توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقالة ظريف... انقلاب الثورة على الدولة

  مصر اليوم -

استقالة ظريف انقلاب الثورة على الدولة

بقلم - مصطفى فحص

لم تكن استقالة ظريف مفاجأة، إنما المفاجأة كانت بشكلها الذي يحمل مضامين متعددة، فالوزير المحاصر في الداخل، والمحبط من الخارج، لم يقدم استقالته حتى لرئيسه ولا للقيادة، بل للشعب الإيراني، معتذراً منه على تقصيره في خدمته. ففي مضمون استقالته أيضاً رسالة إيرانية للداخل والخارج بأن النظام الذي امتلك طابعين (الثورة والدولة) قرر إنهاء الثاني لصالح الأول، فالثورة في عامها الـ40 مصابة بشيخوخة مبكرة وترهل يجعلها مجبرة على تغيير طبائعها لتضمن استمرارها، وفي مرحلة متوترة من العلاقة مع جوارها الإقليمي ومع المجتمع الدولي بات خيار النظام المواجهة، لذلك تأتي الاستقالة ضمن السياقات الجديدة التي ستتبناها القيادة الإيرانية في علاقتها مع المجتمع الدولي، وضمن خطواتها في إعادة ترتيب بيتها الداخلي مع اقتراب موعد الإعداد لما بعد الرئيس روحاني وفي حسم الخيارات لخلافة المرشد.
خارجياً، تعتبر الاستقالة نهاية فاشلة للرهانين؛ الأول داخلي أعطى الفرصة لجهود ظريف الدبلوماسية في إمكانية تفكيك التماسك الدولي في التعاطي الموحد ضد إيران، ففشل رهانه على الأوروبيين الذين أبدوا تعاوناً محدوداً لا يفي بالغرض الإيراني من جدوى التعاون معهم، فلم تفلح أوروبا في فك الاشتباك الإيراني الأميركي بعد خروج الرئيس ترمب من الاتفاق النووي، كما أنها عجزت عن تقديم المخارج الممكنة لفك عزلة إيران المالية والاقتصادية نتيجة العقوبات الأميركية، أما الثاني فهو خارجي، وهو إقرار بفشل الرهانات الأوروبية على قدرة جواد ظريف إقناع النظام الإيراني تقديم تنازلات بناءة تساعد أوروبا على إقناع الولايات المتحدة تخفيف شروطها التفاوضية مع النظام، فقد كانت أوروبا ترى في ظريف الوجه الناعم الذي يمكن تسويقه دولياً، باعتباره يمثل الطبيعة الأخرى للنظام، أي الدولة التي تبحث عن دور بمواجهة طبيعة الثورة التي تمارس النفوذ.
داخلياً، تعتبر استقالة جواد ظريف من منصبه إيذاناً بعودة الدبلوماسية الإيرانية بكل تفرعاتها إلى بيت المرشد، حيث من المحتمل جداً أن يعاد طرح اسم مستشار المرشد للسياسة الخارجية وزير الخارجية الأسبق علي ولايتي لتولي المنصب، أو الذهاب إلى اختيار شخصية مقربة من المرشد تنسجم عقائدياً مع رؤية علي ولايتي في السياسة الخارجية لإيران في المرحلة المقبلة؛ سياسة خارجية تلائم التطلعات التوسعية لوزير خارجية «الحرس الثوري» أو الجنرال قاسم سليماني، الذي بات يمثل الجناح الأقوى داخل المعسكر بين المرشد، والذي يعود إليه تحديد طبيعة النظام الإيراني في المرحلة المقبلة، فمما لا شك فيه أن الجناح الذي يمثله الجنرال سليماني، والذي يشكل تقاطع العسكريتارية مع الراديكاليين الذين يعملون على تحصين الجبهة الداخلية استعداداً لأي مواجهة خارجية أو فوضى داخلية بعد اتساع حدة التذمر الشعبي بسبب سياسات النظام، فقد فتحت استقالة ظريف الباب على مصراعيه أمام هذا الجناح من أجل إنهاء الولاية الثانية للرئيس حسن روحاني مبكراً، وإخراجه من السلطة من دون إعطائه القدرة على ترشيح وريث له، أو جعله لاعباً في اختيار الرئيس المقبل، أو في إشراكه في اختيار خليفة للمرشد، فمن الواضح أن هذا الفريق الحاصل على تغطية مرشد الجمهورية يستعد أيضاً لحسم الصراع على أعلى منصب في الجمهورية، وعلى ما يبدو أنه مهد الطريق أمام مرشح الرئاسة الفاشل السيد إبراهيم رئيسي الذي يقترب من تعيينه رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، باعتباره الشخص الأكثر انسجاماً مع رؤية «الحرس الثوري» لشكل النظام ومستقبله، الذي بات تحت قبضة العسكريتارية العقائدية.
وعليه، لم يعد مستبعداً أن تتعرض الولاية الثانية للرئيس روحاني إلى «انقلاب قصر» يفرض عليه التنحي قبل نهاية ولايته، فمنذ خروج واشنطن من الاتفاق النووي يتعرض روحاني لهجوم ممنهج من قبل المحافظين، الذين يحملونه وفريقه الوزاري مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي، إضافة إلى تهم الفساد التي وصلت حلقته الضيقة، بعدما قام القضاء الإيراني بتوجيه تهم الفساد وسرقة المال العام لشقيقه حسين فريدون، وكان عضو البرلمان السابق عن التيار الأصولي علي رضا زاكاني قد اتهم روحاني بأنه رأس الفساد، وقال: «يجب على الرئيس روحاني الذي يبحث عن مكافحة الفساد، أن يبدأ بشقيقه، ومن مكتبه، وأن يلتفت إلى حجم الفساد في وزارة النفط والعقود الخيالية التي تبرمها خارج القانون مع جهات خارجية».
ما بعد ظريف، من الواضح أن النظام الإيراني اتخذ قراره بتغيير قواعد الاشتباك، وبتفويض وجوهه الخشنة المواجهة في الخارج والداخل، الذي على ما يبدو أنه سيخضع لأسوأ مرحلة استبداد في تاريخه المعاصر.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة ظريف انقلاب الثورة على الدولة استقالة ظريف انقلاب الثورة على الدولة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon