توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عشر سنوات على غياب سمير قصير

  مصر اليوم -

عشر سنوات على غياب سمير قصير

خيرالله خيرالله

يختزل سمير قصير كلّ ما يسعى النظام السوري إلى تدميره، سواء أكان ذلك في لبنان أم في سوريا نفسها أم في فلسطين التي لا يزال شعبها يناضل من أجل إقامة دولته المستقلّة.
في الذكرى العاشرة لغياب سمير قصير اللبناني والسوري والفلسطيني وعاشق بيروت أيضا، هناك حسرة. لماذا ليس سمير بيننا اليوم كي يتأكّد أنّ كلّ ما نادى به لا يزال حلما. لكنّه صار حلما قابلا للتحقيق. فربيع بيروت زهّر في دمشق. ولبنان لن يستعيد كل حريته قبل أن تستعيد سوريا حرّيتها كاملة.

قبل ساعات من اغتياله في بيروت بواسطة عبوة ألصقت بالهيكل التحتي لسيارته، كان سمير قصير في الليلة الفاصلة بين 1 و2 يونيو 2005 يحلم بلبنان الحرّ السيّد المستقل.

كان في أحد مطاعم الجميزة يتصوّر كيف ستبلغ “ثورة الأرز”، التي كان من بين أبرز المخططين لها، سوريا وكيف ستنقذ السوريين من نظام طائفي أقلّوي امتهن إذلالهم وسلبهم كرامتهم مستخدما حزب البعث العربي الاشتراكي بكلّ ما يمثّله من تخلّف موصوف على كل الأصعدة.

تحققت نبوءات كثيرة من تلك التي تحدّث عنها سمير قصير. من كان يتصوّر مثلا أن النظام السوري سيصل إلى ما وصل إليه؟ صار هذا النظام في مزبلة التاريخ. العلّة الوحيدة لوجوده هي الدور المطلوب منه استكماله. أي الانتهاء من سوريا التي عرفناها.

كان سمير عاشقا لبيروت. لم تخيب بيروت آمال سمير قصير، فهي لا تزال تقاوم. بيروت تقاوم ثقافة الموت التي يحاول “حزب الله” الذي حلّ مكان النظام السوري فرضها على لبنان واللبنانيين، تماما كما فرضها على سوريا والسوريين، وكما سعى إلى فرضها على الفلسطينيين.

كانت حجّة حافظ الأسد أن “القرار الفلسطيني المستقل بدعة”. لذلك هناك بدعة التخلص من المخيمات الفلسطينية في سوريا، في مقدّمها مخيّم اليرموك. هذا المخيّم الذي يعاني اليوم مما عانت منه المخيّمات الفلسطينية في لبنان على يد النظام السوري.

استطاع هذا النظام، وكان سمير قصير يعرف ذلك جيّدا، تجنيد الفلسطينيين في لبنان من أجل تدمير البلد، بما في ذلك بيروت. واستطاع في الوقت ذاته تجنيد المسيحيين اللبنانيين من أجل الدخول في حرب مع الفلسطينيين.

كان الهدف واضحا كلّ الوضوح. كان الهدف وضع النظام السوري يده على لبنان. أشعل النظام السوري الحريق اللبناني، ثمّ راح يلعب دور الإطفائي، مخترعا لنفسه دورا على الصعيد الإقليمي. يتمثل هذا الدور في حماية المسيحيين اللبنانيين من جهة، و“السيطرة على مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية” من جهة أخرى. كان هذا التعبير، المتعلّق بالدور السوري في لبنان، هو الذي استخدمه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر، أواخر العام 1976، في سياق تبريره لإسرائيل الأسباب التي تدعو إلى السماح للجيش السوري بدخول الأراضي اللبنانية تمهيدا لتكريس الوصاية على الوطن الصغير.

هناك أسباب كثيرة لدى النظام السوري وغيره للتخلص من سمير قصير. هناك سمير قصير المتمرد أولا الذي يرفض تقديم أيّ تنازلات من أي نوع.

وهناك ثانيا سمير قصير الذي يمتلك رؤية. من كان يتصوّر أن لبنانيا، يستطيع في العام 2005، بعد أيام من اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه التكهن بثورة شعبية في سوريا ما لبثت أن اندلعت في السنة 2011؟

كان سمير قصير من النوع الذي لا يستطيع النظام السوري ومتفرعاته، التي من بينها النظام الأمني في لبنان في عهد إميل لحود، القبول به أو استيعابه.

كان صحفيا وكاتبا وأستاذا جامعيا من خارج المألوف. أدرك هذا النظام، الذي لا يؤمن سوى بإلغاء الآخر، باكرا دور سمير قصير في ثورة الاستقلال التي توجت بتظاهرة الرابع عشر من مارس 2005 التي أخرجت القوات السورية من لبنان.

مع انسحاب القوات السورية، راح سمير قصير يرقص فرحا في مطار بيروت بعد الرحلة الأولى إلى خارج لبنان، وكانت إلى الأردن. كان ذلك حلما مستحيلا تحقّق أخيرا بفضل رجال من طينة سمير قصير لم يتمكّن النظام السوري والنظام الأمني السوري ـ اللبناني من كسرهم.

كان لا بدّ من التخلص من سمير قصير، لأنه كان رأس حربة في التصدي لتلك الكذبة الكبيرة التي اسمها النظام السوري ولتلك الشعارات التي يروّج لها من نوع “المقاومة” و“الممانعة”.

دفع سمير قصير غاليا ثمن كشفه تلك الكذبة الكبرى التي اسمها النظام السوري. أقدم على ما أقدم عليه من خلال مقالاته في “النهار” ومن خلال مداخلاته في الفضائيات اللبنانية والعربية متسلحا بالمعرفة والجرأة في آن. كان يعرف، جيدا، ماذا يدور في لبنان، وكان على علم تام بما يجري في سوريا، وكان يعي في كل وقت أهمّية القضية الفلسطينية.

أمّا الجرأة، فكانت في التصدي لنظام قاتل في وقت كان يهيمن على كلّ شيء في لبنان من خلال أجهزته ومن خلال الأجهزة اللبنانية التي كانت في تصرّفه.

لا حاجة هنا إلى التذكير بأولئك اللبنانيين الصغار الذين كانوا ينفذون تعليمات النظام السوري، فيلاحقون سمير قصير من مكان إلى آخر في وضح النهار…

كان سمير قصير يمثل كل ما يكرهه النظام السوري. كان يمثل المثقف أولا وكان رمزا من رموز جريدة “النهار” التي استهدفها بشّار الأسد شخصيا بصفة كونها أحد الأعمدة التي يقوم عليها لبنان. لذلك، لم يكن مستغربا، أن يطلب بشار الأسد من رفيق الحريري في الشهر الأخير من العام 2003، بيع أسهمه في “النهار”. لم يكن مستغربا أيضا اغتيال جبران تويني بعد اغتيال رفيق الحريري وسمير قصير. وليس مستغربا، الآن، أن تكون “النهار” في الوضع الذي هي فيه.

فوق ذلك كله، كان سمير قصير وجها من الوجوه المشرقة لبيروت. اغتياله جزء من عملية اغتيال بيروت، وكأنه ليس كافيا التخلّص من رفيق الحريري عقابا له على إعادة الحياة إلى عاصمة لبنان تمهيدا لإعادة الحياة إلى لبنان كلّه.

في الذكرى العاشرة لاغتيال سمير قصير ما زالت بيروت تقاوم. مقاومة بيروت تشكّل أكبر هدية يمكن تقديمها لأخ وصديق كان الأكثر جرأة وشجاعة بين مجموعة نذرت نفسها للبنان وتمسّكت بثقافة الحياة، وتصدّت باكرا للنظام السوري بكلّ ما يمثّله.

ليس ما يعوّض خسارة سمير قصير. كان اغتياله ضربة كبيرة لكلّ من آمن بلبنان وسوريا وفلسطين.

ما يدعو إلى الأمل أن ذكراه لا تزال حاضرة بفضل جيزيل خوري التي، مثلها مثل سمير، لم يتزعزع فيها يوما الإيمان ببيروت، بل زادت محبتها للمدينة محبّة وعزيمة… على الرغم من غياب الزوج والصديق والملهم.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشر سنوات على غياب سمير قصير عشر سنوات على غياب سمير قصير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon