توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيرة ذاتية لجمل (2)

  مصر اليوم -

سيرة ذاتية لجمل 2

عمار علي حسن

قبل أن أن يدخلا إلى ميدان التحرير كان الجمل والناقة يعرفان جيداً موضع خطواتهما؛ الصحارى الواسعة ودرب الأربعين، وهنا حول الأهرامات التى يلمحانها بأطراف عيونهما فى الغدو والرواح. أما هذه المرة فوجدا نفسيهما يسيران وسط جمال وخيول فى دروب لم يألفاها من قبل. وكان لا بد للغلامين اللذين يركبانهما أن يطلقا غناء فى أذنى الجمل وناقته حتى يسيرا بلا تململ فى طريق غريب عليهما، هكذا أوصى صاحب الجمل الرجل الذى اشتراهما، فنقل الوصية إلى المشترى الجديد. نظر الغلام حوله متصفحاً واجهات الشرفات والنوافذ، ثم هبط بعينيه على اللافتات الملونة للمحلات، لكنه نسى كل هذا ورفع عقيرته بالغناء: «البين جاب لى طبيخ حنضل وقال لى كُل كُل واشبع وفرّق على الغلابة الكل من بعد ما كنت فى لمة وزاين الكل صبحت غلبان ومسكين ومستحمل كلام الكل» لكن الموال ضاع وسط شحير السيارات وصفيرها حين تمرق من جانب قافلة الجمال غير عابئة بشىء، وكذلك صوت الهتافات التى تقذفها أجهزة التلفاز فى الغرف، وتنسكب من النوافذ على رؤوس المارة. ها هو شارع الهرم يتهادى تحت أقدام لا تعرف إلى أين المسير؟ وها هو شارع الجامعة، وقبتها النحاسية المستديرة الراسخة تملأ عيون الجمال فترفع إليها الهامات. وها هو شارع مراد، وكوبرى السادس من أكتوبر، ثم ميدان عبدالمنعم رياض، الذى يصب عند المتحف المصرى فى ميدان التحرير. ربما لم يتوقف الجمل وناقته وزملاؤه كثيراً عند هذا المتحف، الذى يحوى آثاراً تنتمى إلى زمن الأهرامات التى يدورون هناك حولها طيلة النهار، فهذا القطيع الذى يخور ويصهل لا يعرف قطعاً أن هذا المبنى ذا اللون الطوبى، المتراوح بين البنى والبرتقالى، به ما يأتى بالناس من آخر الدنيا ليركبوا ظهورها هناك حول تلك المثلثات الحجرية المضلعة العالية العتيقة المبهرة. أخذ يتقدم، والناقة إلى جواره، ثم بدأ يشعر بضربات متلاحقة من الغلام الذى يمتطيه. لماذا يضربه بهذه القسوة؟ لم يدر. لكن فجأة امتلأت عيناه بالأجساد الهائلة، أو التى يراها هو هكذا، تهيّب وتباطأت خطواته، فعاد الضرب المتلاحق فى سرعة جنونية يلهب عنقه من جديد، ووصلت إلى أذنه الفرقعات التى تنزل على رقبة صاحبته، فأخذ يعدو فى مساحات تتسع وتضيق. شعر أن هناك أيدى تلامسه بقسوة عن اليمين واليسار، فتوقف مصدوداً بغابة اللحم المتحمسة، والتحمت به أجساد من الجانبين، ورأى أصحابها يشبون ثم يسحبون فى قسوة الغلام الراكب فوقه، فيتخفف ظهره، ثم التفت فلم يجد صاحبته. غابت فى الزحام. إلى أين؟ لا يعرف. أما هو فعرف جيداً أين يكون؟ هنا مكان فسيح يزدحم فى بعض جوانبه بشر متعبون، يتفصد العرق من جباههم رغم برودة الجو وتتساقط من رؤوس بعضهم ووجوههم قطرات دم، بعضها صنع لنفسه دروباً متعددة الأشكال على خدودهم، وفوق ملابسهم. فى أيديهم أحجار، وفى عيونهم جرأة وحماسة. كان موقفاً جديداً عليه، لكنه لم يعنه شىء سوى أن يستريح قليلاً بعد أن هدّه المشوار الطويل، ولسعات الضربات المتلاحقة لعصا الغلام. أخذوه وربطوه فى الحاجز الحديدى الذى يفصل بين ميدان التحرير ومدخل شارع طلعت حرب، وتركوه يخور فى بطء وهدوء، لا يتماشى أبداً مع الصخب، والكر والفر الذى يشهده الميدان. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة ذاتية لجمل 2 سيرة ذاتية لجمل 2



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon