توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أعباء تقديس "الأمومة" في مجتمعنا

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - أعباء تقديس الأمومة في مجتمعنا

لندن ـ وكالات
تؤكد كثير من الدراسات أن المجتمعات التي تقيم رابطًا زوجيًّا واهيًا، تمنح أهمية خاصة لعلاقة الأم بابنها، وربما تمثل مجتمعاتنا هذا من خلال الأهمية التي لا تجدها المرأة إلا عندما تصبح أمًّا متقدمة في العمر، تستعد لتزويج أبنائها، أي أن المرأة التي في طبيعة حياتنا تفتقر إلى كثير من التقدير والاحترام في شبابها، لا تجد قيمة لأدوارها في الحياة إلا بعد أن يتقدم بها العمر، وتنعزل عن زوجها، لتبدأ رحلة البحث عن زوجة لابنها، ولضعف رابط الزواج في مجتمعاتنا وجه آخر يتمثل في رأي الكبيرة “فاطمة المرنيسي” بأن “الابن الذي يرتبط بأمه ارتباطًا شديدًا يعاني بصفة خاصة من القلق بخصوص رجولته، ويتوجس خيفة من الأنوثة “. قدم “فرويد” -كعالم نفسي- تفسيره لتورط بعض الأبناء بأمهاتهم، وكيف يمكن أن تعيق علاقته بالجنس الآخر عمومًا، والاجتماعيون يدركون أن في كثير من المجتمعات يتم تفعيل علاقة الابن بأمه بهدف التحكم بالعلاقة بين الجنسيين، أي أن المجتمعات المحافظة التي تتعصب لضبط أشكال العلاقة بين الرجل والمرأة تشجع ضمن ثقافتها تورط الابن بأمه، ومعنى التورط بأن الرابط بينهما يذهب إلى أبعد من علاقة الأمومة، فهو رابط ينطوي على تمثلات أخرى أهمها أن الرجل لا يثق بجنس النساء إلا بوالدته، وأن الأم “المرأة” ستذهب إلى حماية ابنها من هؤلاء النساء، أي أنها في النتيجة تقف ضد جنسها ولا تثق فيه. وفي مجتمعنا يتحقق للأمهات قيمة مقدسة، رغم أن النكتة السعودية عن أن الرجل يخفي اسم والدته، إلا أن الواقع يثبت أن الرجل ينزع إلى تعظيم والدته وتصويرها كسيدة مليئة بالحب والرحمة والطهارة، والتأكيد على وصف الأم بالطاهرة يملئ القصائد والأمثال الشعبية، والطهر هنا بأكثر من معنى، فهي لا تخطئ ولا تحسد ولا تكره، والأهم هي لا ترتكب الخطيئة، فهي أنثى لم يعد لها رغبات في الجنس الآخر، وهذا يعود إلى أساس الفكرة بأن رابط الزواج ضعيف، لأن الأم هي الأنثى الطاهرة بالنسبة للابن، بينما الزوجة فهي واحدة من النساء الخطرات اللاتي لهن رغبة في الرجل، والتي يفترض بالأم حماية ابنها منهن. هذا أيضًا يقود إلى أن فكرة العلاقة بين الجنسين -التي تسعى المجتمعات المحافظة إلى ضبطها وتحديدها في شكل شرعي وحيد هو الزواج- تبقى علاقة مرفوضة حتى في شكلها الشرعي، أو بالأصح أن المرأة التي يخشى على الرجل منها تبقى تشكل حالة خطر حتى بعد زواجها، إلا بعد أن تكبر في العمر ويكبر أبناؤها، فحينها تصبح زاهدة في الدنيا، لا حاجة ولا رغبة لها في الرجال، فتكون الأم الطاهرة التي تستحق الطاعة والحب وقبلة اليدين. أوصى النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بالأم ثلاثًا مقابل الرجل، والذاكرة الإسلامية تزخر بالكثير من الأبيات الشعرية والأمثال والخطب التي تعظم من مكانة الأم، ومجتمعنا المحافظ لا يمنح الأم امتياز اختيار الزوجة فقط، وهو ما يذهب لتعيينه الكثير من الأخصائيين الاجتماعيين في السعودية كسبب في فشل الكثير من مشاريع الزواج، سواء انتهت بالطلاق أو ظلت قائمة شكليًّا فقط، بل إن مجتمعنا يذهب في حب الأم إلى أنه الحب الوحيد الشرعي والمقبول اجتماعيًّا، والذي يزهى به الرجل ويفتخر به، ذلك –طبعًا- مقابل تحقير الحب بين الرجل والمرأة التي ليست أمّه، تمامًا كما هو مقابل (شيطنة) هذه المرأة التي لها رغبة فيه كجنس آخر، وتمثيلها كخطر يغوي ويشكل أكبر الفتن في حياة الرجل. ليست المرأة وحدها التي تتضرر من هذا الإشكال المترتب على تقديس علاقة الابن بأمه، الرجل أيضًا يدفع من الثمن ما يعادل الضريبة المضاعفة، فهو الذي يفترض به صاحب القوة والسلطة والإرادة الحرة، بينما هو فعليًّا يرزح تحت قيد هذه الثقافة، التي سيكون أول ضحاياها بمجرد أن يحاول فك قيودها التقليدية، ويسعى إلى استقلاله الشخصي لا من أمِّه الطاهرة فقط، بل من مجتمعه الذي سيسفهه ويعيب في رجولته؛ لأنه قرر أن يعيش سلامته النفسية في علاقة صحية مع امرأة ليست هي أمُّه.
egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعباء تقديس الأمومة في مجتمعنا أعباء تقديس الأمومة في مجتمعنا



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعباء تقديس الأمومة في مجتمعنا أعباء تقديس الأمومة في مجتمعنا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon