توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تهذيب سلوك التاجر

  مصر اليوم -

تهذيب سلوك التاجر

بقلم : د. محمود خليل

عندما تجد وضعاً خاطئاً فشلْت فى تصحيحه، فليس مطلوباً منك بذل المزيد من الجهد فى تقويمه. يكفى جداً أن تعبُر عليه وسوف يصحِّح نفسَه بنفسه. فمثل الخطأ كمثل النار القادرة على أكلِ نفسها بنفسها. أقول ذلك بمناسبة حالة الصخب المثارة حول حملة «خلّيها تصدى». لستُ أختلف بحال على الوعى الذى ولَّدته لدى المستهلك، لكن الأصل فى تراجع الإقبال على شراء السيارات يجد تفسيره فى ضعف القدرة الشرائية، بعد أن أصبح المواطن مضطراً إلى إعادة ترتيب جدول أولويات إنفاقه ليوجهها إلى الضرورات والأساسيات، ويزهد فى الكماليات.

بعض التجار يحذرون من التأثيرات السلبية لتراجع عمليات الشراء، وانضم إليهم بعض الأصوات الإعلامية التى دخلت على خط التحذير من تراجع مستوى الطلب على السيارات وتأثيره على دورة رأس المال، وما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج على صغار الموظفين والعاملين فى سوق السيارات. هى وجهات نظر بالطبع، ولكن تظل قدرة هذا النوع من الطرح على معالجة الأزمة محدودة وقاصرة، لأنها لا تتعامل مع الأسباب المباشرة التى أدت إلى إحجام المواطن عن الشراء، وجوهرها الأرباح المبالغ فيها التى أدرك المستهلك أن التجار يحصلون عليها من البيع بالغلاء والكواء.

نشاط الجمهور فى البحث عن المعلومات يتزايد عند وجود أزمات. وخلال السنوات الأخيرة واجه الكثيرون -من أفراد الطبقة الوسطى- أزمة عجز عن تدبير ثمن لشراء سيارة، جعلتهم مستقبلين جيدين للمعلومات التى تشير إلى الأرباح السماوية التى يحصل عليها تجار السيارات، وهى أرباح تقترب فى أحوال من ثمن شراء السيارة من الخارج مضافاً إليها تكلفة الشحن والجمارك والرسوم وغير ذلك. لسنوات طويلة ظل التجار يحصدون هذه المكاسب المبالغ فيها دون أى ضجر من جانب المستهلك، لأنه كان يملك القدرة على الشراء. اختلفت الأوضاع مؤخراً، واتجه المفلس إلى التفتيش فى دفاتره القديمة، فوجد فيها إشارات عديدة إلى المبالغ الهائلة التى يربحها التجار، فقرر معاقبتهم. الجمهور لا يعدم وسيلة لعقاب مَن يؤلمه. وكلما امتدت مساحات العجز زادت وخزات الألم.

حملات أخرى شبيهة بحملة «خلّيها تصدى» طفرت على السطح خلال الأيام الماضية، بعضها لم يلتفت إليها الناس بسبب سخافة فكرتها، مثل حملة «خلّيها تعنس»، وأخرى لم يهتم الناس بها بسبب تفاعلها مع سلع ما زال المستهلك يمتلك القدرة على شرائها. من الوارد أن تمتد مساحات العجز عن الشراء إلى سلع جديدة خلال الأيام القادمة لتعانى أسواقها مما يعانى منه سوق السيارات الآن. وفى ظنى أننا بصدد تحوُّل مفيد فى سلوكيات الناس. فالمقاطعة سلاح لا بأس به فى مواجهة الغلاء، بمقدوره أن يدفع التجار إلى نوع من الاعتدال فى حجم الأرباح التى يبحثون عنها. تهذيب سلوك المستهلك يؤدى فى مرحلة تالية إلى تهذيب سلوك التاجر. وبمرور الوقت سوف تعدل السوق نفسها، وتعود دورة رأس المال إلى العمل بالصورة المعتادة وبالشكل المعقول والمنطقى.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهذيب سلوك التاجر تهذيب سلوك التاجر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon