توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخلاق النكسة

  مصر اليوم -

أخلاق النكسة

بقلم: د. محمود خليل

عشيَّة 9 يونيو 1967 دخل المصريون حالة بؤس مستطير. يومها زحف المصريون بعد الخطاب الذى ألقاه «عبدالناصر» إلى الشوارع وأعلن فيه مسئوليته عما حدث وتنحِّيه عن الحكم، وطالبوه بالاستمرار فى موقعه، لكن النفس المصرية كانت تعانى من انكسار نفسى كبير. بعد أن راحت السكرة فى 9 و10 يونيو وجاءت الفكرة وقع الشعب المصرى فى فخ جلد الذات، واتهام النفس بعدم القدرة على الفعل، فعل أى شىء. مَن عاش هذه الفترة لا بد أنه سمع تلك الأمثلة التى كان يستخدمها الشعب فى تسفيه نفسه من فصيلة: «إحنا شعب زمارة تلمه وعصاية تجريه».. «إحنا شعب بيفطر فول ويتغدى كورة ويتعشى أم كلثوم». خلال هذه الفترة اشتهرت أغنية لفهد بلان يقول فيها: «أهل الهوى دايماً وأبداً مكتوب عليهم قلة الراحة»، أحبها المصريون ورددوها كثيراً واعتبروها وصفاً لأنفسهم كشعب «مكتوب عليه قلة الراحة».

أعصاب الناس كانت تهتز لأبسط الأشياء، يضحكون بهستيريا، ويبكون حتى الإغماء، ويتعاركون لأتفه الأسباب. كان البؤس يغلف حياة قطاع غالب من المصريين بخيوط تشبه خيوط العنكبوت. أسباب عديدة تراكمت وأدت إلى استغراق المصريين فى هذه الحالة، بعد هزيمة 1967. كان أخطرها أن الحرب أكلت الآلاف من شباب هذا الشعب، وأضاعت أرض سيناء، وضاعت فيها أموال البلد.. ناهيك عن «الاستيقاظ على كذبة كبرى». والكذبة كانت تتعلق بحجم قوتنا قياساً إلى قوة العدو. إعلام الستينات كان دائب الكذب على المصريين على هذا المستوى.

سادت مصر وقتها نوعية جديدة من الأخلاقيات أطلق عليها «أخلاق النكسة». ومَن عاصر الفترة التى أعقبت عام 1967، أو قرأ عن تفاصيل الحياة الاجتماعية فى فترة السنوات الست الفاصلة بين النكسة وحرب أكتوبر 1973 يستطيع أن يستوعب المقصود بهذه العبارة. وقتها ظهرت أنواع جديدة من الجرائم التى لم يعرفها المجتمع المصرى من قبل، ارتفعت معدلات الطلاق، أصبح الحلم الأكبر الذى يحرك الشباب هو حلم الهجرة إلى الخارج، بدأت ظاهرة السفر للخليج العربى للعمل تنمو وتترعرع. فى الشارع كان الناس يشتبكون مع بعضهم البعض لأتفه الأسباب، غلب عليهم السفه فى القول، والإهمال فى العمل، بالغوا فى تحقير شأن أنفسهم.

توالت السنون والمصريون غارقون فى هذه الأزمة، تسوء أخلاقهم يوماً بعد يوم، يعانون من بعضهم البعض أكثر مما يعانون من عدوهم الذى قذف بهم فى أتون المحنة، وعندما بلغت الأزمة ذروتها وقف الناس مع أنفسهم لحظة صدق تواجهوا فيها بصراحة، وأدركوا أن لا مخرج من هذه الأزمة إلا بفعل أى شىء. مَن يقرأ رواية «ثرثرة فوق النيل» يجد عبارة عبقرية جاءت على لسان أنيس زكى: «يا أى شىء افعل أى شىء قبل أن يقتلنا اللاشىء». فى هذه اللحظة بدأ المصريون التفكير فى مخرج، أدركوا أنهم مطالَبون بفعل أى شىء، قبل أن يقتلهم اللاشىء. هنالك اندفعوا إلى الشوارع مطالبين القيادة بالحرب، ودخلوا حرب أكتوبر المجيدة، وفيها تمكن الجندى المصرى من صُنع المعجزة والعبور من «اليأس إلى الرجاء».

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخلاق النكسة أخلاق النكسة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon