توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وصعوبة الرقص مع ترمب

  مصر اليوم -

إيران وصعوبة الرقص مع ترمب

بقلم: غسان شربل

على مدى أربعة عقود رقصت الثورة الإيرانية مع سبعة رؤساء تعاقبوا على مركز القرار في بلاد «الشيطان الأكبر». كانت الرحلة طويلة وشائكة وحافلة. شهدت تبادل ضربات وتخللتها هدنات ومفاوضات. مشهد الأميركيين رهائن في سفارة بلادهم في طهران. وتفجير السفارة الأميركية في بيروت. وركام مقر قيادة المارينز في العاصمة اللبنانية. وفضيحة إيران - الكونترا.
خلال هذه الفترة، تمكنت طهران من توظيف أحداث كبرى لصالحها. شكّل الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982 فرصة لولادة «حزب الله». ووفّر إسقاط صدام حسين فرصة لتمكين الميليشيات التي ترعرعت في الحضن الإيراني وتوظيفها في خدمة إفشال الغزو الأميركي. وشكّل انسحاب القوات السورية من لبنان في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري فرصة لتتحول إيران اللاعب الأول على المسرح اللبناني وحاجة للنظام السوري المنسحب منه. وقدم «الربيع» اليمني فرصة لإيران نفذت منها إلى رعاية انقلاب الحوثيين واستيلائهم على عاصمة اليمن وترسانة جيشه الصاروخية.
ويمكن القول إن إيران عثرت في عهد باراك أوباما على فرصة غير مسبوقة. أبرمت اتفاقاً «نووياً» مع الدول الست، وبينها أميركا، بعدما نجحت في إبقاء هجومها الإقليمي الواسع خارج دائرة النقاش والتفاوض. وبدا واضحاً أن سريان الاتفاق يتيح لها توظيف العائدات المالية الوافدة بموجبه في خدمة هجومها الذي أعلنت أنه سهّل إلحاق أربع عواصم عربية بالفلك الإيراني.
من الخطأ الاعتقاد أن إيران تستطيع أن تستكمل مع الرئيس دونالد ترمب الرقصة نفسها التي نفذتها مع أسلافه الستة. لقد غيّر ترمب لغة التخاطب داخل أميركا وخارجها. في الداخل لغة التخاطب مع الحزب الآخر ووسائل الإعلام. وفي الخارج لغة التخاطب مع دول معادية أو منافسة أو حليفة. لهذا يبدو تكرار المشاهد السابقة صعباً وقليل الاحتمال حتى لا نقول مستحيلاً. هل يمكن مثلاً تكرار أزمة الرهائن ولو على أرض أخرى؟ وهل يمكن قيام وكيل إيراني بتفجير سفارة أميركية في العالم والمخاطرة بترك بصماته هناك؟ هل يمكن مثلاً تكليف فصيل عراقي باستهداف قاعدة التنف الأميركية بصاروخ إيراني أو تكرار تفجير السفارة الأميركية في بيروت؟ من المستبعد أن نرى مجدداً هذا النوع من المشاهد، والسبب هو أسلوب ترمب وصعوبة التكهن بردود فعله والمدى الذي يمكن أن يذهب إليه.
منذ تولي ترمب الحكم فقدت إيران قدرتها على المبادرة في العلاقات الشائكة. انتقلت الإدارة الأميركية إلى الهجوم وكأنها تسعى إلى تصحيح ما ارتكب من أخطاء في العهد السابق. كان خروج ترمب من الاتفاق الذي وقعه أوباما حدثاً كبيراً خصوصاً بعدما تبيَّن أن إيران لا تستطيع النوم على وسادة الوعود الأوروبية. أرفق الرئيس الأميركي خروجه بعقوبات تصاعدية بلغت حد التطلع إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية. وفي موازاة ذلك شنت واشنطن حملة دبلوماسية غير مسبوقة رمت إلى إقناع العالم أن المشكلة مع طهران لا تنحصر في طموحاتها النووية، بل تشمل أيضاً وبالقدر نفسه سلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة عبر برنامجها الصاروخي وتحركات الميليشيات الموالية لها. وصل الأمر حد اعتبار إيران «الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم».
ولم يكن الهجوم الأميركي مجرد حملة إعلامية لتشويه الصورة. ألقت واشنطن ثقلها الاقتصادي في المعركة وصار على الدول أن تختار بين التعامل مع إيران والتعامل مع الولايات المتحدة. وأظهرت التجربة أن دولاً كثيرة وشركات كبرى اختارت الاحتفاظ بعلاقاتها مع الدولة صاحبة الاقتصاد الأول في العالم. وهكذا فرضت الإجراءات الأميركية على إيران قدراً من العزلة الدولية والإقليمية.
وسط توالي التقارير التي تفيد بأن الإجراءات الأميركية كانت موجعة هذه المرة جاء الحشد العسكري الأميركي ليدخل الأزمة في مرحلة أكثر حساسية. أعلنت واشنطن أنها حركت قوتها العسكرية استناداً إلى معلومات استخبارية أفادت بأن إيران كانت تستعد لاستهداف مصالح أميركية. اتسم التحرك الأميركي بقدر كبير من الحزم لمسه المسؤولون العراقيون لدى استقبالهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. وجّه بومبيو رسائل صارمة بينها أن واشنطن سترد بحزم على أي استهداف لمصالحها على يد إيران أو وكلائها. قال أيضاً إن بلاده ستراقب عن قرب محاولات إيران الالتفاف على العقوبات، بما في ذلك بيع كميات من نفطها زاعمة أنه نفط عراقي.
في عرض القوة الذي نفذته حيال إيران أكدت إدارة ترمب أنها لا تسعى إلى الحرب. قالت أيضاً إنها لا ترمي إلى إسقاط النظام، بل إلى دفع طهران إلى تغيير سلوكها. أوضح ترمب أنه جاهز للجلوس إلى طاولة المفاوضات إن كانت إيران مستعدة وترك رقم هاتف البيت الأبيض في عهدة الجانب السويسري. وترعى السفارة السويسرية في طهران المصالح الأميركية في إيران منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1979.
التوتر بين أميركا وإيران ليس جديداً. الجديد هو اعتراف المسؤولين الإيرانيين أنفسهم بأن العقوبات الأميركية موجعة فعلاً. لنترك جانباً التهديدات التي يطلقها مسؤولون إيرانيون والتي تعتبر أن القطع البحرية الأميركية ستكون لقمة سائغة للصواريخ الإيرانية في حال اندلاع نزاع. الجديد أيضاً هو أن ترمب لا يستطيع التراجع إذا ما أقدمت إيران على أي تحرش عسكري بقواته. خطوة من هذا النوع ستنال من صورته وحظوظه في ولاية ثانية ما لم يعقبها رد تأديبي صارم.
فقدت إيران مفاتيح المبادرة في الأزمة. العقوبات موجعة. وافتعال نزاع لخلط الأوراق يبدو خطراً. وانتظار انتهاء ولاية ترمب مكلف خصوصاً إذا واصلت أرقام الاقتصاد الأميركي تعزيز تطلعه إلى ولاية ثانية. لكن هل يمكن دائماً ضبط الأزمات الساخنة؟ وماذا لو حدث خطأ تسبب في التصعيد؟ وماذا لو تسلل طرف ثالث لإشعال الحريق؟ وماذا يحدث مثلاً لو استيقظنا ذات يوم لنجد أن المقاتلات الإسرائيلية قصفت المفاعلات النووية الإيرانية؟
يعيش الشرق الأوسط على وقع «أم الأزمات». لا غرابة أن تشعر إيران بصعوبة الرقص مع ترمب. الصين تشعر بصعوبة الرقص معه بعدما نجحت في الرقص مع أسلافه. الرئيس الصيني منزعج من مخاطبة بلاده بإملاءات عبر «تويتر». ومع ذلك تدرس بكين إبداء مزيد من المرونة لتفادي حرب تجارية قد تزرع الأشواك على طريق الحرير.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وصعوبة الرقص مع ترمب إيران وصعوبة الرقص مع ترمب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon