مكسيكو سيتي ـ رامي الخطيب
تعتبر ولاية كامبيتشي الوجه الخفي الغريب لمكسيك المايا، إذ يمتد ساحلها الذي يصل طوله إلى 400 كيلومتر إلى الجانب الغربي من شبه جزيرة يوكاتان بعيدًا عن شواطىء الريفييرا والأضواء الساطعة والملاهي الليلية وفنادق كانكون الكبيرة التي ظلت طويلًا في متناول المسافرين البريطانيين. "انضمت شركة
فيرجين أتلانتك إلى اللعبة هذا الصيف، إذ قدمت طريقًا جديدًا من جاتويك إلى كانكون". ولكن ما زال معظم الزوار لا يعلمون بشأن مدينة كامبيتشي الهادئة والمواقع التاريخية المهجورة والغابة التي يسهل الوصول إليها.
ويقول الخبير في هذا الشأن، ألفريدو "كان شعب المايا القديم يعتقد أنه في كل مرة تمر أمام هذا المدخل سيصغر سنك عامًا". لقد جربت الأمر ثلاث مرات على الرغم من اضطراري إلى الانحناء، من السهل إيقاف العقلانية الغربية هنا في محيط "ادزنا"الساحر؛ وهي إحدى المدن التي هجرها شعب المايا بشكل غامض منذ حوالي 1000عام.
إن القطع المهمة في المنطقة هي الهرم ذو الخمسة طوابق، والمعبد الشبيه بالقصر، وبه مجموعة من 40 بابًا وجدارًا منحنيًا فريدًا كان يسقط من فوقه شلال مياه، وهناك جمال من نوع خاص في تلك الآثار الحجرية الرمادية المرممة الموجودة بين الأشجار العشبية الواسعة في الغابات.
وتوجد في متحف "إدزنا" الصغير مجموعة من المسلات؛ وهي الأحجار المنتصبة التي كانت تسجل وتحيي ذكرى الأحداث المهمة في حضارة المايا باللغة الهيروغليفية، والرموز المنحوتة ذوات الرؤوس الممتدة والعيون المتقاطعة، كانت تلك المظاهر تعتبر قمة الجمال الجسدي عند المايا الذين اتخذوا إجراءات قاسية لتنميتها عند الأطفال المختارين.
لقد استغرقني وألفريدو الأمر خمس ساعات للقيادة من كانكون إلى ولايته، إن ألفريدو واحدًا من 90 ألف شخص "أكثر من 10% من السكان" ما زالوا يتحدثون بلغة المايا في كامبيتشي، وهو حريص على تعريف الزوار بحضارة المايا الريفية الحالية.
وعلى بعد مسافة قصيرة من إدزنا توجد قرية "إيش إك"، إذ التقينا بمجموعة من النساء اللاتي أسسن تعاونًا لإنقاذ النحل الذي لا يلسع، والذي يتم تدمير موطنه عن طريق تقطيع الخشب وحرق الغابات؛ وهم يبيعون العسل وشموع شمع العسل. إن المتحدث باسم المجموعة امرأة صغيرة مشاكسة في بداية الستين من عمرها وتدعى ليدي. وكانت هناك كومة أنيقة من الحطب وسط الأكياس والأدوات الموجودة في الباحة خارج منزلها، وبعد فحصها من مكان قريب وجدتها مثقوبة بثقوب صغيرة يجيء ويذهب عبرها سيل من النحل الصغير، أخبرتني ليدي أن النحل يُعامل كأعضاء من المجتمع فقالت "حين تكون هناك حالة وفاة في القرية نضع صليبًا على خلايا النحل لكي يفهموا حزننا".
إن عاصمة كامبيتشي هي ميناء سان فرانسيسكو دي كامبيتشي، وهي مدينة أنيقة هادئة يسكنها 250 ألف شخص، وهي هادئة إلى درجة أن صفة"كامبيتشيني" يتم تعريفها في القاموس المكسيكي بالشخص المسترخي الودود، حتى البحر كان يبدو مسطحًا وهادئًا بشكل غير طبيعي. لقد اكتسبت المدينة القديمة اعتراف منظمة اليونسكو بسبب فنها المعماري الإسباني، وهو مزيج بين منازل صغيرة ذات طابقين وقصور أكبر كثيرًا، بنيت بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، والآن تم ترميمها وطلائها بدرجات مبهجة من الألوان الأزرق والأصفر والأحمر.
