توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طهران التي خدعها ظلها

  مصر اليوم -

طهران التي خدعها ظلها

بقلم : مصطفى فحص

يُروى أن ثعلباً سار بعكس الشمس صباحاً، فنظر إلى ظله وقال: «عليَّ اليوم أن أصطاد جملاً»، وعندما ارتفعت الشمس قليلاً، نظر إلى ظله ثانية وقال: «يمكنني البحث عن معزاة»، وعندما انتصبت الشمس فوقه في وسط السماء نظر إلى ظله وقال: «سأكتفي بدجاجة».
وطهران التي احترفت اصطياد الفرص كل صباح في أربع عواصم عربية، اعتقدت أن بإمكان عقارب ساعتها أن تسير عكس الزمن، وأن النهار لن يبلغ منتصفه إلا وقد أكملت سيطرتها على ما تريد. إلا أنها اكتشفت متأخرة أن الزمن مهما تأخر، فإنه يسير في اتجاه واحد نحو منتصف النهار، لكن صدمتها عندما اكتشفت أنه يسير على توقيت البيت الأبيض، الذي على ما يبدو قد قرر إعادة تحديد الأحجام ورسم الأدوار من جديد في منطقة اعتاد بعض محترفي الصيد فيها أن يخطئوا في اختيار أهدافهم، وفي تقدير أحجامهم.
فباعتراف رئيس الجمهورية الإيرانية، الشيخ حسن روحاني، فإن بلاده تواجه حالياً واحداً من أصعب الظروف التي مرت بتاريخ الثورة الإسلامية، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية حديثه عن وضع الاقتصاد الإيراني بعد دخول قرار تصفير صادرات إيران النفطية حيز التنفيذ، وأنه «لا يمكن قول ما إذا كانت الظروف أفضل أم أسوأ من فترة الحرب (1980 - 1988)، لكن خلال فترة الحرب لم تكن لدينا مشكلات مع بنوكنا أو مبيعات النفط أو الواردات والصادرات، وكانت هناك عقوبات فقط على مشتريات السلاح»، وأضاف: «ضغوط الأعداء حرب غير مسبوقة في تاريخ ثورتنا الإسلامية، لكني لا أيأس، ولديَّ أمل كبير في المستقبل، وأعتقد أننا يمكن أن نتجاوز تلك الظروف الصعبة شريطة أن نتحد». تطرُق روحاني في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ الثورة الإيرانية إلى الوحدة الداخلية، يظهر إلى العلن أن التباينات، ليست فقط بين مراكز صنع القرار في كيفية التعاطي مع التهديدات الأميركية، بل ما بين الشعب والنظام، خصوصاً بعد الاعتداء الذي قام به عناصر «الباسيج» على طلاب «جامعة طهران» بعد خروجهم بمظاهرة للتنديد بقمع الحريات، إضافة إلى إغلاق مجلة «صدا» الإصلاحية، بسبب دعوتها إلى فتح الحوار مع واشنطن. فمن الواضح أن خطابات التعبئة التي يطلقها النظام تواجه ببرودة شعبية لا ترغب في التحشيد لمعركة قرر النظام أن يخوضها دفاعاً عن مصالحه، وليس عن مصالح الشعب، الذي يتعامل بمنطق قريب من الحياد بين نظامه وواشنطن، التي تهدد فعلياً باستخدام القوة المفرطة ضده. فطهران التي فشلت خارجياً أيضاً في إقناع أصدقائها الأوروبيين بمساعدتها على تصدير نفطها، راهنت على استغلال التباينات الأوروبية الأميركية لصالحها، واعتقدت أنها قادرة على جرّ أوروبا إلى اتخاذ موقف خارج سياق العلاقات التاريخية بين واشنطن والعواصم الأوروبية، فالنظام الذي لجأ إلى اختيار لعبة الثنائيات السياسية في التعامل مع أزماته السياسية عبر إعلان موقفه الرسمي «لا حرب لا مفاوضات» وصل إلى حائط مسدود بعد أن ردَّت عليه الولايات المتحدة بمزيد من الحشود العسكرية، حيث كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن وزير الدفاع الأميركي قدم مشروعاً لإرسال 120 ألف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، وترافق ذلك مع إعلان النتائج المبدئية للتحقيق الدولي حول الاعتداء على 4 سفن تجارية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات، والتي تشير إلى تورط طهران، التي على ما يبدو أنها لم تقتنع بأن المناورة عبر أساليب تكتيكية مع خصم يلوح برد استراتيجي رادع سيتسبب برد لا يحمد عقباه. فالتعنت الإيراني أمام المطالب الإقليمية والدولية بوقف تدخلاتها في شؤون جوارها، والتوقف عن إطلاق التهديدات الفارغة حول إغلاق الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب، دفع واشنطن لتحذيرها من أي خطأ أو سوء تقدير تقوم به هي أو عبر وكلائها، بأن الرد سيكون مباشراً وقاسياً.
تعلم طهران أن ظلها في العراق قد تقلص، وأن الجدل العراقي الرسمي والشعبي في كيفية تحييد العراق عن تداعيات حرب محتملة، كما أن حاضنتها في لبنان غير مستعدة لتحمل أعباء مواجهة تعيد إلى ذاكرة اللبنانيين مأساة حرب 2006، خصوصاً أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية خانقة تحتاج إلى استقرار سياسي وأمني من أجل تجاوزها، فيما جماعة الحوثي ستفقد القدرة على المبادرة في حال تعرضت لضربة عقابية أميركية رداً على أي تحرش عسكري تقوم به، وتبقى سوريا التي يخضع فيها الانتشار الإيراني للشروط الروسية، التي لم تقم دفاعاتها الجوية حتى اليوم بردع الطيران الإسرائيلي الذي يقوم باستهداف مستمر للقواعد الإيرانية في سوريا. وعليه لن تستطيع طهران هذه المرة الخروج إلى الصيد مستخدمة أدواتها المعتادة، بعدما قرر صيادون آخرون تغيير قواعد المواجهة.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران التي خدعها ظلها طهران التي خدعها ظلها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon