توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى عيد النصر.. هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس؟

  مصر اليوم -

فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس

بقلم : خالد منتصر

فى عيد نصر بورسعيد، أطل الآن على مشهد بديع من أجمل المناظر الطبيعية، البحر والسفن تتهادى، استعداداً للمرور من القناة، تكسر المشهد وتجعله نشازاً قاعدة عارية بلا تمثال!!، القاعدة جميلة تخبرنا بأنه ثمة تمثال بديع كان يقف عليها، إنه تمثال ديليسيبس الذى رفعوه من المكان بعد 1956، احتجاجاً على اشتراك فرنسا فى العدوان الثلاثى، ثم أخذ الأمر أبعاداً أخرى من قبيل إزالة رمز الاستعمار والعبودية وسُخرة الفلاحين.. إلخ، تغير كل شىء فى مصر وتبدّل، إلا أن موضوع عودة ديليسيبس على قاعدته صار من المحرمات، ومن قبيل الكفر والزندقة وقضية شائكة دونها الرقاب!!، من الناحية الفنية، التمثال الذى يرقد فى الترسانة تحفة ومنحوتة جمالية رائعة ستمنح المكان منظوراً بديعاً ومشهداً فريداً قلما يتكرّر فى مصر، يمسح من ذاكرتنا المنحوتات القبيحة التى جادت بها قريحة نحاتى زمن العشوائيات، والتى تجعل الفراعنة الذين علموا فن النحت للعالم ينتفضون فى قبورهم حزناً على أحفادهم، أما تاريخياً فنحن بالطبع نحترم انفعال وغضب ثوار بورسعيد المشروع وقتها الذى جعلهم يخرجون البخار المكتوم فى شكل إزالة ومحاولة تحطيم التمثال الذى ترجموه فورياً إلى رمز الاستعمار، وأحياناً الفعل الانفعالى الثورى يكون مخاصماً للمنطق، وبعد مرور السنين يتضح أنه كان أداء أوفر، لأننا لو تكلمنا منطقياً وبهدوء هناك عدة ردود على الشعارات، التى يرفعها المنادون بعدم عودة تمثال ديليسيبس إلا على جثثهم، وكأنهم فى معركة ستالينجراد!!، فالمنطق يقول لمن يتّهمون ديليسيبس بأنه أهدر حياة عشرات الآلاف من المصريين الذين دُفنوا أثناء الحفر، كان الأولى بكم أن تهدموا تماثيل من أصدر الأمر وسمح لديليسيبس بهذا، وهو «سعيد» ثم «إسماعيل»، لكن الخديو إسماعيل على سبيل المثال له أكثر من تمثال، والسؤال هل ديليسيبس هو المهندس صاحب فكرة القناة، أم أنه بائع بطاطا على شط القناة؟!

هو صاحب الفكرة، وهى حقيقة تاريخية لا يستطيع إنكارها جاحد، وإذا لم نكن قد نسينا الإساءة إلى فرنسا على اشتراكها فى عدوان 56، فلماذا نشترى منها «الرافال» الآن؟!، وهى أصبحت وما زالت أكبر دولة أوروبية مساندة لنا الآن، وأعتقد أن دور أحد مواطنيها، وهو ديليسيبس فى حياتنا أهم من دور سيمون بوليفار الذى يقف تمثاله شامخاً بجانب أهم ميدان فى مصر!!، العلاقات بين الدول لا تحكمها شعارات الحنجورى الانفعالية، ولا يعقل أن تكون الجزائر التى مات منها مليون على يد الفرنسيين أكثر مرونة مع فرنسا من المصريين الذين لم يمت منهم واحد على ألف من هذا العدد فى العدوان الثلاثى، أو حتى فى الحملة الفرنسية التى مثلما احتلتنا، كانت علامة فارقة فى حياتنا العقلية والفكرية وبداية عصر التنوير بعد الظلام العثمانى!!

تحطيم التماثيل التى تسكن الميادين لا يبنى أوطاناً، لكن يبنيها تحطيم أصنام الخرافة والجهل الذى يسكن العقول، والحقائق التاريخية لا يطمسها صراخ أو دهانات بوية أو رفع تمثال من قاعدته أو تحطيمه بمعول، فلنفكر بالمنطق والعقل حتى نرسل رسالة إلى الجميع بأننا شعب منطق وفكر وعقلانية، ولنضع على الجانب الآخر من الشارع، ومطلاً على القناة أيضاً، تمثالاً عملاقاً منحوتاً بفن وإبداع لفلاح مصرى شامخ يشير أيضاً إلى القناة، ولنكف عن مغازلة الناس بشعارات صارت فى متحف التاريخ، وليعُد ديليسيبس إلى قاعدته، ليس تمجيداً لديليسيبس، ولكن تمجيداً للمنطق والعقل ولاحترام التاريخ، احتفالنا بانتصار بورسعيد هو أن نحتفل بعودة العقل وعودة التمثال الذى لا يعنى عودة الاحتلال.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon