توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوضح لـ"مصر اليوم" اختلاف المأكل والمشرب والسلوك

حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار

الدكتور حسان حلاق
بيروت ـ غنوة دريان

أصبح الطابع الرمضاني الذي كان يهيمن على بيروت قبل عقود، شيئًا من السراب، بحيث بدأت تتبدل العادات لدرجة اندثارها، إذ لم تعد تطغي على أجواء بيروت كما السابق، وبالتالي فإن ما بقي من بعض تلك العادات هو في طريقه إلى الزوال أيضًا.

ويحاول أهالي بيروت قبل بدء موسم الصوم استرجاع عادات رمضان القديمة، حيث يجتمع أفراد العائلة في آخر يوم عطلة قبل رمضان، ليحتفلوا بـ "سيبانة" رمضان، فيذهبون إلى البساتين مزودين بلحوم الشواء ومعداته والنراجيل والفحم ومنهم من يذهب إلى المطاعم، ليقوموا في اليوم التالي ويستقبلوا أول أيام رمضان المبارك،  وعلى الرغم من تلك المحاولات، إلا أنّ كلل شيء تغيّر فأصبحت العائلات تكتفي بتمضية السهرات الرمضانية، كل في منزله حيث تفضّل مشاهدة البرامج التلفزيونية المنوّعة التي تعرض على الشاشات في هذا الشهر، ولا سيما أن الأعباء وظروف الحياة الضاغطة تبدّلت ولمْ يعد بإمكان هذا المواطن أن يحتفل بهذا الشهر الفضيل كما يريد نظرًا للوضع المعيشي المتردي.

ويحنُّ عدد لا يستهان به من أهل بيروت إلى الماضي ويشتاق إلى تلك الذكريات التي يطلق عليها "أيام الخير"، فيستاء من الظروف الاجتماعية التي باتت تحول دون زيارة الأخ لأخيه، إضافة إلى الظروف الاقتصادية التي أصبحت تحتم على العائلة الواحدة إتباع ميزانية خاصة لهذا الشهر نظرًا لارتفاع أسعار السلع دون حسيب أو رقيب.

ويشتاق أهل بيروت واللبنانيون عمومًا لـ رمضان "أيام زمان"، ولتسليط الضوء على العادات والتقاليد الرمضانية التي يفتقدها اللبنانيون، يشر المؤرخ والأستاذ الجامعي الدكتور حسان حلاق الصورة الرمضانية في لبنان بين الأمس واليوم، وفي هذا الإطار يشير إلى أنّ "العادات اللبنانية القديمة كانت لها سمات وخصائص تعود بجذورها إلى العادات والتقاليد العربية والإسلامية إلاْ أن رمضان هذه الأيام فقد وهجه ورونقه اللذين كان يتسم بهما في القدم فالأجواء الرمضانية نفسها بين العادات الاجتماعية والشعائر الدينية وحتى الحلويات الرمضانية التي كانت علامة رمضانية فارقة، لا بد من أن ترافق هذا الشهر الفضيل ولكنها اليوم اندثرت ولمْ يعد لها وجود".

ويصف د. حلاق الأسواق قبيل شهر رمضان في ذلك الزمن بالحركة التي لا تهدأ، لافتًا إلى أنه "كانت تزدهر وتنتعش ابتداءً من نصف شهر شعبان وتزداد ازدهارًا قبيل أيام قليلة من رمضان المبارك، ولكن إضافة إلى الأسواق العادية الموجودة طوال أشهر السنة في لبنان كأسواق اللحوم والأسماك والخضار، كان لأسواق الحلويات والمشروبات الرمضانية دور فيي اكتمال الطقوس الرمضانية الغذائية مثل سوق القطايف الذي كان البائعون فيه متخصصين في صناعة القطايف من دون أن تغيب عن كل المناطق الأخرى محلات السوس والجلاب والمشروبات الرمضانية، وكانت هذه الأسواق تشكل محطة يومية للعشاء اللبناني خلال النهار وهم يتسوقون لهذا الشهر الفضيل".

