بقلم - جلال عارف
لم تكن الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية يوما بعيدة عن الصراعات والتنافس الذي يصل أحيانا الي صور تتجاوز ما تعارفت عليه الديموقراطيات العريقة في الغرب.
ودائما ما كان هناك حرص علي توازن دقيق بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وحرص أكبر علي الحريات بما فيها حرية الصحافة. وهو ما كان يجعل الصراع السياسي محتوما، وفي نفس الوقت يفتح الطريق دائما للحلول التوافقية التي تعبر بالمجتمع لبر الأمان .
ما يحدث الآن في أمريكا شيء آخر..
الطريق شبه مسدود بين الرئيس ترامب ووسائل الاعلام ذات التأثير. والسيطرة الجمهورية علي الكونجرس التي ضمنت لترامب عامين بعيدا عن أنياب المعارضة الديموقراطية انتهت الآن مع فوز الديموقراطيين في الانتخابات التشريعية النصفية بأغلبية مجلس النواب، والرئيس ترامب يقدم للاعلام مادة خصبة علي الدوام.. سواء بالقرارات الارتجالية (كما في قرار الانسحاب من سوريا) أو بالصراعات داخل إدارته التي يغيرها بين يوم وليلة، أو بتطورات التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة وحكاياته التي لا تنتهي.
لكن الأمر الآن يصل لحدود لا اظن ان أحدا كان يتصورها. ما يحدث بين الرئيس ترامب وبين رئيسة مجلس النواب »نانسي بيلوسي» ينقل الأمر الي عالم آخر يدار فيه الصراع بطريقة »كيد العوازل»!! رئيسة مجلس النواب طلبت من ترامب تأجيل خطابه السنوي الذي يوجهه للشعب الامريكي من منصة المجلس الي ان تنتهي أزمة الاغلاق الجزئي لبعض المؤسسات الحكومية. وترامب ـ من ناحيته ـ رد بإلغاء رحلة رسمية مقررة لرئيسة مجلس النواب وعدد من اعضائه للخارج، والحجة ايضا هي أزمة الاغلاق الجزئي التي ابقت ٨٠٠ ألف أمريكي بلا أجر، بسبب اصرار ترامب علي بناء الجدار العازل مع المكسيك ورفض الديموقراطيون منحه التمويل اللازم!! بطريقة أو أخري سيتم حل مشكلة »الاغلاق الجزئي» لكن اصل الصراع سيبقي. أمريكا منقسمة علي نفسها كما لم يحدث من قبل. الدولة العظمي تمر بفترة اضطراب غير مسبوق في حياتها السياسية. وصلت الاوضاع لحد إدارة الدولة بطريقة »كيد العوازل» التي تقود في الغالب الي سكة »آه لو لعبت يازهر»!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع