمنية المفعلة بها.

وطالب "فؤاد" بتوضيح سياسة الدولة في مكافحة ظاهرة التنمر، بما يتضمنه من تمكين للطلاب وخلق بيئة إيجابية مساحة آمنة لهم، لأجل الحد من ظاهرة التنمر والظواهر الأخرى المصاحبة لها والناتجة عنها، منوها إلى سرعة إحالة طلب الإحاطة إلى لجنة حقوق الإنسان لإتخاذ ما يلزم من إجراءات حياله.

ومن جانبه قال الدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن هناك عدة أسباب تكمن داخل الأسرة تجعل الطفل يقوم "بالتنمر" على أصدقائه في النادي أو المدرسة.

وأوضح خلال لقائه مع فضائية "dmc" اليوم الخميس، أنه في الغالب ما يكون لدى الطفل مشاكل في الأسرة أو يواجه العنف والقسوة من والديه أو محاولة المقارنة المستمرة بين مستواه الدراسي ومستوى شقيقه في الأسرة وأن كل هذه العوامل تجعل الطفل "متنمر"ويقوم بإخراج هذا الكبت على أصدقائه في المدرسة

وأكد "هاني" أنه يجب أن نعطى الثقة بالنفس للطفل الذي يتعرض "للتنمر" بحيث يقدر على مواجهة أصدقاءه ونساعد على تنشيطه عن طريق الرياضة أو الفنون وإذا لوحظ بأنه منطوٍ يجب أن يتم دعمه اجتماعيا عن طريق إشراكه في المناسبات والحياة الاجتماعية وأن  تتدخل المدرسة لإبعاده عن الفصل الذي يتعرض فيه للتنمر من بعض الموجودين به