ويؤكد الدكتور حلاق: "لمساء الـ29 من شعبان خصائصه وتحضيراته، إذ كان اللبنانيون يقومون بالسنة النبوية في ما يتعلق بالتماس هلال رمضان، وذلك بعد أن يتجمعوا ويذهبوا لتمضية السهرة على شاطئ البحر لرؤية الهلال بأم العين، ليقوم عدد من الرجال، بعد التماس الهلال، بالتوجه إلى دار الفتوى أو المحكمة الشرعية ليشهدوا أمام المفتي والقضاة الشرعيين شرط أن يكون الشهود من المؤمنين وذوي السيرة الحسنة، وحتى تثبت شهادتهم يعلن المفتي أن اليوم التالي هو أول أيام الصيام، أما في هذه الأيام، فقد تطورت التكنولوجيا ولمْ يعد الناس بحاجة إلى مراقبة القمر وتحوّل هذا الطقس الذي كان يسمى استبانة رمضان إلى السيبانة اللبنانية مع ما يرافقها من تبدلات، إذ أصبحت الاستبانة عبارة عن نزهة تقوم بها العائلة أو الأصدقاء، أما في اليوم الذي يسبق بداية الشهر الفضيل أو في آخر أحد من شهر شعبان، يحرص هؤلاء على تمضية اليوم في التنزه والترفيه وتناول الغداء في المطاعم".

ويوضح د. حلاق أنه "فور إعلان بدء الشهر الفضيل تملأ الفرق الدينية الشوارع من خلال مسيرات مزينة بالبيارق وهي تنشد الأناشيد الدينية والأهازيج الرمضانية، وأذكر أن هذه المسيرات ظلت تنفذ مهمتها لغاية خمسينات القرن الماضي، أما اليوم وبعد غياب هذه الظاهرة لعشرات السنوات نرى دار الأيتام الإسلامية تحاول إعادة إحيائها وبطريقة عصرية، حيث نرى الأطفال الآيتام يجولون في مواكب سيارة بأزياء تلائم الشهر الفضيل على وقع الأناشيد الدينية".

ويقول الدكتور حلاق: "من خصائص رمضان اجتماع العائلة حيث كانت لهذه الميزة في ذكريات اللبنانيين حصة ما يزال كبار السن يتذكرونها بحنين، ولا سيما آنها كانت خير لقاء إذ أنها تجمع العائلة الكبيرة والصغيرة فكانت العائلات تحرص على تبادل الزيارات وإحياء السهرات الجماعية يوميًا من دون أن يغفلوا عن الشعائر الدينية التي باتت اليوم مقتصرة على فئات محددة بعدما أهملها الآخرون، ولا سيما إقامة صلاة التراويح في المساجد بعد صلاة المغرب، كذلك كان ينتشر ما يعرف بالزوايا التي كان يزيد عددها عن الثلاثين في بيروت إضافة إلى تلك التي كانت منتشرة في المناطق اللبنانية الأخرى، وهذه الزوايا عبارة عن مكان يشبه المسجد ومخصص أيضًا لإقامة الصلاة والأذكار والاستماع إلى الأحاديث التي كان يلقيها شيخ الزاوية على الحاضرين. كما أن اللقاءات الاجتماعية تمتد إلى موعد السحور وصلاة الفجر ليعود بعدها الجميع إلى بيوتهم بعد أن ينهوا شعائرهم الدينية".