والميدان المركزي الكبير هو ميدان "زوكالو" ؛ إذ توجد الكاتدرائية التي يظهر على تصميمها الخارجي آثار التلف الناتج عن نسيم البحر المحمل بالملح. ويوجد حصن سان ميجيل على المرتفعات فوق كامبيتشي، وبه مدافع وخندق وجسر متحرك، ويطل على الخليج. كما يوجد متحف رائع صغير لحضارة المايا، تتضمن كنوزه تماثيل صغيرة مفصلة وجدت في موقع للدفن في جزيرة جينا المجاورة.
احتفلتُ وألفريدو بمشاهدة الآثار في هذا اليوم، وهو مجهود إلى حد ما في الرطوبة الشديدة، بتناول شراب المارجريتا المنعش، ولحسن الحظ يمكن اعتبار ذلك كبحث لأن كلمة "كوكتيل" تمت صياغتها هنا، حين اكتشف القراصنة البريطانيون أن المشروبات المحلية تقدم مع ريشة ذيل طائر للتقليب.
لقد أخفت كامبيتشي أضواءها مقارنة بالأماكن الممتعة في يوكاتان، مثل كانكون وريفييرا مايا أو مواقع المايا النامية مثل "شيشان ايتزا" و"اوكسومال". وتم افتتاح مشروع في مدينة "آك بال"التي تبعد 30 دقيقة إلى الجنوب عن كامبيتشي، والتي تقع بجوار أحد الشطآن الرملية البيضاء التي تقاطع أشجار المنغروف الساحلية، ومن المفترض ضم وحدات سكنية ومطعم شاطئي إلى الفنادق خلال العامين المقبلين.
ويتطلب الوصول إلى معالم كامبيتشي الرئيسية القليل من البحث، وينطبق هذا بالتأكيد على "كالامول" التي تبعد أربع ساعات عن كامبيتشي أي عند الحدود مع جواتيمالا تقريبًا، هنا ترقد بقايا مدينة كانت في أحد الأيام موطنًا لـ 50 ألف شخص، تم ترميم نسبة قليلة فقط من مبانيها مما يترك المساحة للنباتات والحيوانات.
وأشار ألفريدو إلى شجرة يطلق عليها "بالو دي جرينجو" بسبب جذعها الأحمر الذي يتفتت بحرارة الشمس، وكانت هناك نمور ونسور في مكان ما في محيط اللون الأخضر، وكانت هذه كامبيتشي الحقيقية، وإذا قمت بزيارة"إدزنا" الواعدة بسر الشباب الخالد، فاستعد لاستكشاف أكثر.
معلومات حول السفر:
الوصول إلى هناك:
سافر ميك ويب عن طريق شركة "فيرجين أتلانتيك"التي تقدم رحلات مرتين أسبوعيًا من جاتويك إلى كانكون، وتقدم الخطوط الجوية البريطانية رحلات من جاتويك، بينما تقدم شركة طومسون للطيران وشركة طوماس كوك رحلات خاصة.
التنقل هناك:
تقدم شركة "فيرجين" للعطلات أسبوعًا شاملًا في"رويال هايداواي"، إضافة إلى جولة لسبعة أيام في يوكاتان شاملة كامبيتشي بدءًا من 899,2 جنيه إسترليني شاملة الرحلات.
الإقامة هناك:
تتكلف الغرف المزدوجة في فندق "هاسيندا بويرتا" 180 دولارًا "120 جنيهًا إسترلينيًا".
وتتكلف الغرف المزدوجة في "دون جوستافو" 180دولارًا "120 جنيهًا إسترلينيًا".
ولا يشمل أيهما الإفطار.
للمزيد من المعلومات:
مجلس السياحة لولاية كامبيتشي، والمكسيك للسياحة.
أرسل تعليقك