ويلفت الدكتور حلاق إلى أنّ المسحراتي كان ظاهرة رمضانية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بليالي شهر رمضان، حيث يكون عادة من أبناء الحي، فيبدأ قبل الفجر بإيقاظ الصائمين لتحضير الطعام قبل الإمساك، وكان يضرب بواسطة عصا على طبلة خاصة، في حين أنه كان يلبس الجلباب المعتاد أو القنباز والطربوش، ومن عادة البيروتي في شهر رمضان المبارك أن يستيقظ كالمعتاد بعد أن يصلي الفجر ويقرأ القرآن الكريم، بينما الشعوب الإسلامية الأخرى تستيقظ في شهر رمضان المبارك عند العاشرة صباحًا، ومنهم من يبقى طوال النهار نائمًا مقفلًا دكانه وبعد الإفطار يفتح محله ليلًا حتى قبيل السحور، ولكن البيروتي بما اشتهر عنه من نشاط وحب للعمل يستيقظ كالمعتاد متوجهًا إلى عمله أو مدرسته أو جامعته، وهنا لا بد من الإشارة والتأكيد إلى أن أهل بيروت لا ينسون شكر المسحراتي الذي سهر الليالي لإيقاظهم عند السحور فيقدمون له العيدية، حيث يقوم مسحراتي الحي أو الطبّال في أول أيام عيد الفطر السعيد بالتجوال بين البيوت والحارات لقبض هذه العيدية، وبذلك تعم فرحة البيارتة وجميع المناطق البيروتية ولا سيما حرج بيروت حيث تقام هناك أحلى المهرجانات والاحتفالات بهذه المناسبة".

وبشأن أبرز العادات البيروتية يشير الدكتور حلاق، إلى أنّ "المسلمين في بيروت في العهد العثماني كانوا يطلقون على أولادهم الذكور أسماء الشهور الكريمة رجب، شعبان، رمضان، محرم، ربيع لا سيما إذا ولدوا في هذه الأشهر بالإضافة إلى تسمية أولادهم باسم هلال، ومن عادة البيروتي أيضًا أنه في آواخر رمضان، يبدأ بممارسة "التوحيش" في العشر الأواخر منه، تعبيرًا عن تمسكه بهذا العشر الكريم، وعن حزنه بسبب قرب انتهائه فيبدأ الصائمون والفرق الدينية بالانتقال إلى المساجد يصلون ويبتهلون إلى الله تعالى، وينشدون الأناشيد التي تعبّر عن وحشة المسلم لرمضان المبارك، وما تزال هذه العادة مستمرة حتى اليوم في بعض العواصم والمدن والعربية".

وعن المأكولات الرمضانية يشير الدكتور حلاق إلى ما كان يسمى منذ العهد العثماني بـ "الزغلولية" وهو ما يعرف اليوم بـ الحدف أو البقلاوة التي كان ينهمك اللبنانيون في صفها من اليوم الأول لشهر الصيام "أما اليوم فأصبحت متوافرة بشكل دائم، ولمْ يعد الناس يبذلون جهدًا لصفها في المنازل، والأمر نفسه ينسحب على المعمول الذي لمْ يكن يكتمل العيد من دونه، إذ كانت تمضي السيدات اللبنانيات ليالٍ طويلة لصفها، وبعد الانتهاء من تحضيرها كان يأتي العامل ويذهب بها إلى فرن الحي ليخبزها ثم يعيدها ويأخذ أجرته إما قروشًا معدودة أو عددًا معينًا من حبات المعمول، وهنا يمكن القول أن هذه العادة في طريقها إلى التلاشي نظرًا إلى فقدان المعمول والكنافة إلى قيمتهما العيدية وأصبحتا متوفرتين أينما كان وفي أي وقت، أما الأهم فهو أن معظم اللبنانيات أرحن أنفسهن واستغنين عن صناعة المعمول والكنافة في البيت وما يرافق صناعتهما من إرهاق وتعب وفضلن إحضارهما جاهزين باستثناء قلة قليلة من كبيرات السن في بعض المدن والقرى يحرصن على القيام بهذه المهمة بأنفسهن".
 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار



GMT 00:21 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عائشة بنور تعلن عن صدور رواية جديدة لها

GMT 00:19 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى بسطامي يبرز قضية مفقودي الحرب الأهلية في روايته

GMT 12:21 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الأميركي ميتش دوبروينر يتحدث عن أبرز صوره مع الأعاصير

GMT 04:44 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

الفنان سلام أحمد يطرح أبرز أعماله الخزفية المميّزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار حلاق يكشف عادات بيروت الرمضانية المُهددة بالاندثار



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon